ما هو المقصود بالشخصية المعاصرة، وكذلك ماذا نقد بالشخصية الزينبية، نحن نعيش في عالم جديد، متسارع، متنوع ومتعدد الأهداف والغايات، وهو كما نلاحظ يتجدد بشكل سريع في أنماط العيش، وبدأت النزعة المادية الاستهلاكية والشكلية تهيمن على مظهر المرأة، وتؤثر بشكل واضح على سلوكها.
فالثقافة المادية أخذت تنتشر بشكل كبير في معالم حياتنا الواقعية، والسبب يعود إلى عالم الإنترنيت المفتوح الذي راح ينقل لنا ولغيرنا جميع الثقافات وأنواع الاستهلاكيات وبكل أنماطها، وصارت النساء وحتى الرجال، وخصوصا الشرائح الشبابية من الجنسين، يتأثرون بشكل كبير بهذا الانفتاح الذي يركز بشكل كبير على الأنماط المادية الغريبة بحجة التجديد، ومجاراة العصر، حتى لو كان ذلك على حساب قيم الإنسان.
وعندما نحاول أن نفكك هذه الحالة، وأسباب تمددها واتساعها في واقعنا المعاصر، فسوف نجد أننا نحتاج بشكل كبير إلى نمط ثقافي سلوكي أصيل للمرأة المسلمة، حتى تستطيع أن تحمي نفسها من التأثيرات الثقافية المغرضة التي تسعى إلى سلب شخصية المرأة، وتقييدها بأشكال مادية غريبة بحجة قضية التجديد والعصرنة، وهي حجج واهية لا يمكن لها الصمود في أرض الحقيقة.
فنحن كما نعتقد أن معالجة هذا المد الثقافي المادي الهائل، الذي تبثه آلاف أو ملايين المنصات الإلكترونية الخبيثة، تحتاج منا إلى صنع البديل الثقافي الأخلاقي خصوصا بالنسبة للمرأة المسلمة المعاصرة، فمثلا هناك هجمات كثيرة ومتواصلة على الحجاب، ومحاولات كبيرة ومستمرة على الانتقاص من المرأة المحجبة، ووصفها بالضعف والتردد.
إلا أن الواقع أثبت خلاف ذلك تماما، وأصبحنا نجد الشخصيات النسائية المؤثرة، حيث تشكل نموذجا ساطعا ومؤثرا من حيث السلوك المنضبط، مما يؤكد أن الشخصية الزينبية يمكن بناءها بشكل دقيق في عصرنا هذا، لكننا في الحقيقة نحتاج إلى موجات تثقيف مستمرة ومتميزة في الواقع وليس في العالم الافتراضي وحده.
نعتقد أن معالجة هذا المد الثقافي المادي الهائل، الذي تبثه آلاف أو ملايين المنصات الإلكترونية الخبيثة، تحتاج منا إلى صنع البديل الثقافي الأخلاقي خصوصا بالنسبة للمرأة المسلمة المعاصرة
فمثلا لدينا مسألة إقامة المجالس الحسينية للنساء، فهذه المجالس يمكن أن يتم استثمارها بشكل منظم وكبير ولك من خلال التركيز على نشر النموذج الزينبي في التفكير والسلوك المتجدد الذي يلائم العصر، وفي نفس الوقت تكون شخصية المرأة قوية وقادرة على مواجهة الموجات الثقافية المنحرفة التي تسعى لتخريب أفكار المرأة بحجة العصرنة والتجديد.
إذن من أهم الجوانب التي يجب توفيرها لمواجهة النزعات المادية التخريبية، أن نقوم بشكل مدروس ومنتظم بتثقيف المرأة المسلمة عبر مجالس العزاء النسوية، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فنحن لكي نصنع من المرأة المسلمة نموذجا قويا متأثرا بالشخصية الزينبية، نحتاج إلى جهود متعددة تسهم في تحقيق هذا الهدف الكبير.
فبالإضافة إلى استثمار مجالس العزاء النسوية، ونشر الثقافة الزينبية المتميزة بقوة الشخصية، وصناعة النموذج النسوي الفاعل والمؤثر في المجتمع، عبر المجالس، علينا أيضا أن نستثمر الوسائل الأخرى التي يمكنها نشر النموذج الزينبي، أي أننا يجب أن نعتمد وسائل توصيل معاصرة وقوية، ومن بينها عقد الندوات النسوية الفاعلة.
وكذلك اللجوء إلى وسائل الإعلام المختلفة، وتقديم البرامج التثقيفية التي تركز على النموذج الزينبي، من خلال الاستفادة من سيرة الحوراء زينب ودورها الإعلامي العظيم في معركة الطف، وفضح الظالمين وتعريتهم في عقر ديارهم، هذه المرأة القوية الملتزمة قدمت نموذجا عظيما للمرأة المسلمة المعاصرة التي لم تتردد قيد أنملة في مواجهة الباطل.
فالمطلوب في هذا الصدد وضع الخطط العملية المدروسة جيدا، والعمل على تطبيقها بشكل دقيق ومستدام، ويجب أن تركز على صناعة النموذج الزينبي الحديث للمرأة المسلمة، فالحجاب والالتزام والانضباط والتمسك بالقيم والعقائد والدين والأخلاق، هذه كلها قيم تضاعف من قوة المرأة وتعطيها فرصا أفضل في اقتحام الواقع الفعلي.
مع التعرف الدقيق على العالم الافتراضي، والمشكلات والأمراض الكبيرة التي تسعى المنصات الإلكترونية إلى بثها عبر الإنترنيت، كي تتأثر بها النساء المسلمات، فكلنا نعرف أن هناك جهات تسعى لتدمير الشخصية المسلمة، وتسخر من الحجاب، ويتم منعه في بعض الدول، وهذا كله يشكل محاولات لتحطيم شخصية المرأة وجعلها سلعة كالسلع المادية الأخرى الكثيرة في عالم اليوم.
الاستفادة من سيرة الحوراء زينب ودورها الإعلامي العظيم في معركة الطف، وفضح الظالمين وتعريتهم في عقر ديارهم، هذه المرأة القوية الملتزمة قدمت نموذجا عظيما للمرأة المسلمة المعاصرة التي لم تتردد قيد أنملة في مواجهة الباطل.
لذا نحن في حالة مواجهة أشبه بالحرب لكي نصون العقل النسوي الجمعي من موجات الانحراف الواضحة، وكلها يتم بثها إلكترونيا بشكل مدروس وموجَّه للعقل النسوي للمسلمات، فهذا يستدعي استعدادات كبيرة وقوية ومدروسة لنشر النموذج الزينبي بأوسع المديات، حتى تكون المرأة الزينبية المسلمة قادرة على أن تكون امرأة معاصرة وملتزمة في ذات الوقت.