مشكلة السمنة من المشكلات العصرية التي تعاني منها المجتمعات نظرا للكثير من العوامل التي حتمت على الاسر اتباع أنماط معيشية جديدة من بينها تناول الاكل في الخارج وعدم مراعاة الجوانب الصحية في الوجبات المتناولة، وهو ما أدّى الى زيادة الوزن بالنسبة لجميع افراد العائلة لاسيما الأطفال الذين سيكونون محور مقالنا هذه المرة.
الأطفال يرافقون الاهل في جولاتهم الى المطاعم لتناول الأطعمة بنَهَم دون الالتزام بالتعليمات الصحية، فليس كلّ ما يتناوله الكبار يصح أن يكون طعاما مناسبا للأطفال، هنالك الكثير من الفوارق لا يتم مراعاتها من قبل الاهل عند توصية الوجبات الى المنزل او في الخارج، فتجد الطفل الذي لا يتجاوز عمره الخمس او ست سنوات، وربما اقل من ذلك يأكل من نفس المائدة التي يأكل منها الشخص البالغ من العمر أربعين او خمسين عاما او اقل او أكثر.
لكل جسم او مرحلة عمرية نوعية من الاكل ينصح الفرد بتناولها، فليس من الصواب ان يجتمع الأطفال والكبار على طاولة طعام واحدة، وبالتالي تنتج الكثير من المشكلات التي تأتي في مقدمتها مشكلة السمنة لدى الأطفال، وكثيرا ما نشاهد أطفال بدينين يرافقون اهلهم، وربما يتساءل البعض عن سبب اهمال الأهالي هذه المسألة التي تعد من المسائل الضرورية المتعلقة بحياة أبنائهم.
الأطفال في سن مبكرة لا يعرفون مصلحتهم ولا يميزون ما يضرهم وينفعهم في الكثير من الحالات، ولا يقل شأنا الاكثار في الاكل او عدد وجبات الطعام دون منع او تحذير من الاهل الذين يبحثون فيما بعد عن طريقة مناسبة لفقد الوزن الزائد، فتجدهم تارة يذهبون الى متخصص في النظام الغذائي، وتارة أخرى يتنقلون بين القاعات الرياضية بحثا عن المدرب الناجح في التعامل مع هذه الحالات.
علاقة السمنة ببعض الامراض:
تعد مشكلة السمنة وزيادة الوزن من أخطر المشكلات الصحية التي يعاني منها الكثير من الأطفال والمراهقين، وتكمن خطورتها في ارتباطها باحتمالية الإصابة بأمراض مزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول، وكذلك السكري وآلام المفاصل.
الأطفال في سن مبكرة لا يعرفون مصلحتهم ولا يميزون ما يضرهم وينفعهم في الكثير من الحالات، ولا يقل شأنا الاكثار في الاكل او عدد وجبات الطعام دون منع او تحذير من الاهل
ويشكّل الأمر تحديا مرهقا، خاصة للأهل الذين يدركون من ناحية مدى خطورة المشكلة، لكنهم من ناحية أخرى يحرصون على تعزيز ثقة الطفل بنفسه وإشعاره بقبولهم غير المشروط بغض النظر عن وزنه، مما يجعل الحديث عن المشكلة معه أمراً في غاية الحساسية.
فالطفل الذي يعاني من سمنة مفرطة يتحول في اغلب الأحيان الى طفل كثير التحسس مما يعانيه من وزن زائد، ينتج عن هذا شعور غير مريح لدى الأطفال يأتي من تغير المظهر الخارجي لهم.
الوزن الزائد والصحة النفسية:
في دراسة نشرت عام 2023 شملت أكثر من 18 ألف طفل من المملكة المتحدة وجد الباحثون أن زيادة رضا الأطفال عن مظهرهم وثقتهم بذاتهم منذ مرحلة المراهقة المبكرة يمكن أن تساعد في الحماية من الآثار السلبية لزيادة الوزن على صحتهم العقلية.
ووفقا لحنا كريس المؤلفة الأولى للدراسة، فعلى الرغم من أهمية الحفاظ على وزن الطفل الصحي ينبغي ألا يحدث ذلك على حساب صحته العقلية أو عبر وصم الوزن الزائد، مما يؤدي إلى تدني الثقة بالذات ويترك آثارا سلبية طويلة الأمد.
فالزيادة غير الطبيعية في الوزن بالنسبة للأطفال يجعلهم عرضة الى المزيد من المعاناة اليومية، نأخذ على سبيل المثال ما يتعرض له العديد من الأطفال من حالات تنمر ومضايقات بسبب عدم القدرة على المشاركة في الفعاليات والنشاطات الرياضية، وفي المحصلة النهائية يحدث تأثير على الصحة العقلية للطفل.
والمفارقة أن الطفل قد يجد نفسه حبيسا في دائرة مغلقة، فالضغوط التي يتعرض لها نتيجة زيادة الوزن تدفعه إلى البحث عن الراحة في الطعام، وهو ما يؤدي إلى زيادة أكبر في الوزن، مما يشعره بالعجز عن تغيير عاداته الغذائية.
تتنوع أسباب زيادة الوزن عند الأطفال والمراهقين، فتشمل أسبابا وراثية أو هرمونية أو أسبابا سلوكية ترتبط بتناول سعرات حرارية زائدة مع نقص النشاط البدني، خاصة مع زيادة الساعات التي يقضيها الأطفال أمام الشاشات، وهناك أيضا أسباب اقتصادية واجتماعية تعود إلى انخفاض دخل الأسرة، وعدم قدرة أبنائها على الوصول إلى الطعام الصحي أو أماكن التمرين.
كيف تساعد طفلك على التخلص من الوزن الزائد؟
قبل أن تبدأ في مساعدة طفلك على إنقاص وزنه يجب أن تتأكد أولا من احتياجه لذلك، لا يكفي أن تقوم بحساب مؤشر كتلة الجسم، خاصة أن الأطفال يحتاجون لتناول ما يكفي من الغذاء للنمو والتطور السليم، وهو ما يعني أن الحد من السعرات الحرارية التي يتناولها الطفل في حالة عدم وجود حاجة حقيقية لتخفيض الوزن يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على نموه.
إذا كنت تشك في معاناة طفلك من زيادة الوزن فالخطوة الأولى هي زيارة الطبيب الذي يمكنه تقييم الحالة، فغالبا ما يركز الأطباء على عدم اكتساب المزيد من الوزن بدلا من التركيز على فقدانه كي يتمكن الوزن من اللحاق بتزايد الطول المتوقع.
من المهم أن تراعي تعزيز الجانب النفسي لدى طفلك، وينصح الخبراء بألا يتركز حديثك بشكل مباشر على خفض الوزن، ولكن حول الحفاظ على الصحة العامة كي لا تعزز الوصم بشأن الوزن الزائد.
احرص على التزام العائلة بأكملها بسلوكيات صحية كي لا يشعر الطفل بالتمييز أو العزلة، فالذهاب في نزهة عائلية تتضمن نشاطا بدنيا مثل السباحة أو ركوب الدراجات والتخطيط معا للوجبات الصحية أنشطة تشعره أنكم في فريق واحد، في حين أن الضغط عليه لفقد الوزن قد يشعره بنوع من الخصومة.
من المهم أن تراعي تعزيز الجانب النفسي لدى طفلك، وينصح الخبراء بألا يتركز حديثك بشكل مباشر على خفض الوزن، ولكن حول الحفاظ على الصحة العامة كي لا تعزز الوصم بشأن الوزن الزائد
ضع أهدافا يومية صغيرة وقابلة للتحقيق كي لا يصاب الطفل بالإحباط أمام الأهداف الكبيرة، ابدأ على سبيل المثال بالمشي يوميا لمدة نصف ساعة، ومع التدرج يمكن زيادة فترة وقوة النشاط البدني، وينصح كذلك بإشراك الطفل في أنشطة رياضية غير تنافسية نظرا لتأثيرها النفسي الإيجابي في تعزيز الثقة بالنفس مع التأكد من مناسبتها لطفلك فقد يجد الطفل الذي يعاني من السمنة أحيانا نوعا من الإحراج والصعوبة في ممارسة أنشطة رياضات معينة، وبالإضافة إلى الرياضة شجع الطفل على المشاركة في أنشطة أخرى مثل العزف أو الرسم وغيرها، حيث تنمي الشعور بالثقة وتساعده على التعبير عن مشاعره.
وضع الدين الإسلامي قاعدة حياتية غاية في الأهمية، وهي “لا إفراط ولا تفريط”، ويمكن ان تنضوي جميع الأمور المتعلقة بالحياة اليومية تحت هذه القاعدة، فعدم الافراط في تناول الاكل يخلق كيان وبنية فردية مبنية بشكل صحيح قادرة على ان تكون الشخصية منتجة ومفيدة في الأوساط الاجتماعية.