أتخيل حجم الغيض المتعاظم من الأمن والاستقرار حول مراسيم إحياء عاشوراء في مختلف أنحاء العالم، فقد رفرفت راية الإمام الحسين في القارات الخمس بالعالم، وفي أعالي الجبال، والادغال، والصحاري والقفار، وباتت المواكب الحسينية تجوب شوارع لندن و واشنطن، ومدن اوربا وأميركا وكندا وحتى اليابان، فضلاً عن البلاد الإسلامية.
الشعائر الحسينية بمختلف اشكالها وصورها تتحدى التشكيك والضغوط والاستفزازات، وحتى التهديدات بالموت، وتجاوزت هذه العقبة لتتحول الى ايقونة لدعاة الحرية والكرامة الإنسانية في العالم، و راح أبناء الديانة المسيحية يترنمون بذكر الامام الحسين، واستذكار مصيبته وقضيته.
لم يختر أحفاد يزيد والمنهزمون عبر التاريخ، مكاناً مأزوماً يتحدى فيه أصحاب المواكب الحسينية الضغوط المحيطة، كما حصل في الكويت وفي أفغانستان وفي السعودية واليمن، ففي هذه البقاع الحسينيون في موقع قوة، فأي هجوم عليهم يتحول الى مظلومية مدوية، ويعزز مواقف التحدي، وتحشيد المزيد من الجهود لمواصلة العمل في الشعائر الحسينية، لذا تم اختيار مدينة هادئة في بلد خليجي طالما عُرف بالحياد والاستقرار من الناحية الطائفية، فضلاً عن السياسية، وهي؛ سلطنة عمان، فنسمع خبراً عن تعرض موكب للجالية الباكستانية لهجوم بالسلاح الناري يودي بحياة أربعة من المعزين واصابة اكثر من عشرين شخصاً، وربما يكون عدد الشهداء في تزايد خلال الساعات القادمة، واللهم الشفاء العاجل لجميع المصابين في هذا الاعتداء الجبان.
هذه المرة الشعائر الحسينية ليست فقط رسالة اجتماعية وإنسانية، وإنما تحولت الى رسالة سياسية الى أهل الحكم بأن يأخذوا حذرهم من مغبة الانزلاق في مداهنة البعض من المنزعجين من رسالة الامام الحسين الإصلاحية والإنسانية
إنها الخطة رقم (3) لمحاربة الشعائر الحسينية منذ أمد بعيد، بعد المحاربة بالسيف والرصاص، ثم الحرب النفسية عبر الإشاعة والتشكيك، فعندما لا ينفع كل هذا لمواجهة شعاع هذه الشعائر المستمدة قوتها من قوة واقعة الطف، نرى اللجوء الى زعزعة الأمن والاستقرار تحت أقدام مقيمي الشعائر الحسينية ضمن خطة تكتيكية خاصة يختارون عنصر المباغتة والصدمة لمنع اتباع اهل البيت من اتخاذ إجراءات رادعة في الوقت الراهن.
الجهات الحكومية في جميع البلاد الإسلامية مسؤولة عن توفير الأمن والحرية لمن يمارس شعائره الدينية، أسوة بسائر الناس من أصحاب الديانات والمذاهب الأخرى، ممن يعبرون عن عقيدتهم دون المساس بعقائد الناس والإضرار بهم، لاسيما وأن الشعائر الحسينية لا تعبر عن مسألة مذهبية مطلقاً، بقدر ما تعكس قضية إنسانية وحضارية فهمها غير المسلمين قبل المسلمين انفسهم، مما يدعو المعنيين في العواصم الإسلامية تعلّم الدرس من الحكومات في اوربا وأميركا في طريقة التعامل مع مقيمي الشعائر الحسينية هناك، ولعل أبرزها المسيرات الجماهيرية الكبرى في شوارع بريطانيا وألمانيا وأميركا.
هذه المرة الشعائر الحسينية ليست فقط رسالة اجتماعية وإنسانية، وإنما تحولت الى رسالة سياسية الى أهل الحكم بأن يأخذوا حذرهم من مغبة الانزلاق في مداهنة البعض من المنزعجين من رسالة الامام الحسين الإصلاحية والإنسانية، والسكوت على تحركاتهم وأعمالهم الاجرامية، لاسيما اذا يصل الأمر الى حمل الأسلحة الرشاشة في بلد مثل سلطنة عمان، او التجرؤ على أي عمل عدواني ضد هيئات وحسينيات تقدم الطعام والشراب لمختلف أصناف المجتمع في كل مكان بالعالم للتذكير بمصاب الامام الحسين الذي قتل على يد أناس أبوا عليه إلا ان يموت عطشاً او يُسقى الماء مقابل الرضوخ للديكتاتورية والاستبداد والفساد.