لم تكن عاشوراء حكاية عابرة يستمتع بها عند قراءتها، ولا هي بالحادثة الغابرة يستذكرها، هذه هي عاشوراء تترجل الخطى في مواقف يستجمعها الكتاب في باقة عطرة من الأسماء: زينب بنت علي، فاطمة، سكينة أم كلثوم، الرباب ومن خلف هذا الجمع الهاشمي و كواكب التضحية دلهم بنت عمرو، طوعة، مارية بنت منقذ النوار إلى غيرها من أريج باقة الفداء التي غدت تسطع في أفق الخلود.
إن لكل ثورة رسالتين: رسالة الدم، ورسالة الكلمة (الإعلام) أما رسالة الدم فقد أداها الإمام الحسين، عليه السلام، وأصحابه الذين قُتلوا في كربلاء، والذين سطّروا بدمائهم الزواكي أروع ملاحم البطولة والتضحية، أما رسالة الكلمة فكان واجب أدائها يقع على عاتق امرأة رقيقة، تركت منزلها وأسرعت تحث الخطى خلف أخيها في رحلته إلى الشهادة، تلك المرأة العظيمة زينب، عليها السلام، فخر المخدرات التي تعلّم الرجال من سيرتها معاني الرجولة، زينب والنساء الهاشميات اللواتي شاركن في إكمال مسيرة الثائرين التي بدؤوها بالدم.
رسالة الطف لم تتوقف عند انتهاء المعركة ورفع راية النصر العسكري الزائف، فقد كان دور المرأة شاخصا رغم استهزاء الاعداء لها وعدم اعتباره، بل وتهميشه واسكاته بالسياط.
من هنا يمكن القول: أن دور المرأة لا يقل شأنا عن دور الرجل الجهادي، فقد لعبن أدواراً متعددة منها التحريض على المشاركة في القتال، ولعلَّ أوضح مثال على ذلك زوجة زهير بن القين حينما امتنع عن الإستجابة لنداء الحسين، عليه السلام، ترى ذلك الموقف الرائع الذي وقفته تلك المرأة حينما قالت :یا زهير ابن بنت رسول الله يدعوك ثم لا تجيبه ما ضرك أن تذهب وتسمع ما يقول ثم ترجع.
رسالة الطف لم تتوقف عند انتهاء المعركة ورفع راية النصر العسكري الزائف، فقد كان دور المرأة شاخصا رغم استهزاء الاعداء لها وعدم اعتباره، بل وتهميشه واسكاته بالسياط
ولعل موقف طوعة بالكوفة يدلّل على أن المرأة المسلمة الموالية، كانت حاضرةً في تلك المواقف السياسية والجهادية الى جانب الرجل، ولعلَّ هذا لم يأتِ من فراغ، وانما كانت المرأة في تلك الظروف تدرك عظم المسؤولية الملقاة على عاتقها.
مجازر وظلم وترويع وقتل وارهاب بين اظهرنا واخوتنا يستغيثون بلسان عربي مبين.
اين رجال الامة اين الحماة الكماة اصحاب الصولات؟
لم يستجب الا القليل لمن وفى الحق في رعايتهم
اليس النساء اللواتي الذين قدمن فلذات اكبادهن صونا للكرامة والمقدسات هن أنفسهن ينتمين لتلك النسوة في الطفوف، فإن الموقف واحد وان اختلف الزمان والمكان موقف الإيثار والتضحية ومساندة.