إنّ من الفجائع الأليمة التي وقعت في اليوم العاشر من المحرم هي فاجعة رض الجسد الشريف بواسطة خيل الأعداء، حيث أمر عمر بن سعد مجموعة من الخيالة بان يطأوا جسد الحسين، عليه السلام، تلبيةً لأمر عبيد الله بن زياد، مكملين بذلك أفجع الصور التي رسموها في يوم عاشوراء.
وهذا هو الثابت والمعروف عند عامة الشيعة، وعليه الأدلة العديدة والنقولات التاريخية الكثيرة – سواء عند الشيعة أو عند العامة – حيث إن الأعداء بعد قتلهم الإمام الحسين، عليه السلام، وبعد الهجوم على خيامه، وترويع النساء والأطفال، انتدبوا خيلاً تُعرف بالخيل الأعوجية؛ لتطأ جسد الإمام الحسين، عليه السلام.
وقد قام أحد المحققين بتتبع سيرة هؤلاء النفر الضال فتبين انهم كلهم من الاحساب الخسيسة والمنبت الوبيل اولاد حرام، لان حتى الذئاب لاتفعل فعلهم مع بني جنسها، فهذه مثالب اعداء اهل البيت، عليهم السلام، باقية الى عصرنا الحاضر حقدا وحسب وضيع، وصدقت العقيلة زينب ع بقولها: “ما بغضنا اهل البيت إلا اولاد البغايا”.
من النتائج والمعطيات المهمة للنهضة الحسينية المباركة هي إقامة الشعائر، والممارسات والطقوس الحسينية، المشتملة على منابر الموعظة والإرشاد، والدعوة إلى كل ما يأمر به الإسلام من الاستقامة وفعل الخير، وينهى عنه من المنكر والبغي، وهذا هو التطبيق الحي المبادئ وغايات النهضة الحسينية.
إحياء فاجعة الطف يعد من الأشياء التي تثير حفيظة الظالمين، مما حدا بهم إلى منع ذلك والتنكيل بمن يفعله، وما زاد ذلك الموالين والمحبين إلا إصراراً وعزماً على مواصلة ذلك
فقد أفرزت مثالب اعداء اهل البيت، عليهم السلام، ومن يعظمها تلك النهضة والشعائر الحسينية، ولذا نجد أن الطغاة يحاولون منع إقامة مراسم عاشوراء وما يرتبط بها؛ إما بالتعتيم والتكتيم والجفاء والإنكار، وإما بالإرهاب والمطاردة والمنع والتخويف والتقتيل؛ حتى وصل الأمر إلى تهديم القبور وقتل الزائرين، كما فعل سلاطين بني العباس، والغزاة من الوهابية، وغيرهم من الطغاة.
يقول المؤرخ والكاتب المسيحي الأمريكي فيليب حتى (۱٨٨٦ – ۱۹۷۸م): “أصبح اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي يوم حداد ونوح عند المسلمين، ففي مثل هذا اليوم أي: يوم عاشوراء – من كل عام تمثل مأساة النضال الباسل والحدث المفجع الذي وقع للإمام الشهيد، وغدت كربلاء من الأماكن المقدسة في العالم، وأصبح يوم كربلاء وثار الحسين صيحة الاستنفار في مناهضة الظلم”.
فإحياء فاجعة الطف يعد من الأشياء التي تثير حفيظة الظالمين، مما حدا بهم إلى منع ذلك والتنكيل بمن يفعله، وما زاد ذلك الموالين والمحبين إلا إصراراً وعزماً على مواصلة ذلك، بل إن الطغاة مارسوا – بالإضافة إلى القتل والتشنيع والترويع – سياسة التهجير والإبعاد؛ مما أدى إلى انتشار الفكر الحسيني وفاجعة الطف في جميع دول العالم.
وبذلك انقلب السحر على الساحر، وكأن لسان الحال يقول: كل الطرق العفيفة تؤدي إلى الحسين، عليه السلام.