تعدد وتنوع دور المرأة المسلمة بحيث لم يعد دورها يحجم في صيانة نفسها وحفظ بيتها ومال زوجها ورعاية عياله، وهذا هو ما ينتظره مجتمعنا من المرأة حتى الآن، بل اتسع هذا الدور ليشمل تثقيف نفسها وزيادة وعيها وفهم حقوقها وواجباتها، بل وحتى الوقوف بوجه الظلم والجور، وبذلك ترتقي بنفسها وبمجتمعها.
وتَجسدَ هذا الدور للمرأة المسلمة في واقعة كربلاء، فقد مثلن نساء أهل البيت، عليهم السلام، ونساء انصار الامام الحسين، عليه السلام، اللاتي حضرن كربلاء ودافعن عن الحق ورفضن الباطل، مثلن القدوة الحسنة في ذلك، حيث لم يكتفن بجهاد أبنائهن وازواجهن إمام الظلم والطغيان، بل إن البعض باشرن بالدفاع عن الإمام وأهله، عليهم السلام، بأنفسهن فنال بعضهن الهدف المنشود، ألا وهو الشهادة في سبيل الله، فدونت اسمائهن بافتخار وعزة وعظمة وإيمان في تاريخ ثورة الإمام أبي عبد الله الحسين، عليه السلام.
ففي يوم عاشوراء خرجت عدة نساء من مخيم الإمام الحسين، عليه السلام، إلى العدو مثل جارية مسلم بن عوسجة ام خلف، وهي من المؤمنات المواليات لأهل بيت العصمة سلام الله عليهم، ومن المشاهدات اللواتي حضرن ارض كربلاء ، فبعد مصرع زوجها مسلم بن عوسجة نراها تبعث ولدها خلف ليدافع عن الإمام الحسين، عليه السلام وعياله.
تَجسدَ دور المرأة المسلمة في واقعة كربلاء، فقد مثلن نساء أهل البيت، عليهم السلام، ونساء انصار الامام الحسين، عليه السلام، اللاتي حضرن كربلاء ودافعن عن الحق ورفضن الباطل، مثلن القدوة الحسنة في ذلك
ونقلا عن عطاء الله الشافعي في كتاب روضة الاحباب: لما رأى خلف مقتل أبيه برز مثل الاسد، فقال له الإمام الحسين، عليه السلام: إن خرجت وقتلت ستبقى امك في الصحاري وحيدة.
فوقفت أمه في طريقه وقالت له يا بني: اختر نصرة ابن بنت النبي، صلى الله عليه وآله، على سلامة نفسك، وإن اخترت سلامتك لن أرضى عنك. فبرز لهم وحمل عليهم، وامه تناديه من خلفه ابشر يا ولدي انك ستسقى من ماء الكوثر، فقتل ثلاثين منهم، ثم نال شرف الشهادة بعدها، وقد أرسل أهل الكوفة رأسه إلى أمه فاحتضنت الرأس وقبلته وبكت وبكى معها الاخرون.
والمرأة التي استشهدت يوم عاشوراء هي ام وهب وهي امرأة نميرية مجاهدة من المجاهدات، زوجة عبد الله بن عمير الكلبي، لما سقط مشت وجلست عند رأسه وطلبت من الله الشهادة فقتلها هناك مولى لشمرضربها بعمود على رأسها فاستشهدت، رضوان الله عليها.
وقاتلت امرأتان يوم عاشوراء وهما ام عبد الله بن عمر، التي اخذت عمود الخيمة بعد مقتل ولدها وسارت إلى الاعداء، فاعادها الإمام الحسين، عليه السلام، إلى الخيمة، والاخرى هي ام عمرو بن جنادة التي اخذت راس ولدها بعد مقتله وقتلت به رجلان من الاعداء، ثم أخذت السيف وارتجزت وهجمت على الاعداء، فاعادها الإمام الحسين عليه السلام، إلى الخيمة أيضا، وانضمت لهم بنت عمر زوجة زهير بن القين التي التحقت مع زوجها بقافلة الإمام الحسين، عليه السلام.
وشهدت كربلاء أيضا الرباب بنت امرؤ القيس الكلبي زوجة الإمام الحسين، عليه السلام، وكانت هناك ايضا امرأة من قبيلة بكر بن وائل وكانت في بداية أمرها مع زوجها في جيش عمر بن سعد، لكنها لما رأت هجوم جيش الكوفة على خيام العيال حملت سيفا وجاءت إلى الخيام وندبت آل بكر بن وائل لنصرتها.
وكان ضمن سبايا أهل البيت، عليهم السلام، زينب الكبرى وفاطمة بنت الحسن وألقت كل واحد منهن خطبة في الكوفة هزت بها ضمائرهم وابكت عيونهم.
قادت مسيرة الثورة الحسينية السيدة زينب، عليها السلام، حفيدة رسول الله، صلى الله عليه وآله، فوقفت أمام يزيد ووبخته بكلمات لم يسمع بها بنو أمية طوال حياتهم
قادت مسيرة الثورة الحسينية السيدة زينب، عليها السلام، حفيدة رسول الله، صلى الله عليه وآله، فوقفت أمام يزيد ووبخته بكلمات لم يسمع بها بنو أمية طوال حياتهم، فضلاعن خطبها التي ألقتها في الكوفة والشام، فأقامت بذلك صروح الحق والعدل ونسفت قلاع الظلم والجوروسجلت في مواقفها المشرفة شرفا للإسلام، وعزاً للمسلمين على امتداد التاريخ، فمثّلت بذلك القيم التربوية الحقة التي جاء بها الاسلام واراد أن تتجسد في المرأة المسلمة.
لقد أقامت السيدة زينب، عليها السلام، صروح النهضة الفكرية ونشرت الوعي السياسي والديني في وقت تلبدت فيه افكار الجماهير وتخدرت، وخفي عليها الواقع، وذلك بسبب ما نشرته وسائل الحكم الأموي؛ من أن الأمويين أعلام الاسلام، وحماة الدين، وقادة المتقين، فافشلتْ مخططاتهم وابطلت وسائل إعلامهم، كما دللت على خيانتهم، وعدم شرعية حكمهم وأنهم سرقوا الحكم من أهله وتسلطوا على على رقاب المسلمين بغير رضا ومشورة منهم. لقد أعلنت ذلك كله بخطبتها الثورية الرائعة في الشام والتي وضعت فيها النقاط على الحروف، وسلطت الاضواء على جميع مخططاتهم السياسية وجردتها من جميع المقومات الشرعية.