تربیة و تعلیم

كيف تعلّم طفلك مهارات التفكير النقدي؟

في ظل حياة تسيطر على جانب كبير منها منصات التواصل الاجتماعي بما قد تحمله من آراء مضلِّلة ومعلومات متحيزة وأخبار زائفة وشائعات، تحت مظلة انتشار التهكم والسخرية والانتقادات اللاذعة تجاه أي رأي مخالف للاتجاهات السائدة، فإن حماية عقل طفلك مسؤولية كبيرة يجب عدم إهمالها في أي ظرف، ولن يتحقق ذلك بمنعه من استخدام هذه المواقع، ولكن بتعليمه التفكير النقدي وجعله يتقن مهاراته.

وقبل البدء في الثيمة الأساسية لموضوع المقالة، نريد ان نعرف ماذا يعني التفكير النقدي؟

يُعرّف التفكير النقدي: بأنه عملية تحليل المعلومات وتقييمها بشكل مستقل لتحديد مدى نزاهتها ودقتها، مع القدرة على التفرقة بين ما هو واقعي وما هو غير واقعي.

 وهو أيضا، شكل من أشكال التفكير الذي يركز على المشكلات ويبحث في كيفية التعامل معها بفعالية، حيث يقوم الفرد باختبار الحلول المحتملة للمشكلات المطروحة أمامه، فيتضمن التفكير النقدي التعامل مع المشكلات المعقدة وتطوير حلول واضحة لها، كل هذا يجعل البعض يصف التفكير النقدي بأنه: عملية “التفكير في التفكير”.

ويوصف الشخص المفكِّر بطريقة نقدية، بأنه: شخص يتسم بالفضول العالي وذو اطلاع واسع، وعادة ما تكون أفكاره مرنة غير جامدة، يصدر الاحكام بصورة من الواقعية والدقة في تشخيص الخلل والاخطاء، يتوافق حكمه مع كمٍّ المعلومات التي احيط بها جراء المطالعة المستمرة عن موضوع من الموضوعات، لكن ربما هذه المواصفات والمهارات النقدية يصعب على الأطفال المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي املاكها في سن مبكرة.

يوصف الشخص المفكِّر بطريقة نقدية، بأنه: شخص يتسم بالفضول العالي وذو اطلاع واسع، وعادة ما تكون أفكاره مرنة غير جامدة، يصدر الاحكام بصورة من الواقعية والدقة في تشخيص الخلل والاخطاء

توجيه الأطفال نحو التفكير النقدي يحتاج الى عمل دؤوب ومتواصل، فهو كالعلاج يجب ان يكون على شكل جرعٍ ربما متباعدة او قريبة، لكي تأخذ مفعولها، وهنا تكون الجرعة الأولى بالجلوس مع الأطفال ومعرفة ماذا يشاهدون او يتعرضون على مواقع التواصل الاجتماعي، ومعرفة ما هو رأيهم فيما يشاهدون، فنأخذ على سبيل المثال قضية اجتماعية اخذت مديات واسعة على الشبكات الاجتماعية وهي مسألة تحرر الأبناء من القيود الاسرية.

وفي هذا الخصوص انتشرت بعض الآراء على مواقع التواصل الاجتماعي تحث الأبناء على عدم احترام الابوين او الخروج مع الأصدقاء دون اخبار الاهل، مستندين بذلك الى مظاهر العولمة التي انتشرت وغزت المجتمعات الإسلامية.

وهنا يأتي دور الاهل في تحفيز التفكير النقدي لدى أبنائهم عبر جعلهم يحللون المعلومات المسوقة على مواقع التواصل الاجتماعي وتقييمها بشكل ذاتي لتحديد مدى نزاهتها ودقتها، بالإضافة الى مدى توافقها مع تعاليم الدين الإسلامي الذي وضع منظومة قيمية الغرض منها تهذيب المجتمع الإنساني وتخليصه من الأشياء الدخيلة عليه، واراد ان تعم الفضائل والقيم السامية بدء لدى الأطفال وصولا الى مجتمع متكامل.

مع انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، أصبحت العديد من عيوب التفكير أكثر توحشًا وأعمق أثرًا، فقد تجد طفلك مقتنعا بقضية ما فقط لأنه لاحظ أن جميع الآراء المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تؤيدها، هذا بالإضافة إلى أن طفلك قد لا يقاوم إغراء أن يُعبر عن رأيه هو أيضا، حتى وإن لم تكن لديه معلومات كافية حول الأمر من دون بحث أو تدقيق هذه من ناحية.

ومن ناحية أخرى، يتيح التفكير النقدي أيضا للأطفال تكوين وجهة نظر عميقة عن العالم من حولهم، ويتضمن هذا كيفية رؤيتهم لأنفسهم وهويتهم ومنظومتهم الفكرية والأخلاقية، حيث يمكن لمهارات التفكير النقدي أن تساعد الطفل على فهم نفسه والآخرين والعالم من حوله بشكل أفضل وأكثر عمقًا.

كيف تعلّم طفلك مهارات التفكير النقدي؟

يمكنك تعليم طفلك مهارات التفكير النقدي، من خلال اتباع بعض الخطوات، والتي منها البدء بعمر صغير، بمعنى لا تؤجل تعليم مهارات التفكير النقدي حتى بلوغ سن المراهقة، إذ يمكن بدء تعزيز الوعي بالتفكير في عمر 4 أعوام، ويُشير موقع سيكولوجي توداي إلى: أن أول ما يجب تعزيزه في هذه السن المبكرة هو ما يسميه الباحثون “ما وراء المعرفة”، ويُقصد به الوعي بتفكير الفرد وعمليات التفكير، هنا يمكن للطفل تحديد الأخطاء في أنماط تفكيره، والتعرف على حدوده وقيمة ووجهات نظر الآخرين.

ومن أساليب تعليم الاطفال مهارات التفكير هو تشجيعهم على طرح الأسئلة، فالسماح هم بممارسة هذا الحق يعطيهم القدرة على تحفيز التفكير النقدي، ويعزز لديهم الثقة بالنفس في قول آرائهم حتى وان كانت تحمل نوعا من عدم الصواب، فالأهم من ذلك فإن هذه الأسئلة تسهم في إيقاد اذهان الأطفال من خلال تبادل الأسئلة، ويجب على الآباء أيضا ألا يرفضوا الأسئلة التأملية التي يطرحها أطفالهم، بل يجب عليهم تشجيعهم على التفكير مليّا في هذه الأسئلة.

تشجيع عملية القراءة، أي دع طفلك يتفاعل مع النصوص التي يقرؤها ويفكر فيها، ومن ثم مناقشة الشخصيات والأفكار في الكتب تعزز مهاراته العقلية، ويجب ان تكون عملية القراءة عملية نشطة، اذ يقوم الطفل من خلالها بالتفاعل مع النص الذي يقرئه والتفكير فيه وتحليله والتحدث بشأن الأفكار التي قرأها ومناقشتها. هنا، لا يكون طفلك متلقيا فقط بل مفكرا ومحللا، وهو ما سيساعده لاحقا في تطبيق مهارات التفكير

التدريب على اتخاذ القرارات، ساعدْ طفلك على اتخاذ القرارات من خلال طرح الخيارات والمناقشة، فضلا عن تعزيز قدرته على التعبير عن تفضيلاته واختياراته، ويمكن أن تساعد طفلك على اتخاذ القرارات بشكل بسيط من خلال سؤاله عمّا يريد أن يفعله، على سبيل المثال، هل يود الذهاب إلى الحديقة اليوم أم يُفضل الذهاب إلى المتحف؟ هل يرغب في أن يمارس السباحة أم أنه يُفضّل لعب كرة القدم؟ عليك أن تشجع طفلك على اتخاذ القرارات والاختيار من بين عدّة بدائل للتعبير عن تفضيلاته من دون الانصياع لاختيارات الآخرين.

من أساليب تعليم الاطفال مهارات التفكير هو تشجيعهم على طرح الأسئلة، فالسماح هم بممارسة هذا الحق يعطيهم القدرة على تحفيز التفكير النقدي، ويعزز لديهم الثقة بالنفس في قول آرائهم حتى وان كانت تحمل نوعا من عدم الصواب

وأخيرا: علّمه أن يكون موضوعيا ويقيّم الأفكار بدون تحيّز، وأخبره انه يجب أن ينظر للفكرة بإنصاف لتحليلها وتقييمها، وأن يترك أحكامه وافتراضاته ومشاعره جانبا، وينظر للفكرة بإنصاف، قدر المستطاع، ليتمكن من تحليلها وتقييمها.

امتلاك الأطفال هذه المهارات النقدية سيتجنبون تأثير الأفكار السلبية المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك المضامين المطروحة عبر وسائل الإعلام المختلفة، وبهذا الامتلاك، قد تم إعدادهم الى ان يكونوا قادة جيل واع قادر على مواجهة الأفكار المنحرفة التي حثت على تركها الأحاديث النبوية واقوال اهل البيت عليهم السلام.

عن المؤلف

سُرى فاضل

اترك تعليقا