الهدى – متابعات ..
أثارت قرارات الحكومة الكويتية الأخيرة موجة من الجدل والغضب بين بعض فئات المجتمع، بعدما منعت بشكل غير مسبوق ممارسة بعض الشعائر الدينية الحسينية في البلاد، وذلك في ظل الإجراءات الصارمة التي تم اتخاذها تزامنًا مع شهر محرم الحرام.
وفي خطوة مشابهة، قامت حركة طالبان في أفغانستان بإنزال الرايات الحسينية وتخريب استعدادات شهر الأحزان في المناطق الشيعية، مما يعكس إجراءات تقييدية تهدد حرية ممارسة الشعائر الدينية.
ووفقًا للدستور الكويتي الذي يكفل حرية ممارسة الشعائر الدينية، جاء قرار منع رفع أعلام العزاء الحسيني وإتلاف مواكب توزيع الطعام والشراب المجاني في أيام عاشوراء الإمام الحسين (عليه السلام) ليشكل صدمة كبيرة بين المواطنين الشيعة، الذين يعتبرون هذه الممارسات جزءًا من تراثهم الديني والثقافي العريق.
وأعرب العديد من وجهاء المجتمع والحكماء عن استيائهم من هذه القرارات واعتبروها ذات طابع طائفي، مؤكدين أن هذه الإجراءات تتناقض مع روح التعايش السلمي والوحدة الوطنية التي طالما اتسم بها المجتمع الكويتي، مشيرين إلى أن التضييق على ممارسة الشعائر الدينية يمكن أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي وتقويض اللحمة الوطنية.
وفي تصريحات أدلى بها أحد الوجهاء الذين طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، قال: “إننا نشعر بخيبة أمل عميقة من هذه القرارات، فالكويت لطالما كانت نموذجًا في التعايش بين مختلف الطوائف، ومنع هذه الشعائر يعد سابقة خطيرة قد تؤدي إلى شقاق اجتماعي نحن في غنى عنه”.
وأضاف آخر: “إن توزيع الطعام والشراب في مواكب العزاء الحسيني هو جزء من تقاليدنا التي تهدف إلى إظهار المحبة والإخاء بين الناس. منع هذه الممارسات لا يخدم إلا تعزيز الفرقة بين مكونات المجتمع.”
وفي محاوزلة للالتفاف والمراوغة، دعت وزارة الداخلية الكويتية إلى الالتزام بالتعليمات الخاصة بوضع “علم خارجي واحد” على الحسينيات في البلاد، مجددة التأكيد على ما جاء في بيان سابق لها بهذا الشأن.
وأكدت الوزارة، أمس الأحد، عبر صحفتها الرسمية على “إكس” على: “ضرورة الالتزام بما جاء من تعليمات بالاجتماع التنسيقي بين وزارة الداخلية ومشرفي الحسينيات: وضع راية أو علم خارجي واحد فقط على الحسينيات ومن غير شعارات”.
وقالت في بيان لها: “يمنع وضع الراية أو العلم على المنازل”، وختمت بالقول: “وتناشد وزارة الداخلية الجميع الي ضرورة الالتزام بما جاء من تعليمات بالاجتماع التنسيقي بين وزارة الداخلية ومشرفي الحسينيات، والتعاون مع رجال الأمن حفاظاً على سلامة الجميع”.
ونص بيان سابق للوزارة على ضرورة الالتزام بـ”عدم رفع أي راية أو لوحات قماشية أو أعلام غير علم دولة الكويت ويسمح بوضع راية واحدة فقط من غير أية شعارات على الحسينية وعدم الخروج بمسيرات”.
وأردفت الوزارة في بيانها الأول بأنها ستقوم بإزالة “أي خيام أو أكشاك يتم وضعها خارج سور الحسينيات” وأكدت أنها “سوف تقوم بتطبيق القانون بكل حزم مع كل من لن يلتزم بالقوانين المنظمة”.
وشددت الداخلية الكويتية على أن “رجال الأمن متواجدون في نطاق الحسينيات لتنظيم حركة السير وحفظ الأمن لذا يمنع قيام المتطوعين بالمشاركة بأي نشاط تنظيمي خارج سور الحسينية (كالمشاركة بتوجيه سير المركبات او تنظيم عمليات جلوس الزائرين في الساحات الخارجية)”.
وعلى الجانب الآخر، في أفغانستان، تواجه الشيعة تحديات مشابهة، إذ قامت حركة طـالبان بإنزال الرايات الحسينية وتخريب استعدادات شهر الأحزان في المناطق الشيعية، مما يعكس إجراءات تقييدية تهدد حرية ممارسة الشعائر الدينية وتعرض التعايش السلمي للخطر.
وعبّر الوجهاء والعلماء وجموع المعزين في أفغانستان عن استيائهم الشديد من هذه الإجراءات التي اعتبروها طائفية ومخالفة للدستور وحقوق الإنسان.
وتأتي هذه الإجراءات في وقت حساس، حيث تزداد الدعوات إلى الحفاظ على التعايش السلمي وتعزيز الوحدة الوطنية في كلا البلدين، ومن المتوقع أن تثير هذه القرارات نقاشات واسعة حول ضرورة احترام التنوع الديني والثقافي وضمان ممارسة الحقوق الدستورية للجميع دون تمييز.
ويطالب الكثيرون من العلماء والشخصيات الشيعية بضرورة حماية الفعاليات والشعائر الحسينية في شهر محرم الحرام لضمان أن يؤدي الناس شعائر عاشوراء بسلام وأمان، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على هذه التقاليد الدينية والثقافية العريقة.
ويبقى هذا التحدي أمام الحكومات لضمان إحياء هذه الشعائر بحرية وسلام وفقاً للدستور وحقوق الإنسان العالمية، وذلك في مسعى لتحقيق التعايش السلمي والوحدة الوطنية في مجتمعات متعددة الطوائف.