يفضل الله ــ تعالى ــ عباده بعضهم على بعض في الرزق، فيرزق بعضهم مالا، وبعضهم علما وبعضهم ذرية وكذا الحال بالنسبة لبعض انواع الرزق الاخرى، وحين يمنع، فهو يمنع لسبب وحكمة وليس في الامر ادنى شك ولا جدال.
بعض الناس لم يرزقهم الله ــ سبحانه ــ بطفل لسنوات عديدة وبعضهم لم يرزقوا بالمرة، ومن هذه النقطة تحديداً تولد الكثير من المشكلات بين الازواج، إضافة الى المشكلات النفسية الكبيرة التي تسيطر على الأزواج لأسباب عديدة سنتعرف عليها، فكيف يجب ان يكون التعامل مع مشكلة عدم الانجاب؟
اكثر ما يؤذي الزوجين اللذين حصل لهما مشكلة في الانجاب هو انهما يشعران بالإحباط وبخيبة امل كبيرة، وخيبة الامل واحدة من اكثر المشاعر المؤلمة للإنسان
المجتمع المريض هو من يجعل من الامر وكأنه مشكلة كبرى بينما الحقيقة هي مجرد تأخر لعارض صحي قد يتعالج او لحكمة ربانية، فحتى ولو لم يرزق الانسان فما عليه إلا التقبّل للامر طالما هو خارج سيطرته، المشكلة النفسية تبدأ من المجتمع المحيط حيث تبدأ الأسئلة بعد مرور اشهر قليلة على الزواج حول حصول الحمل ام لا، وهو ما يسبب حرجاً كبيراً وضغطاً نفسياً على الزوجين، مما يجعلهم منقوصي الصحة النفسية التي بدورها تنعكس على الصحة الجسمانية.
ما هي المشكلات النفسية الناتجة من عدم الانجاب؟
اكثر ما يؤذي الزوجين اللذين حصل لهما مشكلة في الانجاب هو انهما يشعران بالاحباط وبخيبة امل كبيرة، وخيبة الامل واحدة من اكثر المشاعر المؤلمة للانسان، ويتكرر الاحباط شهرياً ربما لانتظارهما لامر قد يحصل او لا، سيما مع كون المتزوجين يتأثرون بكلام الناس ويحسبون له حساب الامر الذي يعقد المشهد وينذر بشر مستطير ولو على المدى البعيد.
المشكلة الاخرى التي تنتج من عدم الانجاب هي ان الزوجان يفضلان العزلة بسبب الضغوط الاجتماعية التي يواجهانها على شكل اسئلة واستفسارات غير منطقية وليس فيها ذوق ومراعاة لوضعهم النفسي من ناحية، ومن ناحية اخرى يتجنبون مشاهد الاباء مع أطفالهم يلعبون ويمرحون مما يؤثر فيهم نفسياً، وبالتالي يفضلون عدم الحضور في مثل هذه الاماكن التي يحصل فيها مثل هذه المواقف غير المريحة.
كيف ينبغي ان يواجه الازواج مشكلة عدم الانجاب؟
اول ما يجب ان يعيه الانسان الذي لم يُكتب له الانجاب ان الله مَنَعَ عنه هذا النوع من الرزق، وعليه الإيمان بهذا ويبتعد عن السلوكيات البدوية التي تتنافى مع قيم الاسلام؛ ومنها الشعور بالعار، ونقص الرجولة وغيرها من الامور البالية التي ينبذها العقل والمنطق والدِين، وحين يتمكّن الانسان من التفكير بهذه الطريقة سيخفف الضغط عن نفسه وسيحفظ جزء كبير من صحته النفسية.
وفي طريق مواجهة عقدة عدم الانجاب ينبغي على الرجل ان يكون صلباً ويبدو غير محبطٍ ولا منهار، وهذا ما يجعله يحسّن من نفسية زوجته ويعتني بها ويرفع من طاقتها النفسية، ويجعلها تقاوم الظروف المحيطة بها، إذ أن الانسان حين يؤمن بفكرة تتولد لديه صلابة نفسية تمنعه من التأثر السلبي بما يقال حوله، وهذه فائدة قوة الاعتقاد والتسلّح الفكري الذي يوقف اعتداءات البشر وتدخلاتهم غير المشروعة.
وعلى الزوجين الابتعاد عن الاتهامات المتبادلة حول هو السبب في عدم الانجاب والتحلي بالشجاعة في اللجوء الى الأطباء وتقصي أسباب المشكلة بهدف حلها وليس بهدف لوم الآخر او توبيخه، إذ ان الكثير من الناس التزموا بعلاجات الأطباء ورزقهم الله بعد سنوات عجاف، فحين يضع الله الانسان في هذه الموضوع حتماً انه يريد اختبار صبره وقوة ايمانه ليعوضه إن ثبت امام هذا الاختبار الصعب.
في طريق مواجهة عقدة عدم الانجاب ينبغي على الرجل ان يكون صلباً ويبدو غير محبطٍ ولا منهار، وهذا ما يجعله يحسّن من نفسية زوجته ويعتني بها ويرفع من طاقتها النفسية
كما على الزوجين ان يبحثا عن أمور إيجابية تبعدهم عن التفكير في مشكلة عدم الانجاب فقط، مثلا يفكران في السفر في إجازة قادمة او سفرة ممتعة، أو بدء هواية جديدة، حيث أن إدخال أمور إيجابية جديدة داخل الحياة يساعد على التعامل بشكل أفضل مع السلبيات او تخطيها بصورة نهائية، فالحياة لن تتوقف عند هذا الامر، وبهذا يمكن للزوجين الذي يعانون من عدم قدرتهم على الانجاب التعايش مع الامر من دون اللجوء الى سلوكيات غير صحيحة قد تؤدي الى الطلاق او الى حياة زوجية سقيمة لا سامح الله.