حديث الغدير، او حديث الولاية، وهو قول الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله: “من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه” لنلقي نظرة اليه وعمن ذكره، وبالتالي ذكر مصادره.
فقد أخرج ابن المغازلي حديث الغدير هذا بطرق كثيرة، فمرة عن زيد بن أرقم، وأخرى عن أبي هريرة وثالثة عن أبي سعيد الخدري، وتارة عن عمر بن الخطاب وابن مسعود وبريدة وجابر بن عبد الله وغيرهم، فعن زيد بن أرقم.
أخرج ما هذا نصه :
“أقبل نبي الله من مكة في حجة الوداع حتى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة، فأمر بدوحات فقم ما تحتهن من شوك ثم نادى: الصلاة جامعة.
فخرجنا إلى رسول الله الله في يوم شديد الحر، وإن منا لمن يضع رداءه على رأسه، وبعضه على قدميه من شدة الرمضاء، إلى قوله : ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها ثم قال: “من كنت مولاه فهذا مولاه ومن كنت وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، قالها ثلاثا”.
أقول: إذا لم يكن هنالك أمر مهم يستوجب التجمع تحت تلك الشمس اللاهبة، فلماذا جمع الرسول هؤلاء القوم خاصة وان هذا الجمع تم بعد الإنتهاء من حجهم، فما ضرورة تجميعهم والخطاب فيهم، إن لم يكن الأمر عاما ومهما؟ وهكذا كان أمر الولاية، التي سبق وان بلغ عنها الرسول في بداية الدعوة وأكدها في حجة الوداع، حتى تكون أمانة في أعناق المسلمين.
أما الذين يطعنون في صحة حديث الغدير فقد ردهم ابن كثير بقوله: وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله، صلى الله عليه وآله: قال في خطبته بغدير خم.. الحديث” ، وكذلك ابن حجر بقوله: “إن حديث الغدير صحيح الامرية فيه ولا التفات لمن قدح في صحته ولا لمن رده.
وأخرج ابن المغازلي قول الفضل بن محمد عن الحديث: “هذا حديث صحيح عن رسول الله، صلى الله عليه وآله، وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله، صلى الله عليه وآله، نحو من مائة نفس منهم العشرة، وهو حديث ثابت لا أعرف له علة تفرد علي بهذه الفضيلة ليس يشركه فيها أحد”.
إذا لم يكن هنالك أمر مهم يستوجب التجمع تحت تلك الشمس اللاهبة، فلماذا جمع الرسول هؤلاء القوم خاصة وان هذا الجمع تم بعد الإنتهاء من حجّهم، فما ضرورة تجميعهم والخطاب فيهم، إن لم يكن الأمر عاما ومهما؟
وقال الحلبي الشافعي عن حديث الغدير هذا حديث صحيح ورد بأسانيد صحاح وحسان ولا إلتفات لمن قدح في صحته وقول بعضهم إن زيادة “اللهم وال من والاه”، موضوعة مردودة فقد ورد ذلك من طرق صحاح الذهبي كثيراً.وهؤلاء هم شيوخ علماء وحفاظ أهل السنة والجماعة وهذه هي شهادتهم بحق حديث الغدير.
ونحن نستذكر يوم الغدير نستذكر الفرصة الضائعة والحقائق المغيبة وامل كل الشعوب في ان يحكمها حاكم عادل عطوف رحيم.
ان الرحمة من الصفات الشخصية للحاكم، فالحاكم يجب أن يكون رحيما “ولا تكونن سبعا ضاريا تغتنم اكله”، فكانت الرحمة عند أمير المؤمنين، صلوات الله عليه، مقابل الشدة والخشونة التي كانت عند الآخرين، فكان العنف واللذة عند بعضهم ظاهرة وعند بعضهم الآخر مقننة، لقد ظهرت رحمة الإمام، صلوات الله عليه، حتي مع اشقى الآخرين، لو قورنت هذه الرحمة بالعنف الظاهر والمقنع الذي كان عند الآخرين، فان اي منصف يجد البون شاسعا جدا.
يوصي الإمام أمير المؤمنين، صلوات الله عليه، ولده بابن ملجم الذي هو أشقى الآخرين، وهذه الرواية في البحار ويقول له: “أرفق يا ولدي بأسيرك، أي إن الأسير تحت يديك فارحمه وأحسن إليه وأشفق عليه ــ لاحظوا التأكيد ــ وبحقي عليك فأطعمه يا بني مما تأكله وأسقه مما تشرب ولا تقيد له قدماً ولا تغل له يدا”.
ونحن نستذكر يوم الغدير نستذكر الفرصة الضائعة والحقائق المغيبة وامل كل الشعوب في ان يحكمها حاكم عادل عطوف رحيم
وفي مقابل هذا نلاحظ الشدة والغلظة في النظائر، لاحظوا في التاريخ، ماذا فعل خالد بن الوليد؟ كان يأخد الأفراد ويرميهم من المرتفعات، وهم ليسوا أعداء الدولة، إنما الذين لا يخضعون للدولة، فكان يأخذهم إلى المرتفعات ويقذفهم إلى الأسفل، أو يلقي بهم في الآبار أو يحرقهم با النار، فقد كان خالد بن الوليد يمثل العنف المقنع.
اذن؛ العلم الرحمة، الحكمة، الشجاعة، التي كانت عند أمير المؤمنين، عليه السلام، وجبن الأخرين الذين لم يسجل لهم التاريخ ولا موقفاً واحداً في تاريخهم، لا في بدر ولا في أحدةولا في الخندق ولا في أية معركة
فأين الثريا واين الثرى
وأين معاوية من علي؟
فنبارك لك الامة الاسلامية عيد الغدير الاغر؛ عيد الرحمة، عيد القيادة، عيد الايثار والكرامة.