يؤكد العلماء المختصون على أن المرحلة الأكثر حيوية في حياة الإنسان في النشاطات الحركية هي مرحلة الشباب، حيث يتوافق الجسد مع التطلعات الشبابية، وسرعة الحركة وتعدّدها، وتلك الرغبة الكبيرة الموجودة لدى الشاب لكي يكون أن أكثر حركة وحماسة.
هذه المرحلة الشبابية تتميز بمضاعفة الجهود التي يرغب الإنسان في بذلها من حيث السلوك والنشاط في مختلف مجالات الحياة، ففي العمل الطوعي الذي يتطلب جهودا عضلية كبيرة، نجد أن الشباب أكثر اندفاعا لها، كذلك النشاطات الرياضية التي تستدعي قوة بدنية كبيرة، نلاحظ أن شريحة الشباب هي الأكثر إقبالا على مثل هذه الفعاليات الرياضية.
في التجمعات الكبرى التي تحصل أثناء المناسبات المختلفة، وخاصة المناسبات الدينية، نلاحظ أيضا حضور الشباب بشكل لافت، مقرونة بذلك الحماس الهائل والنشاط المستمر والرغبة في إظهار القدرات الذاتية للشباب، فنلاحظ اندفاعهم من دون تردد للانخراط في مختلف النشاطات والأعمال التي تتطلب مجهودا عضليا لا يقوى عليه كبار العمر.
المرحلة الشبابية تتميز بمضاعفة الجهود التي يرغب الإنسان في بذلها من حيث السلوك والنشاط في مختلف مجالات الحياة، ففي العمل الطوعي الذي يتطلب جهودا عضلية كبيرة، نجد أن الشباب أكثر اندفاعا لها
هذه القوة والحماسة التي يمتلكها الشباب يمكن توظيفها إيجابيا في المناسبات الدينية أو سواها، وهكذا يمكن للشاب أن يتصرف بشكل مثالي في مثل هذه المناسبات، ويمكن أن يحدث العكس، كذلك في الأعياد حيث يزدحم الناس عند مراقد الأئمة عليهم السلام لأداء مراسيم الزيارة الدينية، في مثل هذه الأماكن يكون للشباب حضورا لافتا أيضا، ولهذا فإن الشاب ملزم بتوظيف طاقاته ونشاطه لتأكيد السلوك المثالي من حيث التعامل مع الآخرين، وإظهار التعاون الإيجابي ومساعدة الآخرين في كافة المجالات، وإبداء الأخلاق الحسنة، ومد يد العون لكل من يحتاجها حتى لا تذهب طاقة الشباب سدى.
فمثلا يمكن للشباب في هذه المناسبات المزدحمة أن يساعدوا كبار العمر من الزوار أو غيرهم، ويقدموا لهم كل ما يحتاجونه، وهم قادرون على ذلك، كذلك حين يتواجد الشباب في الحدائق العامة والمتنزّهات، في الحقيقة هم مطالَبون أكثر من غيرهم على التمسك بالانضباط السلوكي والأخلاقي تجاه الآخرين، وهذه السلوكيات تحكمها أخلاق الشاب نفسه، والقيم المؤمن بها، فإذا كان مؤمنا بها، يكون سلوكه مثاليا ويقدم نموذجا ناجحا للجميع.
ولكن في حال لم يكن الشاب مؤمنا بالقيم والأخلاقيات التي تحكم المجتمع، فهذا الأمر سوف يدفعه إلى إظهار سلوكيات مخلّة لا تليق بالشاب أولا، ولن تكون مقبولة من الآخرين، وهكذا سوف يكون محط انتقاد الآخرين وشكواهم وتذمرهم منه، بالإضافة إلى كونه بهذا السلوك الرديء يقدم نموذجا سيئا للآخرين، بينما المطلوب منه أن يقدم السلوك المثالي حتى يقتدي به الآخرون سواء من الشباب أو غيرهم.
وعادة ما ترافق حالات الاكتظاظ في المدن والمراقد المقدسة والحدائق، حالات الزحام وما نتج عنها من مشاكل للناس، خصوصا كبار العمر أو الأطفال، حيث يتم فقدان العديد من الأطفال أثناء الزحام، مما يتطلب إعادتهم إلى ذويهم، ويكون للشباب دورا كبيرا في حل مثل هذه المشكلات التي تتسب باذى للناس، سواء الزائرين منهم أو من سكنة المدينة نفسها.
وقد يُثار سؤال مفاده: لماذا على الشباب تقديم النموذج المثالي في هذه المناسبات التي يكتظ فيها الناس بالمراقد المقدسة والمدن الترفيهية وسواها؟
شبابنا حقا مطالبون بأن يقدموا السلوك والتصرف المثالي في جميع المناسبات التي تستقطب أعدادا كبيرة من الزوار، من داخل أو خارج المدينة
الجواب: لأن الشاب هو المعوَّل عليه، بالإضافة إلى سمات هذه المرحلة الوسطية من عمر الإنسان، فإذا كان طفلا فهو قليل الخبرات والقدرات ولا يمكنه أن يقدم ما يقدمه الشاب للناس، أما إذا كان كبيرا فإن قدراته خصوصا العضلية تكون ضعيفة، ولا يمكنه مساعدة الناس، ولهذا فإن أنسب مرحلة من مراحل عمر الإنسان لتقديم السلوك التعاوني المثال هي مرحلة الشباب.
من هنا فإن شبابنا حقا مطالبون بأن يقدموا السلوك والتصرف المثالي في جميع المناسبات التي تستقطب أعدادا كبيرة من الزوار، من داخل أو خارج المدينة، ولهذا يعوَّل كثيرا على الشباب بإطلاق المبادرات الطوعية التي يقدمون من خلالها أعمالهم ومشاريعهم الطوعية التي تقدم الخدمات المهمة والأساسية للناس، بالإضافة إلى أهمية تقديمهم للنموذج المثالي في السلوك والتعامل كونهم يؤثرون بالآخرين، لاسيما في التعامل الإيجابي مع الآخرين، ومساعدتهم على تجاوز المشكلات المختلفة التي يتسبب بها الزحام.
وأخيرا هذه دعوة للشباب الناجح المؤمن الجاد، باستثمار الصفات المختلفة التي تنطوي عليها شخصياتهم وخبراتهم، وتوظيفها الصحيح والصالح لنشر الفضيلة والأخلاقيات الكريمة، والسلوكيات المثالية لبناء مجتمع متماسك مؤمن بالقيم السليمة، ويعمل بها، ويكون النموذج المثالي فيه شريحة الشباب في المقدمة دائما وأبدا.