تربیة و تعلیم

الاستدراج أقوى سلاح كوني

يبدأ الخير ببذرة ويبدأ الشر ببذرة ولكل أمر درجات، فما نود نشره هو ما ينمو ويزدهر ويعود بالنفع للبشرية، فاللشيطان نوايا شر و سوء، و ظلام.

والخير نوايا إيجابية بمثابة النور، فلنضع اقدامنا على اول درجة من درجات النور لنرتفع ونرتقي ونتطور إيجابيا لنخدم انفسنا، فلنبدأ بعمل الخير وكل وقت هو جيد للبدء فلم يفت الوقت بعد، طالما نحن نتنفس نستطيع المضي قدما نحو الخير والبدء ونشر السلام والحب.

 وهنا نصنع القوة؛ فالقوة لم تكن بصوت مرتفع او قبضة قوية وعضلات او مكانة او منصب في المجتمع او سلطة، بل الحب اقوى سلاح والتسامح والعطاء والرضا وحب الخير للناس ولي وللأرض وللمخلوقات.

وهنا نذكر مثال حالة كيف تقلب العداوة الى محبة كالطيور؛ عند تربية حيوان أليف كالطيور تعلم تماما كيف يخاف الكائن من الانسان ويهرب ومعالم الخوف واضحة لكن بالفعل الكائنات الاليفة تفهم لغة الافعال لا الكلام.

كل شيء متدرج بالكون فأفعال الشر تحصل بالتدرج تبدأ بفكرة وتكرار الفكرة، ومن ثم فعل ورد فعل وتكرار الفعل ومن ثم ينمو الفعل وقد ينتج عنه فعل اكبر

فعندما يضع الانسان الطعام والماء يهرب الطائر لكن بعد ان يمضي عنه سوف يشعر بالأمان فيأكل ويشرب، وهنا اول بذرة محبة وخير فيها، بعد ذلك يصبح وجود الانسان إشارة لوجود الطعام والمشرب فيترقب ويأكل، وهنا قد يتحول الخوف الى حب وأُلفة لأنه يعتاد ان كل ما يصدر من الشخص خير.

ومن المغالطات الشائعة في المجتمع والتي تصبح حكم واقوال يُضرب بها المثل فتنطبع في اذهان الانسان من الطفل وحتى المراهق والشاب وهكذا ويؤخذ بها على انها امر لابد منه وليس له مناقض ومنها: (اصنع خيرا شرا تجد) او (افعل خيرا وارميه في البحر).

وهذا من اشد الشرور سوءً، ان نزرع أفكاراً سيئة ويتشوه عقل انسان لينحرف عن مسار حقيقته، فيكتسب قدرا او نظرة مأساوية تجاه الحياة والناس، بينما ليست هذه الفكرة التي فطرنا الله عليها واودعنا على الأرض من اجلها، وليست عبثا ان فكرة قد تحطم حياة انسان وتؤثر في الاخرين، قال ــ تعالى ــ: {فَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرٗا يَرَهُۥ ٧. وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ}.(سورة الزلزلة).

فإن الذرةَ لها تأثيرها سواء من الخير أو من الشر، فلنعتد على فعل الخير ونتدرج على فعل ذرة خير، وحين تصبح جزء من حياتنا نزيد من الخير ذرة فاصبح تأثير الذرة مضاعف وهكذا حتى يصبح الخير نوايا وافعال وردود.

والسؤال هنا: كيف يؤثر الخير الذي افعله في حياة الاخرين بينما الاخرين مسؤولين عن حياتهم وليس انا؟

الجواب: نضرب مثالا على ذلك، متوسط بعد الشمس عن الارض يبلغ حوالي 150 مليون كم أي ما يعادل وحدة فلكية واحدة، ومع هذا البعد فهي جزء من حياتنا تمدنا بالضوء والدفء، وهي حاجة اساسية في حياتنا؛ حيث النهار والليل والصيف والشتاء فهي تؤثر في جميع الكائنات سواء نبات او حيوان او انسان، لولاها لما صنع النبات غذاءه يتغذى عليها الحيوان وبالتالي الانسان، فهذا التأثير سلسلة احداها يؤثر في الآخر وهكذا.

وعلى هذا الاساس نفهم مدى تأثير ذرة من خير في الاخرين، فهناك فرق شاسع بين انسان يبكي وييأس ويتكاسل بسبب تخييم عليه مشاعر سوداوية بسبب مؤثر خارجي تنمر او انتقاد هدّام، وبين انسان مبتهج ويتحفز لممارسة نشاطاته وعمله ونجاحه بسبب لاقى تقديرا ومديحا تثمينا لجهوده مهما كانت بسيطة.

فكل شيء متدرج بالكون فأفعال الشر تحصل بالتدرج تبدأ بفكرة وتكرار الفكرة، ومن ثم فعل ورد فعل وتكرار الفعل ومن ثم ينمو الفعل وقد ينتج عنه فعل اكبر، كشاب ملتزم بالأخلاقيات والمبادئ السامية، وعند مصاحبته لأصدقاء السوء يبدأ ينظر للتدخين مثلا على انه امر عادي بعد ان كان امرا خطرا بالنسبة له.

  فيتردد و يفكر بتكرر الفعل امامه وقد تكن مؤثرات كلامية منهم تصدر، فيصبح معتادا على وجوده ويحاول تجربته، و هنا الازمة الاكبر انه يحاول، لان يفكر ان المحاولة او التجربة الاولى سيكون مسيطرا عليها و سيتركها، وهذه المحاولة للتجربة فقط، فيجرب لكنه يُستدرج ويتلاشى بالفعل فلا يستطيع التراجع وسيعيد التجربة.

وفي بادئ الامر قد يشعر بالذنب وبتأنيب الضمير، لكن فيما بعد يصبح الامر بدون شعور بالذنب حتى ينتهي الامر بفعل اخطر قد يصل الى  ما يضر نفسه صحته ونفسيته والمجتمع.

الذرة لها تأثيرها سواء من الخير أو من الشر، فلنعتد على فعل الخير ونتدرج على فعل ذرة من خير

فلنتخذ هذا السلاح بجانب الخير؛ فنفس الحالة التي حصل فيها اكتساب عادات سيئة بالتدرّج، نستطيع اكتساب عادة جديدة إيجابية كاستبدالها وتكرارها، وهكذا تصبح جزءاً من يومنا، كنبْتةٍ تعتني بها وهي بذرة حتى تصبح شجرة، هكذا افعالنا البسيطة لها تأثير على المدى البعيد ودائما نذكر فليكن التأثير إيجابيا حتى لو كلمة، فالكلمة تبني مجتمعا سليما، ليعود بالنفع على البشرية، فهذ يبني كما في الشخص السيء سيؤثر على الناس من حوله وقد يسحب لجانبه عشر اشخاص، او مئة ألف.

وقد يكون شخصا تغير إيجابيا قد يؤثر في مئة ألف، او عشرة آلاف، وهذا هو المنشود، اما من الناحية الأخرى الناحية الظلامية فالشيطان يستدرج بالشر، فعلينا ان نكون قدوة بالخير فيتأثر بنا الاخرون وبها استدرجناهم للخير فيكملوا المسيرة.

عن المؤلف

رغد حميد

اترك تعليقا