مثلما الكبار؛ يصاب الصغار بنوبات غضب أصبحت من المشاكل الشائعة في الوقت الحالي، إذ تبدأ هذه النوبات بصورة واضحة من عمر سنة ولغاية ثلاث سنوات، وتتخذ هذه النوبات اشكالا مختلفة، منها الصراخ والضرب أو حبس النفس، والارتماء على الأرض والتشنج، وغالباً ما يلجأ الأطفال إلى هذا السلوك لعدم استطاعتهم في ذلك العمر أن يعبروا عن مشاعرهم الغاضبة أو الرافضة بالكلمات؛ ما يسبب قلقاً وإزعاجاً كبيرَين، وبتكرارها يعتقد الآباء أنهم يواجهون عقبة وعليهم معالجتها؛ حتى يشعر الطفل بالأمان.
يأتي الصراخ والبكاء والارتماء على الأرض لعدم معرفة او قدرة الطفل على التعبير عن الغضب او مسببات الغضب بالنسبة له، ولذلك نراه يفعل كل ما يظنه الأسلوب الأمثل لأخبار الآخرين وهنا المقصود بالآخرين الاهل، بما يعيشه من ظروف غير اعتيادية اوصلته الى حالة من عدم الارتياح والبحث عن سبيل لتبليغ محيطه الذي يعيش فيه.
الأطفال في سن مبكرة وهي الممتدة ما بين السنة والثلاث لا يدركون أي الأمور التي تستحق الغضب لأجلها، لذلك تجد مزاجهم يتعكر ويأخذون بالصراح لأبسط الأشياء وهنا يتوجب على الام او الاب التعامل بكل حرفية مع الموضوع، مثلا ترك الطفل يغضب ويثور دون التفاعل معه والعمل على ارضائه او اسكاته، وبالتأكيد تأخذ موجة الغضب بالانخفاض والتلاشي رويدا رويدا.
يأتي الصراخ والبكاء والارتماء على الأرض لعدم معرفة او قدرة الطفل على التعبير عن الغضب او مسببات الغضب بالنسبة للطفل
عدم التفاعل او الترك قد يكون من أساليب التعامل غير الصحيحة مع الأطفال، وهنا قد يؤدي الى زيادة الغضب والصراخ ومن ثم الضرب وكسر الأشياء القريبة منه، وبذلك يدخل المنزل في حالة انذار من قبل الجميع للحفاظ على أثاثه من التلف، ويفضل بمثل هذه الحالة الاقتراب من الطفل ومحاولة توضيح ان عمله ضمن النطاق الخاطئ وغير المرغوب فيه من قبل الاهل.
بعد الهدوء ومرور وقت على ترك نوبات الغضب، يمكن للطفل ان يتقبل كلام الاهل معه، ومحاولات الشرح بأن الشيء الذي غضب من اجله لا يستحق كل هذا الصراخ والبكاء، وكان بالإمكان ان يتحدث او يطلب من الاهل النظر بمشكلته التي يراها غير قابلة للحل، وهنا يأتي دور الاهل في تثقيفه على مبدأ ان الأشياء مهما كبر حجمها او صغر لا تعني شيئا مقابل راحته وعدم انزعاجه او بكاءه.
تشعر بعض الأسر في حرج من نوبات غضب أطفالهم خصوصا مع وجود ضيوف في المنزل، ويبدأ الطفل يتصرف على غير عادته، كأن يكون سريع الحركة أكثر من المعقول، ويمارس بعض الأشياء المخجلة ان يطلع عليها الآخرين، وبالتأكيد يكون دور الاهل منصب على عدم استمرار الطفل باللعب او الحركة بهذه الطريقة، وربما يُشكل الضيوف على طريقة التعامل وتهب حالة من عدم الرضا بين الطرفين.
الطرف الاول وهم الضيوف يقولون اتركوه وشأنه، هذه عادة جميع الأطفال، ويحثون الاهل على منحه الحرية الكاملة للعلب واللهو، في الوقت الذي يجد الاهل في مثل هذه الممارسات مظهر من مظاهر عدم الذوق واحترام الضيف، لذلك يحاولون وبشتى الوسائل اخراج الطفل من أماكن جلوس الضيوف، وبالطبع سيدخل الطفل بحالة غضب شديدة اعتراضا على عملية الإخراج.
ومن الواجبات التي تقع على عاتق الاهل في التعامل مع الأطفال المتصفين بهذه الصفات، ان يبينون للآخرين (الضيوف) انهم أولى بتربية الأبناء وتركهم يلعبون بهذه الصورة يعرض الاهل الى مزيد من الاحراج مع كل زائر يأتي الى المنزل، وهذا بالتالي لا يعطي الاهل الحق المطلق من اجل محاسبة الطفل بطريقة تترك آثاراً نفسية غير مقبولة يتذكرها في المستقبل ويأخذ موقف غير محبب من الاهل.
أسباب الغضب الشائعة:
من الأسباب الشائعة لحدوث الغضب لدى الأطفال هي الحرمان من أحد الوالدين والمقارنة السلبية بين الإخوة، فكثيرا ما يسمع الطفل مقارنة غير منطقية مع أخوته او أبناء الأقارب او الجيران، وهو الامر الذي يولد لديه انطباع سيء، بأنه فرد غير محبوب في هذه الاسرة.
ومن الأسباب هي انتشار حالات العنف عبر النشرات الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي، إذ توجد نسبة كبيرة من الأطفال تقضي ساعات طويلة امام شاشات التلفاز والهاتف المحمول، ولهذا السبب يتعرضون لكمٍّ كبير من المشاهد المؤلمة، ويتخلل تلك المضامين مشاهد تؤكد ان العنف والغضب يعتبر جزء من الحلول الناجحة لبعض المشكلات الاسرية او التي تواجه الافراد، ويتخذها منهجا للحل يحاول تقمص هذه الشخصيات.
الى جانب بعض الأسباب يأتي الحرمان من أحد الوالدين لسبب ما، وكثرة الوعود غير الموفَى بها، والمقارنة السلبية، والشجار الزوجي المستمر بين الوالدين؛ جميعها أسباب تجعل من الغضب ضيفاً ملازماً للطفل، وأمراً اعتيادياً في نظر الطفل، فالحرمان قد يكون نفسياً أو مادياً، والطفل سيؤثر فيه أن يكون مُشبعاً عاطفياً ومحروماً مادياً، أو العكس؛ فمن الضروري الموازنة والتعزيز بتساوٍ معقول بين جانبَيْ هذه المعادلة.
قواعد معالجة نوبات الغضب:
من القواعد الأولى على الاهل عدم التراجع عن القرارات أمام غضب وصراخ الطفل، مع ضرورة التنسيق بين كلمتَي الأم والأب، والاتفاق على أن الوالدين لا يتناقضان في التعامل مع الطفل؛ فالحرمان متفق عليه من كليهما، والعطاء كذلك.
التناقض، أن يكون الأب متساهلاً في موقف ما والأم على العكس، أو التذبذب في القرارات الصادرة في حق الطفل؛ هذا كفيل بأن يجعل بيئة الطفل تتصف بطابع غير واضح القوانين.
اما القاعدة الثانية هي توضيح سبب منع أو منح الطفل لتعزيز المتفق عليه، والتحدث مع الطفل بشكل مباشر وبكلمات تحمل فكرة واحدة للطفل، ويُطلب منه إعادة ما فهمه؛ فهذا يُسهِّل فهم شخصيته والتعامل معه، مع عدم التراجع عن الاتفاق معه.
وثالث هذه القواعد هو السماح له بإخراج نوبات غضبه، ويعد خطأ كبير في أسلوب التربية، أيتها الأم وايها الاب، أن تقابلوا غضب طفلكم وصياحه أو محاولة ارتطام جسده بالأرض بالصراخ في وجه الطفل؛ فهي ليست طريقة مجدية، ومن الأفضل السماح له بإخراج هذه النوبات عن طريق الصراخ والبكاء إلى أن يهدأ الطفل تماماً ويشعر بتحسن، ويمكنك بعدها أن تجري مناقشة بهدوء معه حول سبب غضبه.
يندرج تغيير مكان الطفل من العلاجات الصحيحة لغضب الأطفال الذين يلجئون في نوبات غضبهم إلى الصراخ والضرب أو العض أو رمي الأشياء، هنا على الاهل أن يخرجوا الطفل من هذه الحالة على الفور
يندرج تغيير مكان الطفل من العلاجات الصحيحة لغضب الأطفال الذين يلجئون في نوبات غضبهم إلى الصراخ والضرب أو العض أو رمي الأشياء، هنا على الاهل أن يخرجوا الطفل من هذه الحالة على الفور، عن طريق نقله إلى مكان هادئ، والتحدث معه بطريقة هادئة، وتعريفه بأن هذا السلوك خطاً ولا يكرره مرة أخرى، وهنا يفضل اخذه لمكان آخر للاسترخاء، وإحضار الألعاب التي يحبها والأشياء التي يفضلها، وإذا كانت لديه هواية يمكنك أن تشاركيه اللعب لتنميتها بفكر جديد؛ فيصرف انتباهه عن تلك النوبات ويصبح هادئاً.