مناسبات

وفادة روحية

تعود أيام شهر ذي الحجة في كل سنة وتمر بنا ونحن نتأمل حج بيت الله الحرام، نتمنى أن نكون بين الملبين بقول ( لبيك اللهم لبيك..)، نشتم رائحة الكعبة المشرفة وبيت الله الحرام مفعماً بعطر الورد المحمدي عن بُعد، تنزل دموعنا كالمطر الغزير بعد أن تخنقنا العبرة عندما نودِّع حاجاً، أو نرى الحجاج يتأهبون للسفر .

ولكننا نستطيع الوفادة الى الله من مكاننا الذي نكون فيه، من بلداننا البعيدة عن مكة المكرمة، نعم نستطيع الوفادة بأرواحنا وقلوبنا التي تلوثت بالذنوب طوال العام، لأننا نعلم أننا نلجأ لربٍّ كريم، للغني المعطي .

صحيح أن كثيراً منّا لم يتوفق في هذا العام ولا في الأعوام السابقة للحج لبيت الله الحرام، لكن نستطيع أن نحج في كل لحظة في كل يوم في كل لقاء مع أحدهم، في كل كلمة نقولها، أو عمل نقوم به، أو خدمةٍ نقدمها .

فالحج هو الوفادة إلى الله إلى مبدأ الكون، هو الوفادة له في كل نفَس، في كل نية ننويها، بأن نكون مخلصين بأعمالنا، نحن مقصرون حقاً ولكن قلوبنا تفد إلى الله تائبة عائدة للغني الذي لاتنفد خزائنه، عائدون الى الله الحنان المنان المغني المعطي، عائدون إلى الله بقلوبنا الملوثة بالآثام ليعفو عنا ويمحوها لنا، فنفد إليه بقلوب مشافاة معافاة بيضاء، عائدون إليه ليخلِّص قلبنا المظلم من الشرك المعنوي، عائدون إليه ونحن نعلم وعلى يقين بأننا في ضيافة الكريم المعطي، عائدون إليه لا لغيره ولا لسواه.

نتجرد من المخيط فنتجرد من النفاق والرياء والدخول في الشبهات، نغتسل بالماء لتنزل ذنوبنا بتوبتنا وانابتنا إليه، نرتدي البياض ليزول الرَين عن قلوبنا وتغدو بيضاء نقية، نُحرِم من كلِّ محرَّم نهانا الله عنه، نلبي كل أمر وكل طاعة وعبادة أمرنا بها الله، نسعى بين الصفا والمروة، فنحن عبيد الله التي تسعى قلوبنا بين الخوف والرجاء، نرجم الشيطان شيطاننا الداخلي، وكل شيطان يوسس لنا ويجرنا إلى ما لا يرضاه الله، نقف بعرفة لنجدد العهد بعد التوبة أنك أنت وحدك لاشريك لك . “لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك .. إنّ الحمد والنعمةَ لك والملك .. لا شريك لك” .

نعم لتكونوا سعداء فأنتم في ضيافة الله، قال الإمام الصادق، عليه السلام: “إنّ ضيف الله عزّ وجلّ رجل حج واعتمر، فهو ضيف الله حتّى يرجع إلى منزله”.

صحيح أن كثيراً منّا لم يتوفق في هذا العام ولا في الأعوام السابقة للحج لبيت الله الحرام، لكن نستطيع أن نحج في كل لحظة في كل يوم في كل لقاء مع أحدهم

لتكن نيتنا نية المنتظرين، قلدناك يا مولاي يا حجة الله في الأرض، روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمِك الفداء.

قلدناك الدعاء بأرض عرفة، وكل ركن من أركان الحج، قلدناك المبيت بأرض مزدلفةَ و مِنى .

قلدناك الزفرات والحنين وأنت تزور مولاي الحسين عليه السلام.

قلدناك الدعاء لوالداينا، ولأولادنا وإخواننا في الدين وجيراننا وكل من يُعنينا أمرُه ..

قلدناك الدعاء لنفوسنا الأمارة التائهة

اِرضَ عنا يا مولاي وخُذ بأيدينا لنصل إلى مرفأ الأمان ودُلنا عليك

فنحنُ التائهون في المسير الخائفون من جور الزمان، حفظك المولى أينما كنت يا سيدي وسددك .

عن المؤلف

المُدربة: عبير ياسر الزين

1 تعليق

  • ما شاء الله كلمات تدخل للقلب تذكرنا بالله لا بل ترسي بنا من بحار الحياة ودوامتها وليلها العاصف المخيف الى ساحل بر عطف ورحمة الله تبارك وتعالى فيجلى الهموم والغموم بذكر رحمته وعطفه وحنان فلا ملجأ لنا غير الله ولا مفر لنا غير الله هو الحنان المنان في كل زمان ومكان
    ربنا اغفر لنا ذنوبنا وتقبل منا.
    وبعد
    لا اقول شي غير وفقكم الله لما يحب ويرضا

اترك تعليقا