أسوة حسنة

الإصلاح الفكري والعقائدي عند الإمام الباقر

الإمام محمد بن علي الباقر  في سطور

الولادة يوم الاثنين في  الثالث من صفر، أو غرة رجب سنة 57 بالمدينة المنورة، وكان حاضرا في وقعة الطف مع جده الحسين، عليه السلام، وعمره أربع سنين.

الشهادة: يوم الاثنين السابع من ذي الحجة، سنة 114 هـ وهو ابن ست وخمسين سنة.

ألقابه الباقر، الشاكر، الهادي، الأمين.

كنيته أبو جعفر.

مدفنه: المدينة المنورة، مقبرة البقيع.

أولى أئمة أهل البيت، عليهم السلام، مسألة التصحيح العقائدي والإصلاح الفكري أهمية فائقة، لأن العقيدة هي أساس الدِين في كل تشريع، وهي المقصود الأول من مقاصد الإصلاح الديني، فسعوا إلى تخليص أصول الاعتقاد من الاتجاهات المدمرة للفكر والعقيدة وتبنوا إصلاح ما ضل من العقائد والمفاهيم والأفكار، وما فسد من الأعمال، وردوا العقول الضالة إلى رشدها ابتداء من الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله، وبادرته الأولى في الإصلاح الفكري والعقائدي وصولاً إلى الإمام المنتظر، عجل الله فرجه الشريف، الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلما وجوراً.

دور الإمام الباقر ومسيرته الإصلاحية

كان دوره، عليه السلام، حمل النفوس على التمحيص لتمييز ما هو أصيل من العقيدة عما هو زيف، وعلى تحكيم الأفكار والمفاهيم الأصيلة ومقاومة التيارات المضلِّلة أنذالك في ظل الأزمات التي خلفتها سيرة الحكام السابقين، وما رافقها من تقليد وسطحية في الفكر.

فُتن بشخصيته في ذلك الوقت أهل العراق، وكان الوافدون عليه الله يبدون خضوعا وأملاً كبيرين بشخصيته العلمية

وقد تجسد دور الإمام الباقر في كثير من المواقف والأنشطة الإصلاحية بالرد على الأفكار والعقائد الهدامة والمذاهب المنحرفة والتحاور معهم، وفتح مدرسة أهل البيت، عليهم السلام، ونشر علومهم، فقد فتح الإمام الباقر أبواب مدرسته العلمية العامة أمام أبناء الأمة الإسلامية، حتى وفد إليها طلاب العلم من مختلف البقاع الإسلامية، وأخذ عنه العلم عدد كبير من المسلمين بشتى المجالات.

المقام العلمي للإمام الباقر عليه السلام

قال ابن  حجر في ترجمة الإمام محمد الباقر: سُمي بذلك لأنه من بَقَرَ الأرض، أي شقها، وإثارة مخبأتها ومكامنها، فكذلك هو أظهر من مخبأت كنوز المعارف وحقائق الأحكام والحكم واللطائف ما لا يخفى إلا على منطمس البصيرة أو فاسد الطوية والسريرة، ومن ثم قيل هو باقر العلم وجامعه وشاهر علمه ورافعه.

 والذي يدل على سعة علومه أنه مع كثرة ما انتهل العلماء من نمير علومه، فإنه كان يجد في نفسه ضيقاً وحرجاً لكثرة ما عنده من العلوم التي لم يجد لبثها ونشرها سبيلاً، فكان يقول: لو وجدت حملة العلمي الذي أتاني الله عز وجل، لنشرت التوحيد والإسلام والدين والشرائع، وكيف لي بذلك، ولم يجد جدي أمير المؤمنين الحملة لعلمه حتى كان يتنفس الصعداء ويقول على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني فإن بين الجوائح علما جما”.

وكان مقصدَ العلماء من كل البلاد الإسلامية، وما زار أحد المدينة إلا عرّج على بيت محمد الباقر يأخذ منه، وكان يقصده من أئمة الفقه كثيرون، فلقد حاز الإمام على شهرة علمية عالمية في زمانه.

 فكان مجلسه يغصُّ دوما بالوافدين من مختلف أرجاء وأصقاع الأرض الإسلامية، وكانت مكانته العلمية تستهوي الكثيرين للاستعانة به لحل المعضلات العلمية والفقهية التي تواجههم.

 وقد فُتن بشخصيته في ذلك الوقت أهل العراق، وكان الوافدون عليه الله يبدون خضوعا وأملاً كبيرين بشخصيته العلمية، حيث كان عبد الله بن عطاء المكي يقول:  ما رأيت العلماء عند أحد قط أصغر منهم عند أبي جعفر، ولقد رأيت الحكم بن عينية مع جلالته في القوم بين يديه كأنه صبي بين يدي معلمه.

 وذكر ابن شهر آشوب في المناقب: “إن أبا جعفر أكبر العلماء”، وقد أخذ عنه أهل الفقه ظاهر الحلال والحرام، وكان علي واسع العلم ووافر العلم، حتى وصفه هشام بن عبد الملك بأنه نبي الكوفة حين سأله الأبرش الكلبي من هذا الذي احتوشته أهل العراق يسألونه؟ قال هذا نبي الكوفة وهو يزعم أنه ابن رسول الله وباقر العلم ومفسر القرآن.

العوامل المؤثرة في المرحلة التي عاشها الامام الباقر

يمكن اختصار العوامل المؤثرة التي ميزت هذه المرحلة بالآتي:

  1. 1-    انتشار الخوف في كافة المناطق الإسلامية خصوصاً بعد واقعة الحرة.
  2. الانحطاط الفكري الذي كان يعم أكثر الناس في العالم الإسلامي، وهذا كان نتيجة للابتعاد عن التعاليم الدينية خلال سنوات طويلة.
  3. الفساد السياسي المتفشي بين الحكام سواء في المستوى النظري أم العملي في ظل هذه العوامل بدأ الإمام السجاد علي بالعمل المتواصل والدؤوب، وأكمل ابنه الإمام الباقر من بعده هذا العمل، وفي زمنه كان الوضع قد تحسن عما كان عليه وذلك بفضل جهود الإمام زين العابدين.

 إضافة إلى ما ذكر وصل الانحراف في عصر الإمام الباقر إلى ذروته، سواء على مستوى الحكم والسلطة أم على المستوى العقائدي والديني والثقافي فالحكم صار كتلة ظلم وجور، والعقائد والمفاهيم صارت تتضاربها الأهواء، فكثرت المدارس، وتعددت المناهج، وتعمقت الخلافات.

ومن اهم اعماله الجليله في هذا مضمار هي:

وضع أسس النظام الأخلاقي والتربوي ويمكن إيجاز معالمه بالآتي:

أ- العلم والتعلم.

ب – تربية الفقهاء، والمحدثين.

ج- الاهتمام بالقرآن.

د فهم الدين من خلال السنة الشريفة.

هـ – علم الكلام.

ألا يحق لكل مسلم ذو لب وعقل متحرر ان يفخر بهذه الشخصية الإسلامية أولا والعربية ثانيا، وابرازها بأجمل ذكر وطيب ثناء لكن هيهات اني للقلوب القاسية الحكمة والنور وهي تسعى جاهدة إطفاء قبس ونور اهل البيت ع. بمنع فكرهم أولا وتهديم اضرحتهم ثانيا.

لقد كانت شهادة إمامنا الباقر يوم الإثنين في سابع ذي الحجة من سنة ١١٤ هـ، إثر سم دسه الملعون هشام بن عبد الملك، وقد بقي له بضعة أيام يعاني من أثر السم إلى أن استشهد صلوات الله عليه، وفي اليوم التالي دفن البدن المطهر بجنب الإمامين المجتبى والسجاد الله في جنة البقيع.

وكان عمره الشريف ٥٧ عاماً، عاش منها مع جده الحسين الله أربع سنين، وكان حاضراً يوم الطف، وعاش مع أبيه السجاد ٣٩ سنة، وكانت مدة إمامته ١٨ سنة.

تجسد دور الإمام الباقر في كثير من المواقف والأنشطة الإصلاحية بالرد على الأفكار والعقائد الهدامة والمذاهب المنحرفة والتحاور معهم، وفتح مدرسة أهل البيت، عليهم السلام، ونشر علومهم

وقد روى أبو بصير قائلا : بعث الوليد بن عبد الملك إلى أبي جعفر الباقر بسرج مسموم وأمره بالركوب عليه فلما ركبه تورمت قدماه وفخذاه واعتل العلة التي مات فيها، فلما عزم على المصير إلى روح الله وريحانه وحلول منازل جنانه، واشتاق إلى لقاء محبوبه أوصى إلى ابنه أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق ، حسب ما أمره القادر الخالق ونص عليه، وسلم مواريث آبائه إليه، كما روي عنه الله، قال: كنت عند أبي في اليوم الذي قبض فيه ثم قال لي: يا بني قم فأدخل علي أناساً من قريش حتى أشهدهم.

قال الصادق الله ، فقمت وأتيته بأناس.

 فقال لي: يا بني إذا أنا  مت فغسلني وكفني وارفع قبري أربع أصابع، ورشه بالماء، فلما خرجوا.

 قلت يا أبت لو أمرتني بهذا صنعته فلاني شيء أمرتني بإدخال هؤلاء النفر؟

 فقال لي: يا بني أردت أن لا تنازع في الإمامة، ولا تختلف عليك الشيعة لأن كل من أوصى إليه السابق من الأئمة فهو الخليفة بعده، وما زال يناجي ربه ويدعوه حتى قضى نحبه صلوات الله وسلامه عليه

وعنه  أيضاً قال لي أبي يا جعفر، أوقف لي من مالي كذا وكذا لنوادب تندبني عشر سنين بمنى أيام منى. وروي أنه أوصى بثمانمائة درهم لمأتمه، وكان يرى ذلك من السنة

فلما قضى الله قامت الواعية من داره، وعلا النحيب من نسائه وجواره، فيا له من يوم ما أشده على آل الرسول وما أمضه على البتول، فقد انطمس فيه المعقول والمنقول، وغادر شمس الامامة الافول.

لمن القبور الدارسات بطيبة

عفت لها أهل الشقا آثارا

قل للذي أفتى بهدم قبورهم

أن سوف تصلى في القيامة نارا

أعلمت أي مراقد هدمتها

هي للملائك لا تزال مزارا

فسلام عليكم أئمة الهدى. السلام عليكم اهل التقوى السلام عليكم أيها الحجج على اهل الدنيا.

عن المؤلف

كريم الموسوي

اترك تعليقا