حقيقة ان الانسان كائن اجتماعي بطبعه لا جدال عليها، ومن هذا الاتفاق تبقى رغبة الانسان الى الدخول في علاقة صداقات للجميع قائمة بغض النظر عن العمر والجنس ومكان التنشئة وحتى التحصيل العلمي او طبيعة العيش وغير ذلك من الاعتبارات الاخرى.
ولكون الطفل هو بداية تكوين الانسان المتكامل فهو بحاجة ماسة للصديق الذي يوفر له عدة احتياجات نفسية، فماهي انعكاسات الصداقة على الطفل؟
ولماذا يجب ان يختار الابناء اصدقائهم بعناية؟
قيل ان الصديق بالنسبة للإنسان يمكن وصفه بأنها الروح الإضافية التي تحيي الانسان وتجعل من قبله نابضاً بالحياة والوفاء والإخلاص لذلك الصديق، فقد يمكن لأي منا ان يشتري أي سلعة يرغب بها، لكنه ليس بمقدوره ان يشتري الصديق ولو امتلك مال قارون، فحين يحسن الانسان اختيار أصدقائه وفق أُسس عقلانية لا عاطفية فأنه يحيط نفسه بدرع حصين يحميه، اما العكس فإن يختار الشوك بدل الثمر، ويقع في ندمٍ شديد فيما بعد عند اول تجربة حقيقة لذلك.
سيدي القارئ: الصداقة من أهم العلاقات الإنسانية التي يرغب الإنسان دائماً في وجودها في حياته، وهي علاقة بين شخصين يجمع بينهما اللطف والكرم والولاء والصدق، ويكون بينهما تقارب في الأفكار والهوايات والآراء والتي تؤدي بالضرورة الى التقارب الروحي والنفسي مما يعود على طرفيها بالنفع والاتزان وبالتالي تساعد في الظفر بمستوى جيد من الصحة النفسية.
لماذا يجب ان يختار الابناء اصدقائهم بعناية؟
لعدة دواعٍ ذات قيم معنوية عظيمة يجب ان يساعد الآباء أبنائهم على اختيار الأصدقاء الصالحين، فمن اهم ما يعود على الفرد الذي يمتلك صديق صالح هو: ان الصديق الصالح دينياً واخلاقياً ينمي الدافع لدى صديقه على طاعات الله ــ جل في علاه ــ والابتعاد عن معصيته، فلا يسمح له بأذية الناس الآخرين ولا يسمح له بممارسة السلوكيات غير المتزنة والمنافية للدين والقيم السائدة في مجتمع يصطبغ بصبغة الإسلام ويلتزم بقواعد السلوك فيه، والعكس هو جرُّ الصديق سيما في فترات الطفولة والمراهقة الى ممارسة كل السلوكيات التي يراها بدون حساب عواقبها ومكاسبها لكون يتأثر بالعقل الجمعي من حوله.
يؤدي مصادقة الابن لصديق واعٍ متفهم وناجح في الحياة الى النجاح وتحقيق مستويات عالية من الإنجاز في النواحي الاكاديمية والعملية
كما ان الابن الذي يمتلك أصدقاء ذوي تربية حسنة قائمة على أسس الصلاح المنبثقة من ديننا الإسلام الحنيف واهل البيت، عليهم السلام، لاشك انه يكون طائعاً لأبويه وباراً بهما ويسعى لإسعادهما ونيل رضاهما بشتى الطرق والأساليب، فهو يرى ان ما يقوم به من اجله والديه هو واجبه الشرعي والأخلاقي والإنساني، على عكس ذلك يؤثر الصديق السيء على صديقه ويدفعه باتجاه عصيان والديه وعدم الامتثال لما يريدون وللأسف مجتمعنا يعجُّ بمثل هذا النموذج.
ويؤدي مصادقة الابن لصديق واعٍ متفهم وناجح في الحياة الى النجاح وتحقيق مستويات عالية من الإنجاز في النواحي الاكاديمية والعملية، إذ ان بعض السلوكيات يمكن ان تكون معدية، فحين ينشأ الطفل وسط أطفال آخرين ناجحين في مدارسهم على سبيل المثال بالضرورة ان يكون هو الآخر ناجحاً ومتفوقاً، لئلا يقع في الحرج من جهة وليبقى في جو الاطار العام لأصدقائه حتى لا يفارقهم من جهة أخرى، والعكس هو المنطقي جداً.
الصديق الصالح دينياً واخلاقياً ينمي الدافع لدى صديقه على طاعات الله ــ جل في علاه ــ والابتعاد عن معصيته
وحين يصادق ابناؤنا أناسا صادقين أمناء يحترمون الكبير ويوقرونه ويعطفون على الأصغر منهم ويشعرون بآلام الناس ويسعون الى تحقيق آمالهم، فإن أبنائنا يُغرس فيهم هذه القيم والصفات التي تنتج عنها سلوكيات رزينة، تخدم المجتمع، وتمنع من انتشار القيم السلبية الهادمة، والعكس هو الصواب لذا ندعوا بأن يلتفت الآباء الى أولادهم من يصاحبون على قاعدة ( لا تربطوا الجرباء حول صحيحة… خوف على تلك الصحيحة تجربُ).
في الخلاصة نقول: بعد ان اتفقنا على ان الصداقة ضرورة حياتية فإن حرص الابوين على المساهمة في اختيار أصدقاء أبنائهم ومراقبتها هي ضرورة أيضا، لئلا يقع الابوان في المحظور كنتيجة لاختيار خاطئ لصديق، وهذا جزء من مسؤولية الآباء الاجتماعية تجاه مجتمعهم، فالصلاح ينفع الجميع والفساد لا سامح الله سيتضرر منه الجميع.