الإمام محمد بن علي الجواد في سطور:
الولادة ولد في التاسع عشر أو الخامس عشر من شهر رمضان سنة (195هـ) 3 في المدينة المنورة
الشهادة: استشهد في آخر ذي القعدة سنة (220 هـ ) بوساطة زوجته أم الفضل بنت المأمون التي سمته بعد تحريض عمها المعتصم.
القابه: التقي، الجواد، المختار، المنتجب، المرتضى، القانع، العالم.
كنيته: أبو جعفر الثاني تمييزا من جده محمد بن علي الباقر .
مدفنه: بغداد في مقابر قريش في ظهر جده الإمام موسى بن جعفر، عليه السلام.
لقد واجه الإمام الجواد السياسة العباسية من اللحظة الأولى التي وطئت قدماه فيها بغداد، واسقطها تباعا.
على المستوى العلمي؛ هيأ المأمون للمناظرات بين الإمام، عليه السلام، وبين قاضي الزمان يحيى بن أكثم بحضور جمع من الأشراف ورؤساء القوم، وقد صرح المأمون بغرضه من تلك المناظرات حيث قال ليحيى: اطرح على ابي جعفر محمد ابن الرضا مسألة تقطعه فيها.
ولكن المناظرات كانت دائماً تسير لصالح الامام الجواد، عليه السلام، وكان يتوقف خصمه ويدهش لشدة ما يراه من إحاطة وسعة في علم الامام ودقة اجابته وقوة برهانه والتضييق على الخصم وإسقاط ما في يده.
ومن هذه المناظرات مع الامام يحيى بن اكثم، وهكذا شرح لكل مسألة اجوبته وبين لها فروع وهي مذكورة في كتب الفقه.
محاورة الإمام مع يحيى بن أكثم
قال يحيى بن أكثم للمأمون إذن لي أمير المؤمنين أن أسأل أبا جعفر عن مسألة؟
فقال له المأمون استأذنه في ذلك.
فأقبل عليه يحيى بن أكثم، فقال أتأذن لي، جعلت فداك، في مسألة؟
فقال أبو جعفر علي سل إن شئت.
قال يحيى ما تقول، جعلت فداك، في محرم قتل صيداً؟
فقال أبو جعفر :
قتله في حلّ أو في حرم؟ عالما كان المحرم أو جاهلا؟ قتله عمدا أو خطأ؟ حرا كان المحرم أو عبدا؟ صغيرا كان أو كبيرا؟ مبتدئاً بالقتل أو معيداً؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها؟ من صغار الصيد أم من كبارها؟ مصرا على ما فعل أو نادما؟ في الليل كان قتله للصيد أم في النهار؟ محرما كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج كان محرما ؟
فتحير يحيى بن أكثم وبان في وجهه العجز والانقطاع.
فقال المأمون: أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه؟
فقال أبو جعفر ليحيى: أسألك؟
قال: ذلك إليك، جعلت فداك، فإن عرفت جواب ما تسألني وإلا استفدته منك
فقال له أبو جعفر عليه السلام: أخبرني عن رجل نظر إلى امرأة في أول النهار فكان نظره إليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار حلت له، فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما كان وقت العصر حلت له، فلما غربت الشمس حرمت عليه، فلما دخل وقت العشاء الآخرة حلت له، فلما كان وقت انتصاف الليل حرمت عليه فلما طلع الفجر حلت له، ما حال هذه المرأة وبماذا حلت له وحرمت عليه؟
فقال له يحيى بن أكثم: لا والله لا أهتدي إلى جواب هذا السؤال ولا أعرف الوجه فيه، فان رأيت أن تفيدناه.
فقال أبو جعفر عليه السلام: هذه أمة لرجل من الناس، نظر إليها أجنبي في أول النهار فكان نظره إليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلت له فلما كان عند الظهر أعتقها فحرمت عليه، فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له فلما كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه، فلما كان وقت العشاء الآخرة كفر عن الظهار فحلت له، فلما كان نصف الليل طلقها واحدة، فحرمت عليه، فلما كان عند الفجر راجعها فحلت له.
لقد اظهر الامام الجواد قدرة قلَّ نظيرها على الاستدلال واستنباط الاحكام من القران الكريم، وقطع كل تلك الألسن التي شككت إمامته بحجة صغر سنه، فقد عجز اكابر العلماء عن مجاراته.
ألا يجب للمسلمين اتباع منهجه السامي في تقبل الاخر وقبول رأي المخالف ورد عليه، وتقديم لغة الحوار السلمي بين المسلمين وترك لغة الاستهزاء من عقائد الاخرين بلا حجة او دليل سوى التعصب للرأي الواحد والاخذ بعزة الاثم.
وهذا درس لكل اتباع اهل البيت، عليه السلام، خصوصا على قنوات التواصل الاجتماعي ان نتأدب بآداب اهل البيت، في المناظرات القيمة وذات البيان الواحد، وليس تلك المعدة مسبقا لتسقيط الاخر والنيل منه، ولو بقطع مقاطع وتظليل والتدليس لإخفاء الحق.
فسلام عليك يا أبا جعفر محمد الجواد يوم ولدت ويم استشهادك مظلوما ويوم تبعث حيا.