رأي

كلا لعطلة يوم الغدير.. نعم لعطلة يوم السقيفة!

بعد قراءة البرلمان العراقي مشروع قانون عطلة يوم الغدير القراءة الأولى، بدأت الأصوات الطائفية ترتفع شيئاً فشيئا، فمن مستهزئ بهذه العطلة، إلى من اعتبرها مناسبة طائفية!

لكن أغرب ما خرج إلينا من هذه التصريحات هو من كشف المستور عن سبب اعتراض البعض على عطلة ترتبط بأعظم مؤتمر إسلامي في عهد رسول الله، صلى الله عليه وآله، فلا أحد من المسلمين يمكنه إنكار وقفة الغدير وقول النبي، صلى الله عليه وآله، في أمير المؤمنين، على الملأ هناك: “من كنت مولاه فهذا علي مولاه”، مع اختلافهم في بعض تفاصيل الحدث ومحاولة بعضهم تأويل كلام النبي، صلى الله عليه وآله، بتأويلات.

فلماذا نرى بعض علماء السنّة في العراق يعترضون على عطلة ترتبط بشخص رسول الله، صلى الله عليه وآله، وهم الذين يسكتون عن عطل مرتبطة بإثنيات وهويات مختلفة مثل؛ “عيد الشجرة” للزرادشت، وعطلة “عيد كريسمس” للمسيح، وعطلة “عيد العمال” للماركسية، وعطلة “دهو ربا” وهو عيد الصابئة المندائية الأكبر.

السبب بيّنه إمام جامع أبو حنيفة، حين قارن بين الغدير وبين السقيفة، وصرّح بعدم قبولهم بعطلة يوم الغدير إلا إذا تم تعطيل يوم السقيفة، ويوم تنصيب الثاني خليفة.

والسبب بسيط جداً، إنَّ هناك منهجان: منهج يقبل برسول الله، صلى الله عليه وآله، ومنهج ترك رسول الله مسجّى على فراش الموت، و راح يحتفل بانقلاب السقيفة.

ولابد هنا من ذكر جملة أمور لمثل هذا الخطيب الطائفي، والذي أطالب وبقوة، الحكومة إلى طرده من وظيفته كونه “موظّفاً” يتقاضى راتباً شهرياً من الدولة العراقية، ولا يحق له بث سمومه الطائفية والتحريض على الكراهية من خلال المنبر.

أولاً: لو سألت السنّة في العراق أجمع، بل في العالم؛ متى هو يوم “عيد السقيفة”؟ ومتى هو يوم تنصيب الثاني خليفة؟ سوف لن يجيبك أحد، لأنّ السنّة ببساطة لا يعتنون بهذه المناسبة ولا يعتبرونها عيداً، فمن الذي خوّلك بهذه المطالبة أساسا؟!

ثانياً: هل نسيت ما رواه البخاري في الحديث الصحيح عندكم، عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال: “إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وقى شرها”، فكيف تريد الاحتفال بيوم “الفلتة”؟ وهل انت مستعد لكشف المستور فيما حدث في سقيفة بني ساعدة ومن حضر؟ وكيف انتهت؟ وهل نسيت أن هذا اليوم كان رسول الله، صلى الله عليه وآله، لم يدفن بعد؟! فهل تريد الاحتفال بيوم شهادة النبي؟!

ثالثاً: إذا كنت ترى بأن الاحتفال بالغدير هو فرض هويّة على الآخرين، فلماذا لم تعترض -جنابك المستطاب- على عطلة المسيح، والصابئة، بل والإيزديين، والزرادشت، كشّرت عن أنيابك ولسانك الذي كان يُفتي بالأمس بقتل شبابنا في سبايكر الآن؟

رابعاً: أمّا إذا كنت تعتقد أنت وغيرك من المعترضين؛ أن عطلة يوم الغدير هو فرض هويّة على البلد، فهذا ما نريده بالضبط، فنحن الأغلبية في البلد، ومن حقّنا أن نفرض هويتنا على الدولة، وقد رأينا كيف لازلتم ترون لأنفسكم الحق في فرض هويّتكم على الدولة من خلال عطلة يومي عيد الفطر، والأضحى، والتي منذ السقوط وإلى الآن تبدأ مع الوقف السني، مع اختلافنا الشديد معهم في رؤية الهلال في أغلب السنوات.

و رأينا كيف فرضتم ذلك في الفقه الحنفي المفروض في كثير من المحاكم، و رأينا ذلك في المدارس والمناهج الدراسية حيث لا تزال مليئة بالسرديات والخرافات، بل والأكاذيب السُنية على رسول الله، وعلى الصحابة، ومليئة بالسرقات لفضائل امير المؤمنين، عليه السلام، ونسبتها لغيرهم، فلماذا ترون لأنفسكم الحق في فرض هويتّكم على الغير؟

أخيراً أقول: عشرات الآلاف من شبابنا ناضل ضد صدام ونظامه العفلقي، ومن ثمَّ قاتل الإرهاب في العراق، والذي يعلّم الجميع “هوّيته” لكي تتغير هويّة هذا البلد وتكون هويّة اغلبية هذا البلد، الذين هم أتباع الغدير ومنهجه، وأعلم أن من الصعب عليك تفهّم هذا الأمر ولكن عليك الخضوع له شئت أم أبيت.

عن المؤلف

السيد مرتضى المدرّسي

اترك تعليقا