الهدى – متابعات ..
يستذكر العراقيون غداً الخميس، 16 أيار، واحداً من من أكثر الأيام حزناً ومأساوية في تاريخ العراق القديم والحديث، ألا وهو “اليوم الوطني للمقابر الجماعية” الذي يوثّق (جزءاً) من جرائم النظام السابق بحق مئات الآلاف من المواطنين العراقيين من الذين دفنهم النظام في مقابر جماعية رجالاً ونساءً وأطفالاً وعجائز، وأشّر خبراء ومراقبون وجود تقصير تشريعي وتنفيذي بحق ذوي الضحايا، مطالبين بتدويل الملف وأن يأخذ حقه في الساحة العالمية الإنسانية.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة “ستختنك دفندرز” لحقوق الإنسان، الدكتور علي البياتي، إن “ملف المقابر الجماعية من أعقد الملفات في العراق، وهو ملف متراكم، وأعداد هذه المقابر في تزايد منذ عقود بسبب الأزمات والكورث، فضلاً عن غياب الاستقرار والعنف الذي يخلق دائماً ضحايا يتم قتلهم بشكل جماعي ودفنهم في مقابر الجماعية، وهي دلائل على وجود جرائم بشعة ارتكبت من قبل مجاميع معينة تصنّف ضمن جرائم دولية، وهنالك مسؤوليات كبيرة على عاتق الدولة وعاتق المنظمات المجتمع الدولي في التعامل مع هذا الملف”.
وأكد أن “من الواضح أن الملف لم يأخذ الأولوية اللازمة، فالمهم في هذا الملف التعامل السريع والاستجابة من قبل المؤسسات المحلية والدولية، ما يُسهم في الحفاظ على الأدلة في هذه الجرائم”، موضحاً بأن “تأخرها بكل تأكيد سيُسهم في اختفاء الدلالات في هذه الجرائم لتحقيق العدالة”.
ونوّه البياتي، بأن “العراق – وعلى الرغم من وجود قانون ينظم عمل إدارة وفتح المقابر الجماعية ووجود مؤسسة مختصة وفريق يعمل في هذا المجال – إلا أن القانون فيه جانب إجرائي روتيني بالإضافة إلى قوانين أخرى تتعلق بضحايا المقابر الجماعية من جانب الضرر، لكن الجانب المهم الذي نراه يتعلق بتطبيق العدالة والمساءلة، وهو غائب في القوانين العراقية التي ليس فيها تجريم لمن يرتكب جرائم ويتسبب بقتل جماعي وإبادة جماعية ومقابر جماعية”،
وبيّن أن “هذه ثغرة في القوانين، بالإضافة إلى تقصير استجابة الدولة بإعداد فريق كامل موازٍ لحجم المقابر وأعدادها وعدد الضحايا الموجودين فيها، وضعف وقلّة حجم الميزانيات المخصصة لكشف وفتح هذه المقابر والتحقيق فيها”.
وأشار الى أن “الجانب الدولي أيضاً لم يتواجد في العراق بشكل جيد للعمل في هذا الملف، والسبب يتعلق بضعف التعامل مع المؤسسات الدولية الرسمية المختصة في هذا الملف، حيث رصدنا وجود خلل في إقامة علاقات ثابتة ورسمية تسمح لهذه المؤسسات والمنظمات بالعمل، وتُسهم في تدريب الكوادر العراقية وتوفير متطلبات العمل في هذا المجال”، مبيناً أن “تراجع العلاقة بين الدولة وتلك المؤسسات الدولية، يوثر سلباً في تحقيق العدالة والإنصاف لذوي ضحايا المقابر الجماعية”.
من جانبه، قال رئيس “المركز الإقليمي” علي الصاحب، إن “ملف المقابر الجماعية مؤلم ويحاكي الضمير الحي أينما وجد؛ في الداخل والخارج، ويحكي قصة أبرياء ساقهم النظام الدكتاتوري إلى جريمة الإعدام بلا ذنب سوى أنهم قالوا (لا)، وإن كان بعضهم أعدم على (الظن والشبهة) وذهبوا شهداء ودفنوا تحت التراب بلا غسل ولا كفن، لأن قاتليهم وحوش مجرمون لا يعرفون الرحمة ولا يعرفون قيمة الإنسان ولا كرامته”.
وبيّن، أن “هناك ما يقارب (300 – 400) ألف ضحية في مقابر جماعية بلغ عددها أكثر من (2500) مقبرة موزّعة على الصحارى والمناطق النائية، تضم الرجال والنساء وحتى الأطفال ومن كل القوميات والأديان من العرب والكرد وحتى المسيحين”.
وأوضح الصاحب، أنه “تم تخصيص هذا اليوم الوطني الحزين على أرواح هؤلاء الشهداء الذين ذهبوا إلى خالقهم يشكون قسوة نظام مستبد لا يعرف إلا لغة القتل والتنكيل والتغييب”، خاتماً حديثه بالقول: “رحم الله شهداء العراق من كل الأطياف والأعراق، وستبقى المقابر الجماعية وصمة عار في جباه المتباكين على النظام السابق”، وفقا للصحيفة.
وبالتزامن مع “اليوم الوطني للمقابر الجماعية” تفتتح مؤسسة الشهداء، يوم غد الخميس، مقبرة جنة الشهداء في محافظة كربلاء المقدسة، احتفاء باليوم الوطني للمقابر الجماعية.
وقال مدير عام دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية في المؤسسة، ضياء كريم الساعدي، إن المؤسسة أهلت المقبرة التي دفنت فيها غالبية رفات الضحايا التي رفعت من معظم المقابر الجماعية الخاصة بضحايا جرائم حزب البعث طيلة السنوات الماضية، وإظهارها بشكل يتناسب مع تضحياتهم.
وأضاف أنه ستجري خلال الاحتفالية مراسيم تحديد هوية 43 شهيدا من الضحايا الذين تمت مطابقة نتائج الحمض النووي (DNA) الخاص بهم، وإبلاغ عوائلهم للحضور والاستدلال على قبور ذويهم بشكل رسمي، بعد توقيع محاضر تحقيق الهوية من قبل القاضي المختص، مشيرا إلى أن الدائرة مستمرة بإتمام ملف المقابر الجماعية وفتحها بشكل كامل وتحري مصيرها.
وأوضح الساعدي، أن الدائرة عملت على فتح الكثير من مواقع المقابر الجماعية، سواء بعد 2003 لضحايا الإرهاب و”داعش” أو قبلها الخاصة بضحايا النظام السابق، لافتاً إلى تشكيل حملات تم فيها جمع عينات دم من عوائل الضحايا تمهيدا لإنشاء قاعدة بيانات وعينات الدم المرجعية لغرض المطابقة مع الرفات والنماذج العظمية المستحصلة.