إدارة الذات تعني الكيفية التي يقوم بها الإنسان بإدارة أفكاره وأفعاله، وانعكاس هذه الأفكار والأفعال على مسيرة حياته، وبالتالي هي عملية بناء الشخصية، فكل إنسان بعد أن يعبر إلى مرحلة الوعي يحتاج إلى أن يسهم في بناء شخصيته ويدير أفكاره وسلوكياته بشكل يعود عليه إيجابيا، صحيح أن الإنسان يبقى يحتاج إلى النصيحة والمشورة حتى آخر لحظة من حياته، ولكن الصحيح أيضا إنه يحتاج إلى إدارة ذاتية مع أول لحظة يعي فيها وجوده في الحياة.
كثيرا ما نسمع بفشل هذا الإنسان ونجاح إنسان آخر، مع أنهما يعيشان في دائرة جغرافية واحدة، وقد تكون الفرص المتاحة لهما متساوية، لكن مع ذلك نلاحظ تفوق أحدهما في حياته وتراجع الشخص الآخر، لماذا يحدث هذا التباين في النجاح الحياتي؟
🔺 من إيجابيات الإدارة الصحيحة للذات، انعكاسها على السلوك والتفكير الفردي، والتأثير المباشر بالآخرين، وازدياد دائرة هذا التأثير، وإحداث نوع من الامتداد عبر موجات التأثير المتواصل
يعزوا المختصون بهذا المجال، ومنهم علماء التربية والنفس والاجتماع، هذا النوع من النجاح والفشل إلى (الإدارة الذاتية)، فهناك إنسان لا يدير ذاته وأفكاره ونشاطات حياته بشكل جيد ومنظّم ومدروس، مما يؤدي به ذلك إلى حالات من الفشل المتتالي، لأنه لا يعبأ بقضية التربية الذاتية، ولا يهتم بها، بل بعضهم لا يعرف أصلا ما هي التربية الذاتية، والإنسان الذي يجهل الشيء فإنه لا يمكن أن يستفيد منه لأنه لا يعرفه أصلا.
لهذا أول نقطة مهمة في هذا المجال، لكي يدير الشاب والإنسان نشاطه الذاتي بشكل جيد، عليه أن يفهم بدقة ما هو المقصود بالتربية الذاتية، ومن ثم كيف يربي ذاته بالطريقة الإيجابية التي تضع أقدامه على الجادّة الصواب، أو على السكّة الصحيحة كما يُقال.
وهناك مسؤولية تقع على الأهل (العائلة) وعلى المدرسة، وعلى الأصدقاء، فهذه المسميات كلها مسؤولة عن شرح وتوضيح معاني التربية الذاتية، وتوضيحها بشكل مفصّل حتى يتمكن الشاب، والإنسان بشكل عام من جعل أفكاره ضمن الدائرة الصحيحة، ومن ثم تحويلها إلى أنشطة عملية إيجابية فاعلة، تحميها من التوجّهات السلبية.
إذن تعني التربية الذاتية تلك الكيفية التي يستطيع الإنسان من خلالها ضبط أفكاره ومعتقداته بصورة جيدة، ولكن هنالك مصادر يحتاجها لكي ينهل منها تلك الأفكار والمعتقدات، ويأتي دور الأهل والمدرسة والأصدقاء للمساعدة في اقتراح العناوين والكتب التي تمنح هذا الإنسان أو هذا الشاب الأفكار والمعتقدات الجيدة، كالقرآن الكريم وسيرة الأئمة الأطهار عليهم السلام، مثل كتاب نهج البلاغة وغرر الحِكَم اللذين يحملان كلام أمير المؤمنين، عليه السلام.
هذه الكتب تمنح الشاب الأفكار والقيم والمعتقدات التي تبني منظومته الفكرية وتعمدها بأحسن الأفكار والمقومات الفكرية والاعتقادية، وتبني لديه مساحةً واسعةً من التفكير والاعتقاد تنعكس على سلوكياته وأعماله المختلفة التي لابد أنها ستأتي في إطار سليم وإيجابي يُسهم بإدارة الذات بطريقة سليمة إيجابية وفعالة.
كذلك من الفوائد الكبيرة لإدارة الذات الصحيحة، منح الشاب الثقة بالنفس، والشروع بنقل تجربة النجاح التي عاشها إلى الشباب الآخرين كالأصدقاء أو الزملاء في المدرسة أو أماكن العمل أو سواها، وهذه من المسؤوليات الأساسية التي لابد أن ترافق عملية التربية الذاتية، وهي تمثل بنقلها إلى أكثر عدد من الشباب وحثّهم على استنساخ هذه التجربة التربوية بحذافيرها، حتى تتوفر للشباب بشكل عام فرصة إدارة الذات بطريقة ناجحة، مما يؤدي بالنتيجة إلى بناء حياة معمَّدة بالقيم الصالحة والاستقامة.
🔺 كثيرا ما نسمع بفشل هذا الإنسان ونجاح إنسان آخر، مع أنهما يعيشان في دائرة جغرافية واحدة، وقد تكون الفرص المتاحة لهما متساوية، فلماذا يحدث هذا التباين في النجاح الحياتي؟
ومن إيجابيات الإدارة الصحيحة للذات، انعكاسها على السلوك والتفكير الفردي، والتأثير المباشر بالآخرين، وازدياد دائرة هذا التأثير، وإحداث نوع من الامتداد عبر موجات التأثير المتواصل، حيث يتأثر الشباب الآخرون من تجربة إدارة الذات الناجحة، وهكذا سوف يتجاوز هذا التأثير محيط العائلة، إلى محيط الأصدقاء والزملاء في العمل، وليس بعيدا انتشار هذه التجربة إلى مديات أوسع وأبعد كونها سوف تكون سببا في تحسين حياة الناس وتطويرها.
لهذا من الأهمية بمكان أن يحرص الشباب والناس بشكل عام، على مراعاة التربية الذاتية، كونها تمثل خريطة عمل لتطوير حياتهم بالفكر وبالعمل في نفس الوقت، فمن يربي ذاته ثقافيا فإنه يكون في مأمن من التخلف، ويحصد الأفكار الصالحة دائما ويبحث عن المعتقدات التي تجعل حياته آمنة مؤمنة من العقبات الفكرية والعقائدية، فينتهي إلى نتائج من طراز خاص، كلها تصب في صالحه وتجعل منه شخصية مرموقة في المجتمع، وذات تأثير إيجابي مؤثر وفعال في الآخرين دونما استثناء.