هدم قبور أئمة البقيع، عملية قام بها الوهابيون وحكام آل سعود عندما سيطروا على المدينة المنورة، واستباحوا مقدساتها، وعاثوا في آثارها تخريباً وهدماً، وقد تكررت هذه العملية مرتين الأولى: سنة۱۲۲۰هـ والثانية: سنة ١٣٤٤هـ /١٩٢٥م.
وقد أثار هدم قبور البقيع موجة غضب واحتجاجات في مختلف البلدان الإسلامية، وحتى يومنا هذا، فإن الشيعة تقيم مجالس العزاء والبكاء بهذه المناسبة، ويقدمون التعازي، ويقرأون المراثي في الذكرى السنوية لهذا العمل الأجرامي، ولكن؛ هل تكفي هذه اللوعة والمشاعر من المحبين لرفع ذلك الحيف والظلم؟!
و أين باقي المسلمين؟ ولماذا لا نسمع منهم حسيسا ولا نجوى، وهم يرون من هم أقل منهم، و رفعة وشرفا و منزلا وسابقة، لهم مشاهد عامرة، وحتى اسماء مساجد لهم فيها البناء والبذخ في الانفاق عليها، بينما قبور أئمة الهدى في البقيع بحال يرثى له، تسوء الصديق وتفرح العدا؟
🔺 إن المقابر والمعابد والاديرة تحترم في كل بلاد العالم، وتوضع على لائحة التراث العالمي، ونحن المسلمين أولى من غيرنا بتقديم نماذج اسلامية خدمت الاسلام والعالم بفكرها وتراثها الذي صداه مازال يتردد في الغرب
يصف لنا الرحالة والمؤرخ السويسري؛ يوهان بوركهارت حالة مقبرة البقيع عندما مرّ بالمدينة المنورة في أواخر القرن التاسع عشر، وذلك بعد تهديم الوهابيين للبقيع، فوصفها وصفا مؤثراً جاء فيه: “… ولعله -أي البقيع- أشد المقابر قذارة وحقارة بالقياس إلى مثله في أية مدينة شرقية في حجم “المدينة”، فليس فيه متراً واحداً حسن البناء، كلا؛ بل لیست به احجار كبيرة عليها كتابة اتخذت غطاء للقبور، انما هي أكوام من تراب أحيطت بأحجار غير ثابتة”، ويضيف “بوركهارت” بالقول: “و يعزى تخريب المقبرة إلى الوهابيين”، ويشير إلى بقايا القباب والمباني الصغيرة التي عمدوا إلى تخريبها، “والموقع بأجمعه عبارة عن أكوام من التراب المبعثر، وحفر عريضة و مزابل”.
فمن واجب كل المسلمين اليوم التحرك، ولو عن طريق المنظمات الأممية، وبالأخص منظمة حقوق الانسان، والضغط عليها بكل الطرق السلمية والدبلوماسية من اجل اعادة بناء شواهد أئمة اهل البيت، عليهم السلام، في البقيع، كنوع من الحفاظ على التراث الاسلامي والإنساني.
إن المقابر والمعابد والاديرة تحترم في كل بلاد العالم، وتوضع على لائحة التراث العالمي، ونحن المسلمين أولى من غيرنا بتقديم نماذج اسلامية خدمت الاسلام والعالم بفكرها وتراثها الذي صداه مازال يتردد في الغرب.
وهل يوجد اولى من تقديم اهل البيت، عليهم السلام، كنموذج مشرف ومحترم حتى من باقي الطوائف والنحل؟
فيالها من خسارة ما بعدها خسارة ان يختزل الفكر الاسلامي بمجموعة متحجرة العقل والتفكير، فهل يأخذ المثقفون والنخب الواعية على عاتقها رفع هذه المظلمة بالكلمة أولا؛ وبالفعل ثانيا؟ وهل ينزعون حياء اقلامهم لتعرية تلك الجريمة؟
إن ذكر وتراث أئمة اهل البيت، عليهم السلام، مصونٌ في بلاد الغرب بلاد غير عربية، وفي بلادهم ومسقط رأسهم، نرى اضرحتهم مهملة و مندرسة، فياله من ضياع ما بعده ضياع لأمة ترفع شعار: لا اله الا الله محمد رسول الله.