في زحمة انشغالات الشباب بحركة الحياة، قد يغفلوا عن الحاجة (للإشباع الروحي)، وهذا المفهوم يتعلق بالجانب الروحاني الذي تتشكل منه شخصية الإنسان، فكل بشر له جسد وله روح، ومثلما يهتم بجسده ويحافظ عليه وعلى صحته، لابد أن يقوم بحماية الروح ويحميها من الضعف، حتى تكون شخصيته متوازنة وغير قلقة، ويحدث هذا التوازن بالاهتمام المتوازن بالروح والجسد.
من أهم خطوات الاهتمام بالروح، تدعيم الجانب الإيماني، وهذا الجانب يمكن للإنسان؛ وللشاب أو الطالب الجامعي على وجه التحديد أن يقوّيه من خلال قراءة القرآن الكريم، والأدعية؛ سواء عند زيارة المراقد المقدسة، أو في الحسينيات والمساجد، أو في البيوت أيضاً، لذلك مطلوب الإقبال المستمر على قراءة القرآن الكريم، من قِبَل جميع الفئات العمرية، فيجب أن يكون لديها إقبال واضح ومستمر لقضاء وقت معين في التمعّن بالآيات الكريمة، والتعمّق في مضامينها.
قارئ القرآن بشكل عام، نراه يتدفق صحة وعافية، ونلاحظ ذلك في مساحة وجهه وفي ملامحه، حيث يسوده الاطمئنان، والشعور بالرضا النفسي التام، فيعيش حالة من الهدوء التام بسبب هذا الاستقرار الذي يشعر به، وهذه الحالة الشعورية غالباً ما تنقص الشباب، بسبب طبيعة حياتهم ونشاطهم وانشغالهم في حياة مليئة بالجهد والنشاطات الذهنية والعضلية، هذه القضايا تأخذ الكثير من أوقات الشباب، لذلك حين ينفرد مع نفسه وهو ممسك بالقرآن الكريم، فإنه يتطلع في آياته بشغف كبير، أملاً بالحصول على الإشباع الروحي الذي يجعله أكثر سعادة واستقراراً و اطمئنانا في حاضره ومستقبله أيضا.
كثير من شبابنا وطلابنا الجامعيين اليوم مطلوب منه أن يستثمر وقته بطريقة أفضل، فيستبدل الساعات التي يقضيها في أماكن الترفيه كالمقاهي والحدائق والكازينوهات وسواها، بقراءة القرآن الكريم والأدعية للتقرّب إلى الله تعالى، لأن معظم شبابنا؛ ومنهم الجامعيين، يشعر بنوع من النقص الروحي الذي يجعله يعاني من القلق ومن حالة اللااستقرار، فهناك فراغ نفسي و روحي يعتمل في أعماق الشاب، والإنسان بشكل عام، هذه هي طبيعة تكوينية عند كل إنسان، إنه يريد الاستقرار والاطمئنان النفسي، فيبحث عنه في كل شيء، بالطبع هناك أشخاص يبحثون عن حاجتهم هذه في أماكن ومصادر غير صحيحة، لذلك يبقون في حالة فشل دائم وعدم استقرار وقلق يجعل حياتهم غير مستقرة.
🔺 كثير من شبابنا وطلابنا الجامعيين اليوم مطلوب منه أن يستثمر وقته بطريقة أفضل، فيستبدل الساعات التي يقضيها في أماكن الترفيه كالمقاهي والحدائق والكازينوهات وسواها، بقراءة القرآن الكريم والأدعية للتقرّب إلى الله تعالى، لأن معظم شبابنا؛ ومنهم الجامعيين، يشعر بنوع من النقص الروحي الذي يجعله يعاني من القلق ومن حالة اللااستقرار
لهذا من الأفضل للشباب والطلبة الجامعيين أن يجعلوا من قراءة القرآن والأدعية حاجة وممارسة يومية، ولا بأس من أن يضعوا لها وقتا، أو أن ينظموا ويخططوا لهذا الجانب، ويصنعوا الفرصة المناسبة للتقرب من كتاب الله الحكيم، فيستغرقوا في آياته، ويعتادوا على ذلك في الأوقات المحددة أو ما بعد أداء الصلاة، وهناك شباب ومنهم طلبة جامعيين ينظمون أوقاتهم، ويحددون ساعات معينة لقراءة القرآن، ومنهم من يفضل هذه القراءة في المراقد المقدسة لكي تتضاعف الفوائد التي يحصلون عليها، فهناك شعور نفسي إيماني خاص يحصل عليه الزائر للمراقد المقدسة والمصلّي فيها والذي يتبع ذلك بقراءة القرآن في حضرة صاحب المرقد، حيث الترتيل والتهجّد والغوص في حالة شعورية إيمانية عميقة تملأ روح وقلب الشاب القارئ للقرآن.
فحين يبدأ الشاب أو الطالب الجامعي المسلم بقراءة القرآن، تراه ينقطع عن العالم الخارجي ويعيش داخل القرآن فقط، كأنه دخل في بيت خاص، ثم يبدأ بالقراءة، فيشعر شيئا بعد شيء بالامتلاء الروحي، ويشعر بذلك الفراغ الكبير في داخله وهو يمتلئ مع استمرار التلاوة بمشاعر روحية يكاد يراها بعينه، لأنها تترك لديه تأثيرها الواضح، وتشبعه روحيا، فيتغيّر من الداخل وينمو في أعماقه نوع من الصفاء لا يشعر به إلا عندما يكون مع القرآن الكريم.
لذا فإن هذا الأمر (قراءة القرآن لغرض تحقيق الإشباع الروحي)، يستدعي من الشاب المؤمن تنظيما وترتيبا خاصا، لاسيما بالنسبة للوقت، وغالبا ما تتم زيارة المراقد المقدسة في نفس المدينة التي يسكنها الشاب، أو في حملات جماعية إلى المراقد في المدن الأخرى، أو يواصل بعضهم زيارة الحسينيات والمساجد، فيلتقون في جماعات صغيرة أو كبيرة، ومنهم من يقرأ القرآن بشكل فردي أو يفضل التواجد مع الجماعة، وفي كل الأحوال سوف يصل كل شخص إلى الطريقة التي تحقق له الإشباع الروحي، وتملأ الفراغ الحاصل في أعماقه، فتجده مع قراءة كل آية جديدة يشعر كأن شيئا ما في قلبه وروحه يمتلئ بالسكينة والاطمئنان.
حيث يوصَف القلب بأنه أشبه بالوعاء الفارغ، وإن الإنسان مخيّر في ملء وعاء قلبه، منهم يملؤونه بالخيرات وبالآيات المباركات، فيعيشون حياة الاستقرار والاطمئنان المستمرة، ولا يعانون من القلق أو الخوف من الحاضر والمستقبل، أما إذا حدث العكس لا سمح الله، ويملأ الشاب وعاء قلبه بالشرّ، أو بالكراهية مثلا، أو بالأعمال المسيئة، فإنه يبقى قلقا خائفا طوال حياته، ولا ينعم بحالة الاطمئنان والاستقرار، لذا لابد أن يحرص الشباب والناس من كل الفئات العمرية، على ملء وعاء القلب بالخير، وقراءة القرآن الكريم والأدعية هي خير طريقة لتحقيق هذا الهدف.