يدور حاليا صراع بين العولمة وأدواتها من جهة، وبين المجتمعات (الشرقية) وثقافاتها الأصيلة من جهة ثانية، وهناك وقفة واضحة لهذه الشعوب في مواجهة قوى ومصادر العولمة التي تقوم بضخ عادات وسلوكيات وأفكار غير أصيلة، تسعى من خلالها للسيطرة على مقدّرات الشعوب والدول الأخرى من خلال إلغاء العادات والقيم الأصيلة لها.
إنه صراع واضح لا يمكن إلغاءه أو التقليل من تبعاته الكثيرة، خصوصا على الشباب والمراهقين، لأنهم اليوم يقفون في منطقة غير مستقرة، فمن ناحية هم شباب يعيشون مأزق العولمة، ويعانون من المد الإعلامي العالمي المفتوح إلى ما لا نهاية، ومن ناحية أخرى يواجه ملايين الشباب والمراهقين أخبارا مغرضة وأفكارا منحرفة، ومساعٍ تريد أن تغسل أدمغتهم وتعزلهم عن أصولهم الثقافية والاجتماعية والدينية.
🔺 كل شيء مفتوح أمام الشباب، بل أمام المراهقين، بمجرد ضغطة زر على الموبايل، حيث يصبح كل شيء أمامه ومتاحا له من دون مصاعب ولا عوائق، فكيف يحمي نفسه
يحدث هذا بشكل يومي، وفي سيول تثقيفية متواصلة، يتم عرضها عبر منصات إلكترونية ومواقع وفضائيات ومختلف وسائل التوصيل والتواصل، والشباب على نحو خاص لابد أن تقع هذه القضايا المغرضة أمام عيونهم في هذه المواقع، لأنهم لا يستطيعون عزل أنفسهم عن حركة العالم، حيث باتت شبكة الإنترنيت تمثل العصب العملي التام للعالم كله.
ماذا يفعل الناس عموما في المجتمعات التي تواجه مثل هذه السيول المدمرة للتقاليد والقيم والثقافات الأصيلة، بل ماذا يفعل الشباب وحتى المراهقون كي يحموا أنفسهم من بوابات ومنافذ الانحرافات التي لا حصر لها ولا حدّ؟
فكل شيء مفتوح أمام الشباب، بل أمام المراهقين، بمجرد ضغطة زر على الموبايل، حيث يصبح كل شيء أمامه ومتاحا له من دون مصاعب ولا عوائق، فكيف يحمي نفسه، وما هي أدواتنا وخطواتنا التي نحمي بها أنفسنا وشبابنا ومجتمعاتنا التي لم تعد قادرة على الانعزال عن العالم، بعد أن جعلت العولمة الجميع في غرفة واحدة؟!
في أولى الخطوات المهمة بإطار المواجهة، يحتاج هذا الأمر إلى معالجات جادة، ولكنها لابد أن تكون كبيرة جدا، ومنتظمة جدا، وفعالة جدا، يشترك فيها خبراء، وجهات رسمية ومدنية لديها القدرة المنتظمة والمدروسة، في مجال مواجهة الثقافات الرديئة المغرضة المسيئة الخبيثة والتي تصلح لها جميع الأوصاف القبيحة.
هذه السيول الإعلامية الثقافية المغرضة تستحق بأن توصف بالقبيحة طالما أنها تريد أن تدمر ثقافة وعادات الناس الأصيلة، والهدف الأكبر والأوضح هو أن تلغي ثقافاتهم وعاداتهم الأصيلة، حتى تسيطر عليهم ويصبحون تابعين ومؤتمرين لها.
ما العمل في هذه الحالة؟
الجواب ليس غامضا ولا صعبا، ولكن المشكلة تكمن في كيفية المواجهة، فالأمر ليس سهلا، والمواجهة تحتاج إلى التخطيط، والتنظيم، ومن ثم نشر الوعي اللازم، لأن المقابل له أهدافه الواضحة التي لا يعلن عنها ولكنها ليست صعبة الاكتشاف.
- شهر رمضان فرصتنا الكبيرة
هذا ما يقوله الجميع، المسؤولون، والنخب التي تقود الشباب وغيرهم، وهم كثر ومتنوعون، منهم سياسيون وأكاديميون وتربويون ورجال دين وأخلاقيون، كلهم يؤكدون على أهمية مواجهة المد الإعلامي المتعولم الخبيث، ولابد من فضحه بشكل تام، وتبيين أهدافه.
أهم نقطة وأقوى ركيزة لدينا، أن نستثمر الفرص المتاحة لنا في شهر رمضان لتقوية إيمان الشباب والمراهقين بأصالة ثقافتهم وقيمهم، وعاداتهم الاجتماعية الأخلاقية النبيلة، وأن لا ينظروا لها على أنها من التراث القديم الذي لا يجدي نفعا كما تروّج الثقافات المغرضة.
🔺 أهم نقطة وأقوى ركيزة لدينا، أن نستثمر الفرص المتاحة لنا في شهر رمضان لتقوية إيمان الشباب والمراهقين بأصالة ثقافتهم وقيمهم، وعاداتهم الاجتماعية الأخلاقية النبيلة
عنصرالإقناع مهم جدا لاسيما لشريحة الشباب والمراهقين، لأنهم مصدومون بواقع الانترنيت، الذي يقدم لهم أفكاره المنحرفة وتقاليده الخبيثة ساعيا إلى دعمها بأدلة للضغط على عقول وقناعات الشباب، لذا مطلوب توعيتهم وفضح الأساليب المنحرفة لمصادر ومضامين الثقافات والعادات المنحرفة.
توجد أهمية كبيرة لجعل الشباب والمراهقين وغيرهم، يفهمون ألاعيب العولمة، ومصادر الإعلام المغرض والثقافات الدخيلة والعادات التي تروج لقيم لا تناسب حياتنا ولا مجتمعاتنا، ولابد من حث الشباب على التمسك بتقاليد شهر رمضان، وبالنشاطات التي تسود هذا الشهر من مناسبات وفعاليات وحضور للمجالس التثقيفية.
وفي النهاية طالما لا يمكن الانعزال والتقوقع، فإن الطريق الوحيد هو المواجهة، وهذه تحتاج إلى التخطيط وكيفية التنفيذ، والاستعداد كأفراد وكمجتمع للمواجهة، فالصراع اليوم بأشد درجاته، بين ثقافات وعادات دخيلة تريد أن تمحو عاداتنا وثقافتنا و وجودنا، وبين أصالتنا وعقائدنا وديننا وقيمنا وعاداتنا التي لا يمكن أن نتخلى عنها لأنها هويتنا وكينونتنا.