ها أننا ندخل في عوالم شهر رمضان المبارك التي انتظرناها طويلا، لا أظن أن ذلك الشاب المؤمن الذي قال بصوت عالٍ لمجموعة من أصدقائه، إنه ينتظر حلول شهر رمضان يوما بعد آخر، وشهرا بعد شهر، ولكن الغرابة حقا تكمن في تساؤل أكثر من شاب حين أطلقوا كلماتهم متسائلين عن أوجه الاختلاف بين شهر رمضان والشهور الأخرى؟
وإذا كان من حق الجميع أن يسأل ويفهم ويقتنع، لكن هناك بعض الأسئلة تبدو بديهية، ولا تحتاج إلى كثير من النقاش، لأنني بصراحة لا أظن أن هناك مسلم على وجه الأرض لا يعرف ما هو الفرق بين شهر رمضان والشهور الأخرى، كما أن معظم الشباب إن لم أقل كلهم (وأقصد الشباب المسلمين)، تربّوا في عائلات مسلمة عاشت أجواء شهر رمضان بكل ما تعنيه هذه الأجواء من تميّز واختلاف عن الشهور الأخرى.
🔺 أهم قضية يجب على الشباب أن يركزوا عليها هي قضية الموازنة بين الدخول إلى عوالم السوشيال ميديا والانشغال بها، وبين ما يقدمها الواقع الفعلي من فرص تثقيفية دينية وفكرية متوازنة تركز على القيم المهمة
ولعل أول هذه الاختلافات، انقطاع الناس عن الطعام والشراب، والإكثار من تلاوة القرآن الكريم والأدعية الشريفة، والإكثار من زيارة المراقد المقدسة للأئمة عليهم السلام، سواء داخل المدينة التي يقطنها الشباب أو خارجها، حيث يتجمعون في ما يطلق عليه بالحملات الجماعية، في سيارات كبيرة تنقلهم إلى مدينة سامراء المقدسة وإلى الكاظمية المقدسة وإلى العتبات المطهرة في النجف الأشرف وفي كربلاء المقدسة.
هذه الزيارات موجودة في كل الشهور، ولكنها تتضاعف في شهر رمضان، حيث يعتاد الشباب على التجمع في حملات جماعية ويهبون معا خارج مدن سكناهم، وكل هذا لأجل الاستزادة من اعمال العبادة ومضاعفة الإيمان.
لهذا نجد أن الشباب في شهر رمضان، يكرسون الكثير من أوقاتهم للتركيز على الأعمال الرمضانية، وكثرة الزيارات داخل المدينة وخارجها، والأمر المهم والجيد أيضا، بحث الشباب الدؤوب عن المجالس الدينية، وحضورها بشكل منتظم في شهر رمضان، كون الخطباء الأجلّاء يقدمون محاضرات سخية بالقيم العظيمة التي يبحث عنها الشباب، وتترسخ في عقولهم وقلوبهم، بعد أن يسمعوها من خطيب غالبا ما يقرن هذه القيم بأحداث و وقائع مهمة حصلت فعليا في مضمار الحياة.
فكم من شبابنا اليوم ضائع في العوالم المادية، وتائه في خرائط العولمة الجديدة، وضائع فيما يسمى بمواقع السوشيال ميديا، وهناك مشكلة كبيرة يتعرض لها شباب اليوم، فواقع العصر لم يعد يقبل الشاب الذي يعزل نفسه عن وسائل العولمة وخرائط السوشيال ميديا، والشباب الذي يبتعد عن هذه العوالم لا يجد من يقترب منه، كذلك سيجد نفسه بعيد عن فرص المعلومات والأعمال المناسبة والمعلومات، لذا لا يمكن للشاب أن يعزل نفسه عن هذا العالم، فما هو البديل الصحيح الذي يفتح أبواب العلاقات الصحيحة للشاب؟
🔺 إن شهر رمضان يقدم الكثير من الفرص للشباب، ويفتح أمامهم الكثير من أبواب العلم والعمل والعلاقات الصحيحة
إن شهر رمضان يقدم الكثير من الفرص للشباب، ويفتح أمامهم الكثير من أبواب العلم والعمل والعلاقات الصحيحة، فالشاب عليه أن يوازن بين الإقبال على مواقع التواصل ومصادر الإعلام والمعلومات، وبين ما يقدمه الواقع له من معلومات، خاصة في هذا الشهر الذي تكثر فيه مثل هذه الفرص عبر المجالس والندوات الدينية والفكرية والثقافية وسواها.
أهم قضية يجب على الشباب أن يركزوا عليها هي قضية الموازنة بين الدخول إلى عوالم السوشيال ميديا والانشغال بها، وبين ما يقدمها الواقع الفعلي من فرص تثقيفية دينية وفكرية متوازنة تركز على القيم المهمة التي يجب أن يتمسك بها الشباب، وأن يتعاملوا مع بعضهم في ضوئها، فهذه القيم تزيد من الرحمة والمحبة والاحترام والتعاون فيما بينهم، كما أنها تفضل المواقف الإنسانية على كل المواقف الأخرى.
وهكذا يجد الشباب في شهر رمضان الفرصة اللازمة لإعادة الاعتبار للقيم التي يجب أن يتمسكوا بها جيدا، وأن يسيروا في هديها، وأن ينظموا حياتهم وعلاقاتهم المتبادَلة في ضوئها، فالشاب الصائم الملتزم لا يعني أنه مطالب بالانعزال والوحدة والابتعاد عن الشباب الآخرين، بل عبلى العكس من ذلك عليه أن يتفاعل أكثر، وأن يسعى أكثر لاستثمار الفرص الرمضانية الكبيرة التي يقدمها هذا الشهر على المستوى الأخلاقي والديني وغير ذلك.