ساد اعتقاد لدى أُسر بأن غرف النوم هي ليست أكثر من مهجع لنوم يذهب اليه الأطفال عندما يشعرون بالتعب ويهاجمهم النعاس في الساعات المتأخرة من الليل، وهي في نظر معظمهم، أقل أهمية من حيث الترتيب والديكور والتزويق والمساحة، مقارنة بغرفة الاستقبال، وبقية الغرف الأخرى، ومن جهة أخرى فإن عدة مساكن في الكثير من المدن الكبرى تتسم بأنها محدودة المساحة، بحيث لا تضم سوى غرفة نوم واحدة لا أكثر، وبهذا يُحرم الطفل من هذا الفضاء الخاص به.
ان عدم تهيئة غرفة خاصة بالأطفال يعوضه بعض الأهالي بتوفير المتطلبات الأخرى ولهذا التوفير بعض السلبيات، منها التأثير بصورة مباشرة على شخصية الأطفال وسلوكياتهم العامة، بالإضافة الى التأثير على الجوانب العلمية، فالطفل بحاجة لمثل هذه الفسحة والمجال الخاص لمتابعة واجباته المنزلية والمذاكرة جيدا استعدادا ليوم مدرسي آخر.
🔺 ان عدم تهيئة غرفة خاصة بالأطفال يعوضه بعض الأهالي بتوفير المتطلبات الأخرى ولهذا التوفير بعض السلبيات
في الفطرة الإنسانية فإن كل إنسان يحب أن يشعر بامتلاكه مساحة خاصة به يتحكم هو بتفاصيلها وحيثياتها، وغرف نوم الأطفال هي أولى تلك المساحات التي يحبون تملكها والانفراد في ترتيبها وتصميمها وتوزيع الأثاث والأدوات الموجودة فيها.
فعالم الطفل عادة ما يبدأ من غرفة نومه وسريره وتفاصيله الصغيرة، وهنا تبدأ ملامح شخصيته بالتشكّل والتكوّن، ولهذا نرى قسم كبير من الأطفال يحاولون تغيير أماكن الأدوات الموجودة في غرفتهم بصورة دائمة لجعلها تناسب مزاجهم وتنال رضاهم وهنا يجب دعم قرار الطفل وتنفيذ طلباته ما لم يكن فيها ضرر أو خطر على سلامته وصحته.
وهذه حقيقة تؤكدها وتدعمها الأبحاث العلمية، وبحسب بعض الأبحاث فإن الفوائد الرئيسية التي ستعود على الطفل من حصوله على غرفته المهيأة بشكل جيد، تتمثل في جسد صحي وعقل سليم، وشخصية اجتماعية واثقة من نفسها، وقادرة على الابتكار، فالابتكار الصحيح يأتي من البيئة الصحيحة التي تكون فيها خيال الطفل وأصبح قادر على توليد الأفكار.
ولتحقيق هذه الغاية ينصح خبراء التصميم وعلماء النفس باستشارة الأطفال في عملية تصميم غرفهم بقدر المستطاع عندما يكونوا قادرين على التكلم وإبداء الرأي، فلا يوجد من هو أكثر خبرة منهم في معرفة ما يحبون وما لا يحبون، مع مراعاة أن تكون مقترحاتهم معقولة وصحية.
ولا يغفل الخبراء أهمية توفير المساحات او البيئة التي يحب الطفل التواجد فيها، اذ يلفت بعضهم إلى أن إنشاء مساحة مخصصة للأطفال للدراسة والتعلم أمر في غاية الأهمية بالنسبة إلى الطفل، لكن بشرط توضيح أن هذه المساحة مخصصة لهم للتعلم فقط وليس للهو والمرح، وسيساعدهم ذلك على فهم أنه عندما تنتهي فترة تعلمهم، يمكنهم الابتعاد عن تلك المنطقة وأخذ قسط من الراحة.
يضاف الى ذلك بعض الأشياء التي على الاسرة اتباعها من اجل جعل الأطفال يشعرون بأجواء مريحة وقريبة من تلبية رغباتهم، كأن يكون السماح لهم بتزيين غرفهم برسوماتهم الخاصة وأعمالهم الفنية، ومثل هذه الأمور تساهم بشكل كبير في تطوير عدة مهارات قد يستفيدون منها بشكل طبيعي في جميع مجالات التعلم، كالرياضيات والعلوم وغيرها، وتجعلهم يشعرون تلقائيا بالمزيد من الحماس حيال عملية المذاكرة والتعلم.
لا يقل تصميم الإضاءة أهمية عن قطع الأثاث، فعلى سبيل المثال، عند تحديد الركن الأنسب لوضع مكتب الطفل، يجب الأخذ بعين الاعتبار موقع النوافذ في الغرفة، لتجنب وضعه في المكان الذي يكون فيه ضوء الشمس ساطعا، ومن المهم أيضا، التأكد من وجود إضاءة كافية، سواء من ضوء السقف أو فوانيس سطح المكتب أو المصابيح الأخرى الموجودة في الغرفة.
فمن المشاكل التي يقع فيها الأهالي هي مشكلة خوف الأطفال من الظلام والتي تدفع معظمهم الى ترك غرف نومهم واللجوء لغرفة نوم الأبوين ليشعر الطفل بالأمان والراحة هناك، اذ يعاني الكثير من الآباء من هذه المشكلة التي لا يجدون الطريقة المثالية لتجاوزها.
🔺 هنالك جوانب أخرى لا يمكن اغفال توفرها في غرفة الأطفال وهي التهوية الجيدة، وهذا عنصر ضروري جدا لسلامة وصحة الطّفل
تجاوز هذه الإشكالية يكون عبر جعل غرفة الأطفال خاضعة للإنارة الطبيعية، كما يعد تعرض غرف الأطفال إلى الضوء الطبيعي أمرا ضروريا نظرا إلى التأثير الإيجابي الذي يتركه الضوء على أدمغتهم وأعينهم، خصوصا مع زيادة أوقات الجلوس أمام الشاشات، وتناقص فرص الأطفال لقضاء الوقت في الهواء الطلق.
هنالك جوانب أخرى لا يمكن اغفال توفرها في غرفة الأطفال وهي التهوية الجيدة، وهذا عنصر ضروري جدا لسلامة وصحة الطّفل، إذ يجب تهوية غرفة نوم الطفل وتعقيمها باستمرار لتبقى منعشة ومحفزة للطفل كي يمضي وقت اللّعب والنّوم فيها دون انزعاج أو أضرار في جهازه التّنفسي والرئتين.
لا تفكر الكثير من الأسر في نوعية الألوان التي يجب اختيارها لغرف الأطفال، وكذلك نوعية الأثاث ويتجه معظمهم إلى اختيار لون موحد لكامل المنزل، وهنا قد تقع الاسر في خطأ كبير بحق الأبناء، فقد يكون الاختيار عشوائيا، ومن الصحيح عليهم مراعاة عدة اعتبارات نفسية وتصميمية، وخاصة مدى انسجام اللون مع أثاث الغرفة، لاسيما وان العقود الأخيرة شهدت ازدياد في التركيز على أهمية الألوان سواء في عملية التعلم أو العلاج أو بهدف الشعور بالراحة والاسترخاء وغيرهما من الوضعيات التي يمكنها التأثير مباشرة على الجهاز العصبي للإنسان وبالتحديد الأطفال.