لي زميل عمل سابق كان قد انتقل الى مكان عمل آخر في بداية العام الدراسي الحالي، زميلي هذا شكى له تعرضه للظلم والاستخفاف وهو يلوم نفسه لكونه لم يسمع نصحيتي له بضرورة ان يتخلى عن جزء من طيبته الزائدة التي يعامل بها جميع الناس من دون استثناء فهو يفرط في طيبته الى الحد الذي يجعل الآخرين يستغلون تلك الطيبة التي ربما في غير محلها، فهل باتت الطيبة الزائدة مشكلة في مجتمعنا؟
وكيف يمكن ان يغيّر ذو الطيبة الزائدة من طبعه هذا حتى يحد من استغلاله؟
تعرف الطيبة الزائدة على أنها وصف للتأثير الجسدي والعاطفي والنفسي لمساعدة الآخرين، وتصيب الطيبة الزائدة في الغالب الأشخاص المهنيين الذين يتعرضون لمدة طويلة لصدمات الآخرين، وبالتالي يكونون عرضة للإصابة بالصدمات الثانوية غير المباشرة، كما يمكن أن يتعرضوا لمشاكل حادة تعرض صحتهم العقلية والجسدية للخطر.
- التفسير الخاطئ:
تفسير طيبة الانسان على انها ضعف تأتي من مشكلة في العقل العربي على وجه العموم وربما العراقي على وجه الخصوص، إذ ان اغلب الناس يفسرون طيبة الانسان على انها ضعف في الشخصية ولو كان غير ذلك لما قدم كل هذا للناس من دون مقابل كما يزعمون.
🔺 تفسير طيبة الانسان على انها ضعف تأتي من مشكلة في العقل العربي على وجه العموم وربما العراقي على وجه الخصوص
هذا التفسير غير المنطقي و غير المنصف على الاطلاق يؤدي الى غلق ابواب المساعدة بوجه محتاجيها ويحوّل الطيبين بعد الصدمة بالمواقف الى اشخاص مصلحيين لا يخدمون سوى انفسهم ولا يمهم من حولهم غرقوا ام احترقوا.
- تنويه:
وللتوضيح انا لست من الداعين الى ان يكون الانسان طيباً على الدوام ولا غير انساني على الدوام فأنا ادعو الى الموازنة في التعامل مع الناس وبصورة نسبية تختلف من شخص لآخر؛ فالإنسان مطالب بطيبة القلب والرأفة على الناس والتعامل الحسن إلا أن هذه الأمور يجب ألا تقل كثيرا فيقسو قلب الإنسان ولا تزيد كثيراً فيستغفله الناس.
- كيف يتوقف الانسان عن الطيبة المؤذية له؟
حين يتعرض الانسان الطيب الى الاستغلال والاهانة عليه ان يفكّر ملياً في المغادرة الجزئية للطيبة التي تحط من قيمته وتنال من شخصيته، ومن اهم ما يجب ان يقوم به الانسان في هذا الساق هو:
- ضرورة ان يحمي الانسان نفسه عبر التعامل بأنانية نسبية لتجنب استغلال الاخرين، فعلى الرغم من ان الانانية صفة غير محمودة لكنها في مثل هذه المواقف تفضل لان تفكير الانسان تغير متجهاً صوب البرغامتية المقيته، ومن هنا فإن الذين يعاملون الناس بطيبة مفرطة يصبحون ضحايا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لذلك لابد من تغليب المصلحة الشخصية أحياناً، للتخلص من استغلال طيبة القلب على الأقل.
- لكون اكثر ما يعاني منه اصحاب الطيبة المفرطة هو الرفض حين يطلب منهم القيام بشيء ما فيقبل مرغماً ومحرجاً رغم ان تنفيذ هذه الطلبات مجهدة جداً، وهنا ببساطة اصبح لازماً تعلم قول (لا) فهذه الكلمة سحرية لدرجة أنها تتحكم بمصائرنا أحياناً، فهي طريقة الرفض بلطف دون أن تجرح أحداً، ودون أن تشعر بالذنب على سبيل المثال ارفاق جملة رفض مؤدبة مع لا مثلاً (عذراً لا أستطيع، كنت أتمنى ولكن)، فقول لا سيضع حداً للاستغلال البشري.
- من الاهمية بمكان ان يتقرب ضحايا الطيبة المفرطة من الأشخاص الإيجابيين لتجنب الأشخاص الذي يستنزفون الطاقة والأشخاص السلبيين، إذ إن لهم تأثير كبير على حياة الإنسان، وبالتالي فإن الأشخاص الذين يعانون من طيبة زائدة يجب عليهم إحاطة أنفسهم بالأشخاص الإيجابيين الذين يخففون من معاناتهم وتوترهم، ويزيدون من المخزون العاطفي لديهم.
🔺 إنّ اصل الطيبة من السلوكيات الانسانية الجميلة وهي ليست مشكلة او تهمة، لكن استغلال الناس لها جعلها عبئاً ثقيلاً على حاميلها
في الخلاصة نقول: إنّ اصل الطيبة من السلوكيات الانسانية الجميلة وهي ليست مشكلة او تهمة، لكن استغلال الناس لها جعلها عبئاً ثقيلاً على حاميلها، لذا رأينا من الضروري ان نقف عندها لنقدم بعض النصائح لاؤلئك المتعرضون للاستغلال لكي يوازنوا ولا يفرطوا لئلا يخسرون انسانتيهم ولا يستغلون في الوقت ذاته.