اكثر ما يشغل بال الاهل هو اظهار ابناءهم بالصورة الجميلة والوصول بهم الى منصات الانجاز الحياتية بكل صنوفها، ومن هذا المنطلق تحديداً هم يسعون الى الوقوف الى جانب ابنائهم ودعمهم بكل ما اوتوا من قوة وليس في الامر مشكلة عند هذا الحد من الدعم، بل ان المشكلة تكمن في الدعم غير المشروط وبطريقة مفرطة وهذا الذي يعرف بـ(المساندة العمياء) للطفل، فما هي وماهي سلبياتها؟
وما هي اسبابها؟
وما طرق الحد منها؟
تُعرف المساندة العمياء للطفل على انها: المواقف التي يندفع فيها الآباء دون تفكير في مساندة ابنائهم والدفاع عنهم، حيث يعتقدون بأن هذا الدفاع من شأنه أن يحافظ على شخصية ابنائهم قوية وبالتالي حمايتهم ولاسيما من أولئك الذين هم أقوى منهما وعلى الاقل انتزاع الحقوق لهم بطريقة او بأخرى.
🔺 مساعي الآباء في مساندتهم لابنائهم تأتي من اعتقادهم بأن ذلك سيقوّي من شخصيتهم ويدفعهم باتجاه الاعتماد على انفسهم والدفاع عنها
مساعي الآباء في مساندتهم لابنائهم تأتي من اعتقادهم بأن ذلك سيقوّي من شخصيتهم ويدفعهم باتجاه الاعتماد على انفسهم والدفاع عنها وعدم السماح للاخرين بتجاوزهم او التجاوز عليهم، لكن الحقيقة انهم يدمرون شخصياتهم من حيث يعلمون او لا يعلمون؛ لانهم لم يتيحوا له فرصة محاسبة الذات لكونهم جعلوهم في كفة الحق من ميزان الحياة، وهذا الذي يظهر على سلوكياتهم وقد يصبح بالنسبة اليه عالة مرهِقة في المستقبل يصعب التعامل معها.
- مثال واقعي:
ضمن مجال عملي كمرشد تربوي في وزارة التربية العراقية ألحظ أن المساندة العمياء لطلبتنا بأوضح صورها، فقد يتعرض الكثير من المعلمين والمدرسين لمواقف هجومية عديدة لمجرد اننا تحدثنا مع احد الطلبة لإيقاف سلوكية ليست صحيحة؛ فأحد الآباء يقول: ان ابني لا يخطئ وأنّي ربيته على الاحترام وعدم التجاوز. بينما الحقيقة ان ابنه متجاوز وذو سلوكيات غير متزنة، ومن هذا الدعم يتولد لدى الطفل شعوراً بالقوة مما يجعله يبرر لنفسه عدم خطئه ولوالديه ايضاً وتلك هي المشكلة.
- أضرار المساندة العمياء على الطفل:
- من أكثر السلوكيات التي تنتج من هذه المساندة والتي تغيّر مسار حياته نحو الأسوأ هي ان الطفل يقوم بتكرار بعض السلوكيات الخاطئة، لأنه يدرك بأن والديه سيدافعون عنه ويساندوه، وفي مثل هذه الحالات يلجأ إلى اتباع سلوك الكذب ليتخلص من كافة المواقف المحرجة التي يتعرض لها وليقول لوالديه: انه على صواب.
- 2- ومن الاضرار الاخرى انه يزيد من سلوكياته العداونية تجاه اقرانه في المدرسة وفي الشارع وذلك ناتج من حجم الامان الذي يحيطه نتجة وقوف والديه بجانبه دائماً، كما ان الطفل الذي يُساند في مواقف الصواب والخطأ قد يتمرد على التعليمات المدرسية والأسرية، ومن ثم يتعلّم الطفل الاتكالية والاعتماد على الوالدين في حل المشاكل فهو لم يتمكن من مواجهتها بمفرده.
- لماذا يساند الاباء ابناءهم بهذه الطريقة؟
لعدة اسباب يتجه الابوين لمساندة ابناءهم بطريقة غير صحيحة ومن اهم هذه الاسباب هي:
- محاولة اظاهرهم بالصورة المثالية امام الناس وبالتالي يقال عنهم انهم آباء ومربين ناجحين ولا يقعون في الخطأ.
- السبب الآخر هو فقدان الطفل لاحد والديه بالموت او السفر او الانفصال مما يجعل من تبقى معه يقوم بمساندته بافراط لتعويضه.
- ومن الاسباب الاخرى هو احتمالية ان يكون لدى الوالدان طفلاً وحيداً مما يجعلهم يبالغون في مساندته لشعورهم بأن ذلك سيحميه ويجعله مختلفاً او مميزاً.
- ما يجب فعله؟
ما يجب فعله من الوالدين لجعل ابنائهم يسيرون على جادة الصواب هو تحليل سلوكيات ابناءهم للتأكد من قيام الطفل بسلوكية محمودة او العكس، وبالتالي التعامل معه وفق سلوكياته وليس المساندة في جميع الحالات مما يُتحيح له فرصة حساب العواقب قبل القيام بأي سلوك.
🔺 من واجب الوالدين ان يقيما مع الطفل علاقة وطيدة مبينةً على الاحترام والصدق، بدلاً من الخوف الذي يجعله يخفي الكثير من الحقائق ويزوّر الكثير ــ ايضاً ــ ليبدو متكاملاً امامهم
ومن واجب الوالدين ان يقيما مع الطفل علاقة وطيدة مبينةً على الاحترام والصدق، بدلاً من الخوف الذي يجعله يخفي الكثير من الحقائق ويزوّر الكثير ــ ايضاً ــ ليبدو متكاملاً امامهم، وهذا ما يجعله يعترف بفشله حين يفشل او يسئ التصرف وهذا ما يقوي شخصيته ويجعله واثقاً من نفسه، وبهذين الامرين يتبع الوالدين طريقاً وسطاً في التعامل مع ابنائهم وهو ما ينعكس على شخصياتهم وتعاملاتهم مع المجتمع ومع انفسهم.