الاستراتيجية العامة للمجتمع الاسلامي تقوم على مرتكزات، وكلمة (مرتكزات) لم ترد في النصوص الاسلامية، ولكن هناك كلمة أخرى موجودة في الروايات وغير موجودة في القرآن الكريم وهي كلمة (الدعائم).
في أي نظام في العالم ــ وقبل كل شيء ــ يُدرس دعائمه ومنطلقاته، وأصوله، فلا يكتفي الانسان بدراسة التفاصيل دون ان يعرف من أين جاءت تلك التفاصيل وما منبعها.
من هذه الزاوية ندرس دعائم الأمة الاسلامية، وهنا مفارقة مهمة جدا وعدم التوجه اليها كان السبب م ان الكثير من الدارسين للاسلام والمجتمع الاسلام وقعوا في اخطاء كبيرة، ومنهم المؤلف الشهير إبراهيم الشاطبي.
⭐ دراسة كل نظام يجب ان يكون ضمن منهج ذلك النظام، وضمن ثقافته، وبصائره، فلا يمكن دراسة الاسلام بمناهج الغرب؛ الماركسية، او الهيغلية، او الديمقراطية، هذه المناهج تصلح لدراسة انظمتهم
ولذا دراسة كل نظام يجب ان يكون ضمن منهج ذلك النظام، وضمن ثقافته، وبصائره، فلا يمكن دراسة الاسلام بمنهج الغرب؛ الماركسية، او الهيغلية، او الديمقراطية، هذه المناهج تصلح لدراسة انظمتهم، وبالنسبة لدراسة نظامنا الاسلامي يجب ان نتبع المنهج الديني، وإلا نقع في اخطاء كبيرة.
ومن هنا الثقافة الغربية التي تعتمد عليها دراسة قيم الانظمة الغربية (الوضعية) قائمة على ثلاث ركائز:
الاولى: العقل.
الثانية: التجربة.
الثالثة: العُرف.
فهم يعتمدون عليها ويعدونها من المصادر للدراسة، ونحن بالرغم من أننا نرى دوراً للعقل والفطرة والتجربة والعُرف، ولكن الاساس عندنا الوحي؛ فنحن حين نقبل بنظام، او فكرة، او بمبدأ يكون ذلك على اساس وحي الله ــ سبحانه وتعالى ــ وليس على اساس ما توحي الينا عقولنا التي تشتبه عليها الامور في بعض الأحيان، فالعقل اذا كان صافيا كان حجّةً ولكن ليس كل عقل صافٍ، ونحن نعتمد على العرف لكن ليس اي عرف، وإنما العرف الاسلامي.
بصائر الوحي قائمة على اساس الوحي قال ــ تعالى ــ: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ}، وايضا يأمر الله نبينا الاكرم، صلى الله عليه وآله، ان يحكم بما أوحي اليه، وفي زيارة النبي عن بُعد نقرأ هذه الفقرة: “اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مُبَلِّغاً عَنِ اللهِ”، قال ــ تعالى ــ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}.
وهذا يختلف جذريا عن الركائز في الثقافة الغربية لان هناك مفارقات كبيرة، ربما العقل يؤدي الى ان افضل نظام للمجتمع هو نظام الانتخابات، وفي ما يسمى بالانتخابات الحُرّة ينتخبون أدولف هتلر، فهذا الرجل انتُخب في المانيا حسب نظام الديمقراطية الغربية، ولكن ذلك الشخص كان السبب في تشريد وقتل ستين مليونا من البشر، وهدم آلاف المدن.
وهذا الامر غير موجود في النظام الاسلامي؛ فليس كل من جلس على الكرسي أصبح حاكما، فلابد من شروط يجب توفرها، قال ــ تعالى ــ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}، إذا أردنا ان نبين تفاصيل ما هو فرق بين ذلك النظام الغربي، وبين بصائر الدِين الاسلامي نجد اشياء كثيرة جيدا.
⭐ النظام الديني هو مرآة متكاملة للنظام الكوني؛ فكما خلق الله السماوات والارض بالحق، ايضا أنزلَ دينه بالحق، و كل شيء في خليقة الله قائم على اساس الحق والعلم
فمثلا في النظام الغربي المتبع اليوم هناك مسألة اسمها “الجندر” يروّج لها، وتسن القوانين لجلعها حالة طبيعية، وهي ازالة الفواصل بين الرجل والمرأة، بل أبعد من ذلك فهم الان في طور ازالة الفاصل بين الانسان والحيوان، فنجد الشذوذ الجنسي الذي يحاولون اقحامه في فطرة البشر، وفي بعض الدول الغربية كألمانيا اجازوا نكاح الانسان من الحيوان واصبح الامر رسميا، وهذا النظام ــ كسلمين ــ لا يمكننا القبول به مهما كان، لانه غير وحي الله.
النظام الديني هو مرآة متكاملة للنظام الكوني؛ فكما خلق الله السماوات والارض بالحق، ايضا أنزلَ دينه بالحق، و كل شيء في خليقة الله قائم على اساس الحق والعلم، والحكمة والتدبير الالهي، فكذلك الامر في النظام الاسلامي، فالقرآن الكريم كتاب الله التشريعي، والخليقة كتاب الله التكويني، فالرؤية الاسلامية تختلف جذريا عن رؤية النظام الغربي الذي لا يعرفون إلا شهواتهم ومصالحهم ولا يمكن ان نقيس انفسنا بهم.
- (مقتبس من محاضرة لسماحة المرجع المدرسي دام ظله).