دائماً يتراود في أذهاننا سؤال: أيهما أفضل للمرأة البيت أم العمل؟
مهنة ربة البيت أشرف مهنة في الاسلام، فكثير من النساء يخجلن بذكر أنهن ربات بيوت، ظناً منهن أنَّ المرأة العاملة خارج البيت أفضل منهنَّ بكثير، من حيث القيمة الذاتية و المكانة الاجتماعية، ويرون أنَّ مهنة ربَّة الأسرة تقتصر على الأعمال المنزلية والخدمة وهي مهنة لا قيمة لها في المجتمع.
ولكنَّ هذه الفكرة جداً خاطئة، ومخالفة لرؤية الاسلام لمكانة ربَّة البيت، فالاسلام أولى مكانة للمرأة، وأعزَّها وكرَّمها، واعتبر مهنة ربَّة البيت أعظم مهنة تقوم بها المرأة، وهي مهنة بناء الانسان، فصحيح أنَّ المرأة نصف المجتمع ولكنها فعلياً تربِّي النصف الثاني، وبناء الانسان والتربية وخاصة في وقتنا الحالي مع وجود التحديات من هجمات الفكر الغربي، واستيراد أفكارهم ــ للاسف ــ من قبل المسلمين، هذه الافكار التي تخالف كل مافطرنا الاسلام عليه، وتخالف معتقداتنا، ومبادئنا الاسلامية مما جاء من خلال الروايات، والسيرة العملية.
⭐ خدمة الزوج فهي ليست بالأمر المهين كما يسوِّق لها بعض الحركات الغربية كالحركة النسوية التي توهم المرأة بأنها مظلومة ومضطهدة ومستهلكة من قبل زوجها وأولادها، بل هي علاقة متبادلة قائمة على العطاء المتبادل من الطرفين
إن مهمة المرأة في بيتها ترتبط بأمرين هامين، وهما الأمومة والزوجية، ورعاية الأبناء لا ترتبط كما هو الأعم الأغلب بموضوع تأمين المأكل والمشرب والملبس فقط، أي الجانب الجسدي بل لابدَّ من الالتفات للجانب الروحي بما فيه الجانب النفسي والعقائدي والتربوي.
أمَّا خدمة الزوج فهي ليست بالأمر المهين كما يسوِّق لها بعض الحركات الغربية كالحركة النسوية التي توهم المرأة بأنها مظلومة ومضطهدة ومستهلكة من قبل زوجها وأولادها، بل هي علاقة متبادلة قائمة على العطاء المتبادل من الطرفين، بحيث يتسابق كل من الزوجين في العطاء للطرف الآخر.
- بعض الافكار الغربية التي تهدف لهدم الأسرة
لقد ركز الغرب منذ القِدم على نشر وتسويق شعارات زائفة ذات عناوين برّاقة لامعة جاذبة، ولكنها في مضمونها قمَّة في البشاعة والظلم وبعيدة كلَّ البعد عن فطرة الانسان وما يناسب تكوينه النفسي والجسماني،كالحرية والمساواة بين المرأة والرجل، والديمقراطية،…. وغيرها.
ويطول في هذا المجال البحث والكلام، ولايتسع المجال هنا له وللبحث فيه.
فركز الغرب بذلك على محورية الفرد ومحورية الانثى (حب الذات، اثبات الذات، كياني، حقوقي…)، بينما أكَّد الاسلام على محورية الاسرة، وكان داعماً لها بكل أحكامه الشرعية، ومواقفه، ورؤيته.
فالأسرة هي الخلية الأولى التي يتكون منها المجتمع، فإن صلُحت صلح المجتمع، وإن فسدت أو تلاشت فسد وتلاشى المجتمع.
- دوافع عمل المرأة
كَثُرت الدوافع والأسباب لعمل المرأة، فمنها إثبات الذات والمكانة الاجتماعية والاستقلال المادي أيضاً، ومنها الحاجة الماديّة وحاجة المجتمع لها.
ومن أهم الدوافع وأحقِّها لاباحة عمل المرأة في نظر الاسلام، دافعين أحدهما الحاجة المادية والآخر حاجة المجتمع لعملها.
فالمجتمع بحاجة للممرضة والتربوية والمرشدة الاجتماعية والمعلمة، وللطبيبة والمبلغة والأسريِّة.. وغيرها من الاعمال،وهنا يصبح عملها واجباً لسدِّ هذا الاحتياج.
أما دافع الحاجة للمال، ففيه نقاش، فقد أصبحت النساء في عصرنا هذا تعمل لكي تعيش الرفاهية في كل أبعاد حياتها، وهذا اذا ما تعارض مع تربية وتنشأة أولادها ورعاية أسرتها، فلا يحقُّ لها اختيار العمل.
نعم؛ اذا كان ذلك لتامين حاجاتها الأساسية ومساعدة الزوج في تأمينها فلابأس بذلك، مع العلم أنَّ الاسلام قد رفع عن المرأة عبىء المسؤولية المالية، وذلك من خلال فرض القوامة على الرجل، فالقوامة لا تعني كما يعتقد البعض السلطة فقط، بل تعني حمل المسؤولية بما فيها الجانب المادي، فواجب الرجل أن يصرف على زوجته وأطفاله وبيته حتى وإن كانت زوجته غنية، واذا اضطرت لتصرف على نفسها لضيق حاله، فيبقى هذا دين في رقبته ليوم القيامة.
نعم؛ وفي المقابل جعل الاسلام في الميراث للذكر مثل حظِّ الانثيين، لأنَّه هو المسؤول عن هذا الجانب وله القواميَّة.
وقد ورد عن أمير المؤمنين، عليه السلام: وإن استطعت ألَّا تملِّك المرأة من أمرها ماجاوَز نفسها فافعل، فإنَّه أدوم لجمالها وأرخى لبالها وأحسن لحالها، فإنَّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة.
- نوعية عمل المرأة
راعى إسلامنا الحنيف في أحكامه التكوين الجسماني والنفسي للمرأة، فوصفها بأنَّها كالريحانة لا تتحمل الأعمال الشاقة والمتعبة ولا ساعات العمل الطوال، فلابدَّ أن يكون عملها مناسباً لجسمها بما فيه من لطافة ورقَّة.
⭐ دافع الحاجة للمال، ففيه نقاش، فقد أصبحت النساء في عصرنا هذا تعمل لكي تعيش الرفاهية في كل أبعاد حياتها، وهذا اذا ما تعارض مع تربية وتنشأة أولادها ورعاية أسرتها، فلا يحقُّ لها اختيار العمل
وكلمة قهرمانة في المعاجم العربية تعني المسؤول المالي للمكان، الذي يتحمَّل مسؤولية الصادرات والواردات وكل مالهُ علاقة بالمال، ومع الوقت انتقل المعنى إلى كل خادم يخدم ويقوم بالأعمال الشاقة والمتعبة، فلا يمكن للمرأة ان تعمل سائقة شاحنة، أو في حمل مواد البناء، وأيضاً في مجال القضاء.
فبعض الأعمال لاتناسب جسمها والبعض الآخر من الممكن أن يؤثر على نفسيتها وروحها، كما أن عليها أن تراعي الاحتشام في لباسها، ومشيتها، وصوتها، فلا تخضع بالصوت فيطمع الذي في قلبه مرض، فتؤذى منه.
- نساء فاعلات في المجتمع
كثير من النساء وعلى مرِّ الأزمنة والعصور كان لهم أدوار كبيرة ومؤثرة في المجتمع، فالسيدة الزهراء، عليه السلام، كانت تطبب الحرجى في الغزوات والحروب، وخطبها التي كان لها الأثر على كلِّ من سمعها، ومع ذلك كانت في أعلى مراتب الستر والحشمة، فلم تكن تخرج الا في جمع من الناس كي لايعرف لها شكل، والسيدة زينب، عليه السلام، التي وقفت في مجلس يزيد شامخة وقرَّعته بعد أن كان لها الدور الأكبر في واقعة الطفِّ، من رعاية الجرحى ومساعدة الأمهات الثكالى، ومساندة إمام زمانها، ومع ذلك يقول أحد الصحابة بأنه جاور أمير المؤمنين، عليه السلام، عشرات السنوات ولم ير ظلاً لزينب، فقد جمعوا، عليهم السلام، بين دورهن في المجتمع، وموضوع التربية والستر، فكانوا قدوة ونموذجاً يحتذى به.
- الأولوية للأمومة
ولا نعني بأنَّ الأولوية للأمومة ألّا تعمل للمرأة وتهمل جهة الزوجية، بل نعني بذلك أنّها اذا تعارضت الأمومة مع العمل ولم تستطع المرأة والأمُّ التوفيق بينهما معاً، فالأولى لها أن تعتني بأطفالها وخاصة في السبع سنوات الأولى، فقد أثبتت الكثير من الدراسات وأكدت لنا الروايات أن الطفل في هذا العمر بحاجة لحنان الأمِّ بشكل كبير، وفي حال لم تُشبع هذه الحاجة عنده كما يجب، سيصاب بأمراض ومشاكل نفسية يصعب حلُّها وشفاؤها فيما بعد.
ومن الممكن للمرأة أن تختار العمل لساعات أقل بحيث لايوصلها عملها للتقصير بحقِّ نفسها وبيتها، وأيضاً من الأفضل لها أن تختصَّ باختصاصاتٍ مناسبة لها وتسدَّ حاجة المجتمع لهذه الاختصاصات.
وفي الختام نقول: أنَّ على المرأة التخطيط لحياتها على المدى البعيد، فالبعض من الأمهات تربي وتتعب، راجيةً أن يكون هذا الطفل في المستقبل سنداً وعوناً لها عند كبر سنها، وهذا ليس بأمر خاطئ، ولكنَّ هناك هدف أرقى وأسمى لبعض الأمهات، فهي لا تريده لنفسها أبداً بل يكون كل همِّها أثناء تربيته، أن يخدم المشروع الإلهي ويكون كما يحب الله ورسوله وأهل بيته الكرام، وهذا هدف سام لايرتقي إليه الكثير، كأمثال السيدة أم البنين، عليها السلام، وأمَّهات الشهداء وغيرهن.
رزقنا الله وإياكم التوفيق لنكون أمهات واعيات تربي وتنشيء وغايتها خدمة الاسلام والمسلمين.
مقال اكثر من جميل وبارك الله بالكاتبة و طرحها المميز
بارك الله بكم أخي