{وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} (سورة الأنبياء، الآية: ٧٠)
في ظل تردي أوضاعنا كمُسلمين يزداد إلحاح ضمائرنا التي تَسأل: لماذا هذا التخلف؟ لماذا نحن في مؤخرة الركب الحضاري، لماذا؟ و لماذا؟
و من ضمن بحر الأجوبة يطفو جواب: “المؤامرة” التي يُحيكها أعداء الإسلام ضدنا و نحن نعيش في دوّامتها العميقة.
هذا الجواب لا ننكره و هو جديرٌ بالإحترام و ربما يكون أحد الأسباب في تخلفنا فعلاً، لكن هذا الجواب ليس كاملاً و ليس حقيقياً، لماذا؟
ألا ترى أنّ طبيعة البشر هي الصراع و التسابق؟
و على مرِّ التاريخ شارك البشر في حروب طاحنة و دامية و لا تزال البشرية تتحارب فيما بينها؟
بل إنّ أعظم الإمبراطوريات قد بُنيت نتيجة الحروب و ليس نتيجة التحالفات!
بالنظر إلى هذه الحروب و بمعرفتنا أن الإنسان من طبيعته التخاصم مع أبناء جنسه و التنافس و التسابق، فمن الطبيعي أن يحوك بعض الناس مؤامرات ضد بعضهم، و ليس من العجيب أو المستغرب أن تحاك ضدنا المؤامرات.
فالحاكم الظالم يحوك المؤامرات للسيطرة على الشعب: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}، (سورة القصص، الآية: ٤).
و بالتأكيد هناك فئة من الشعب يحوكون المؤامرات للإطاحة بالحاكم، و الدول الكبيرة تحاول السيطرة على الدول الصغيرة و تحوك ضدها المؤامرات، و الدول عموماً فيما بينها تحوك المؤامرات ضد بعضها و هكذا. إذاً؛ المؤامرات موجودة ما دام البشر يعيشون على الأرض، و ليس من الصحيح أن ننهزم أمامها و نطرح المؤامرة كمشكلة من دون أن نطرح الحل الواقعي لها.
فهذا تبريرٌ يجعلنا نركن للتقاعس و الكسل و الإستسلام، أما سوء أوضاعنا فان سببه الرئيسي هو نحن و ليس غيرنا، فضعفنا هو الذي يجعل الأخرين يستغلونا، و ليس قوة الآخرين.
فكما أن الخالق أعطى القوة و العقل و الذكاء لأعدائنا و غرمائنا؛ كذلك أعطانا الذكاء و العقل و القوة، لأن ربنا عادل، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} (سورة فصلت، الآية: 46).
فنحن يمكننا أن نتغلب عليهم و نسبقهم لو كان عندنا إيماناً بعدالة الخالق، ومن ثمّ إيماناً بأنفسنا و قدراتنا التي وهبنا الله إياها.
إذن؛ لنؤمن بطاقاتنا و قدراتنا الهائلة، و لنعرف مميزاتنا و نفتخر بأنفسنا، و لا ننهزم أمام أعدائنا و لا نستسلم و عندها؛ بالتأكيد ستتغير أحوالنا لأننا نكون قد غيرنا نفوسنا و {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} (سورة الرعد، الآية: 11).
المؤامرة الخفية؛ نظرية أم واقع؟
في ظل تردي أوضاعنا كمُسلمين يزداد إلحاح ضمائرنا التي تَسأل: لماذا هذا التخلف؟ لماذا نحن في …