التدريس كما هو معروف عملية ليست عشوائية، بل عملية منظمة تخضع الى أسس ومهارات علمية لابد للمعلم من الاعتماد عليها لأداء دوره بالشكل الذي يضمن تحقيق الأهداف المرجوة من هذه العملية.
ومن ذلك نجد ان طرق التدريس التي يستخدمها المعلم أثناء تقديمه للمعلومات قد تعددت وتنوعت، وهذا يرجع الى طبيعة الموقف التعليمي الذي يتحدد بطبيعة المادة التعليمية، وخصائص المتعلمين، و إمكانية المعلم في تكوين المجال التعليمي، وهذا مما قد لا يكون واضحاً لدى الكثير من المعلمين اذ يستخدمون طرق لإفهام المتعلمين من دون معرفة أو دراية بما يفعله أو بما يستخدمه في تحقيق أهداف درسه داخل حجرة الدراسة.
⭐ طريقة الإلقاء لا يحتاج معها الى استخدام أجهزة و وسائل وإمكانات تقنية قد يصعب توفرها أثناء حصة التدريس، وكل ذلك يتيح امام المعلم تحديد وتحجيم المحتوى مع السعة التي قد يتميز بها
سنتطرق الى تبيان إحدى طرق التدريس الشائعة في الاستخدام، وهي؛ الطريقة الإلقائية، أو ما تسمى بطريقة المحاضرة، محاولة منّا بيان هذا النوع من طرائق التدريس ليكون توظيفها مبنيٌ على الأساس العلمي الذي يكفل نجاح العملية التعليمية.
- الطريقة الإلقائية:
وهي الطريقة التي ينقل بها المعلم المعرفة الى المتعلمين بصورة شفوية بحيث يقع على عاتقه مسؤولية تقديم موضوع الدرس بشكل مباشر، و يعرض المكونات، و تكون صورته لدى المتعلمين الذين يتحدد دورهم، في كونهم مستمعين لما يُلقى لهم من معلومات مكتفين بما يقدمه المعلم من جهد أثناء عملية التدريس.
- أشكال طريقة الإلقاء
أولا: المحاضرة؛ ويقصد بها العرض الشفوي للموضوع من غير مناقشة أو اشراك الطلاب في الدرس أحياناً، والاستماع والفهم وتدوين الملاحظات وتستخدم عند تقديم الدرس أو تلخيصه، أو تقديم معلومات اضافية أو تقديم اسئلة للطلاب.
ثانيا: الشرح؛ هو توضيح الغامض من المعلومات للطلاب خلال الدرس.
ثالثا: الوصف؛ يُستخدم في حالة وجود وسيلة تقرب الحقائق المُراد تعليمها، ويظهر ذلك بوضوح في عرض الحقائق التاريخية كوصف معركة، أو في دروس العلوم.
رابعاً: القصة؛ وهي أحد أجناس الأدب العام، ويكون له أثره الكبير في نفوس الطلاب لا سيما الصغار منهم، فهي تثير الاهتمام من خلال عرض معلومات بطريقة شائقة، وتقديم تفصيلات الموضوع وتوسيع الخيال، وتوليد الانفعالات التي تساعد على الفهم والاستيعاب.
وبالنظر الى كل شكل من أشكال هذه الطريقة من طرائق التدريس، نجد ان الاستعداد لها و التهيؤ لا يحتاج الى جهد كبير مقارنة بغيرها من طرائق التدريس، فضلاً عن إمكانية التحكم بكمية المعلومات التي يقدمها المعلم الى المتعلمين وهذا ما يراعي الزمن المخصص لكل موضوع من الموضوعات التي يسعى المعلم توصيلها الى المتعلمين، كما أنها -أي طريقة الإلقاء- لا يحتاج معها الى استخدام أجهزة و وسائل وإمكانات تقنية قد يصعب توفرها أثناء حصة التدريس، وكل ذلك يتيح امام المعلم تحديد وتحجيم المحتوى مع السعة التي قد يتميز بها، فالمبررات التي تستدعي استخدام طريقة الإلقاء في التدريس كثيرة، وهذا ما يجعلها مناسبة أكثر من غيرها من طرائق التدريس.
- خطوات تخطيط الدرس وتقديمه بطريقة الإلقاء
إن تنفيذ الدرس بطريقة الإلقاء يسير بموجب الخطوات الآتية:
- المقدمة والتمهيد: الغرض منها تهيئة أذهان الطلاب للدرس الجديد من خلال ربطه بالدرس السابق.
- العرض: ويتضمن العمود الفقري للدرس، بما يتضمنه من معلومات وصولا الى استنباط قاعدة أو قانون أو مفهوم معين، ويستغرق الجزء الأكبر من الدرس.
- الربط: الغرض من هذه الخطوة؛ توثيق الصلة بين أجزاء الدرس (المعلومات) و الموازنة مع بعضها البعض كي يكون الطلاب على بينة من مادة الدرس.
- الاستنباط: وهي خطوة يمكن الوصول إليها بسهولة إذا سار المعلم في ضوء الخطوات السابقة بشكل طبيعي، إذ بعد أن يفهم الطلاب أجزاء الدرس، يمكن الوصول إلى القاعدة أو التعميم والتوصل الى حالة معينة.
- التطبيق: وفيها يستخدم المعلم ما تم التوصل اليه من تعميمات وقوانين وقواعد ليطبقها على مواقف جديدة لكي يتأكد من ثبات المعلومات في أذهان الطلاب.
وهناك من يجعل خطوات السير بطريقة الإلقاء كما يأتي:
- مرحلة الانفتاح: ويتم فيها جذب انتباه الطلاب نحو موضوع الدرس الجديد وإثارة دافعيتهم ومراجعة ما لديهم من معلومات سابقة يتم التأسيس عليها في الدرس الجديد وإعلام الطلاب بأهداف الدرس وتقديم نظرة مجملة عنه.
- مرحلة الإلقاء: ويتم فيها تقديم وتوضيح ما يتضمنه الدرس من معلومات بشكل مباشر ومنطقي وتسلسل.
- مرحلة التحقق: من الاستيعاب ويتم في هذه المرحلة تقدير مدى استيعاب الطلاب لما شرح لهم من معلومات في المرحلة الثانية وذلك من خلال طرح عدد من الأسئلة وأجراء المناقشة معهم.
- مرحلة الكشف: وتتضمن هذه المرحلة الكشف عن إدراك العلاقات وتقويم هذه القدرة لديهم من خلال طرح عدد من الأسئلة المعدة مسبقاً.
- مرحلة التلخيص: والختام؛ ويتم في هذه المرحلة تقديم ملخص للدرس بشكل مركز وشامل أو الختام بسؤال المعلم التقليدي وهو: من لديه سؤال؟
⭐ طريقة الإلقاء ممكن استخدامها في كل المواقف التي تستدعي توصيل المعلومات الى الآخرين، وهذا ما يجعلها من أقدم الطرق التدريسية التي استخدمت في المواقف التعليمة المختلفة
ومما يجدر الإشارة اليه هو؛ بعد تثبيتنا لمبررات ودواعي استخدام هذه الطريقة ضرورة معرفة أن لطريقة الإلقاء سلبياتها، كغيرها من طرائق التدريس أو صعوبات قد تنجم نتيجة استخدامها في التدريس منها؛ إلقاء الجهد بالكامل على المعلم بعد أن عرفنا أن المتعلم دوره سلبيا في هذه الطريقة، كونه يستلم المعلومات فقط من المعلم، كما أن من الصعوبات التي تنجم هذه الطريقة؛ صعوبة السيطرة الكاملة على انتباه المتعلمين طيلة فترة الدرس، وهذا ما يفسر ان أفضلية الاستخدام تكون مع المراحل المتقدمة في التعليم كما أنها لا تشجع على التفكير، وهذا مما قد يعارض ما دعت اليه النظريات الحديثة في التعليم كون التعليم لا يهمه المعلومات المُقدمة بقدر ما يهمه تعليم المتعلمين طرق التفكير التي تساعدهم على حل مشاكلهم في الحياة.
ومع كل ذلك تبقى طرقة الإلقاء من الطرق المهمة لا على سبيل التدريس فقط، بل طريقة ممكن استخدامها في كل المواقف التي تستدعي توصيل المعلومات الى الآخرين، وهذا ما يجعلها من أقدم الطرق التدريسية التي استخدمت في المواقف التعليمة المختلفة، وبديهيتها لا يمنع من وجوب التأكيد عليها والاطلاع على أشكالها أو كيفية تقديم الدروس بواسطتها، وهذا ما يجعل من طريقة الإلقاء ضرورة وكفاية من كفايات التدريس المهمه للمعلم.
المصادر
التميمي، عودة جاسم محمد، طرائق التدريس العامة -المألوف والمستحدث-، بغداد ، 2010.
الكناني، ماجد نافع والكناني فراس علي، طرائق تدريس التربية الفنية،مطبعة العصامي، بغداد، 2012.