فکر و تنمیة

لماذا يرى المجتمع أن المسالِم ضعيفا؟

في حياتك لابد انك صادفت او عاشرت أحدا يعامل الناس بهدوء وسلمية ولم يصدر منه يوماً ما يؤذيهم بأي اذى مادياً كان او معنوياً، فرغم ندرة هذا النوع من البشر في الوقت الحالي، إلا انه إن وجد سيكون علامة فارقة واثراً واضحاً في بيئته الاجتماعية، على عكس الوجه الآخر الخبيث للإنسان الذي يغلب عليه طابع السادية المرضي، الذي يستغل اية فرصة لإيذاء الناس والايقاع بهم، فمن هو الانسان المُسالِم؟

⭐ نود الإشارة الى امر غاية في الأهمية تستدعي التفريق بين الانسان المسالم والانسان الضعيف، فالإنسان المسالم يمتلك كل مقومات القوة ويستطيع الرد بكل الطرق الموجعة

 وماهي ابرز انعكاسات سلوكياته على البشر من حوله؟

 يعرف المُسالِم: على انه صاحب الشخصية اللطيفة التي تمر على الجميع كأنه نسمة منعشة ومريحة وهو إنسان هادئ لا يرتكب في العادة الحماقات، ويأخذ كل الأمور والمواقف، والكلمات وردات الفعل بشكل مسالم تماماً، ويعرف ايضاً بأنه الشخص الذي يتبع أيديولوجية السير بجانب الحائط منعاً للتصادم، ويسعى دائماً لمنع الحرب وإحلال السلام  والامن النفسي المجتمعي الذي هو هدف لكل لبيب على وجه المعمورة.

  • بين السلمية والضعف:

نود الإشارة الى امر غاية في الأهمية تستدعي التفريق بين الانسان المسالم والانسان الضعيف، فالإنسان المسالم يمتلك كل مقومات القوة ويستطيع الرد بكل الطرق الموجعة، لكنه يحسب عواقب الأمور بحكمة، لئلا يحدث ما لا يمكن تصحيحه وتعديله، فيجلب الندم وجلد الذات وهو ما ينال من صحة الانسان النفسية، اما الضعيف فهو الذي لا يصدر منه ردات فعل باتجاه ما يوجه اليه لكونه لا يمتلك أدوات للرد وليس من باب التروي والهدوء النابع من السليمة، والفرق بينهما ابلج.

  • أخطاء في  التقييم والتعامل مع الانسان المُسالِم:

من الأخطاء الأخرى التي تحدث في المجتمع ان البعض يرى ان الذي يعتذر كثيراً هو انسان مسالم، والحال ان الذي يتعذر بإفراط من دون وجود موجِب حقيقي للاعتذار هو ضعيف الشخصية ويفتقر الى التعامل الموضوعي مع الاحداث، اما الذي يعتذر عن خطأ ارتكبه بالفعل فهو انسان قوي الشخصية لديه شعور عالٍ بالمسؤولية الاجتماعية تجاه محيطه الاجتماعي وهذه هو المسالم الواعي.

⭐ من الأخطاء الأخرى التي تحدث في المجتمع ان البعض يرى ان الذي يعتذر كثيراً هو انسان مسالم، والحال ان الذي يتعذر بإفراط من دون وجود موجِب حقيقي للاعتذار هو ضعيف الشخصية ويفتقر الى التعامل الموضوعي مع الاحداث

ومن المشكلات التي تحدث للشخصية المسالمة كثيراً ما يتم استغلالها مما يجعلها تتغير الى الحال الأسوأ والسلبي أكثر من الناحية النفسية، وتتغير نظرة الشخص المسالم لنفسه ونظرته تجاه الآخرين، كطريقة يحاول عبرها أن يتعامل مع الأشخاص بالمنطق قبالة ان ينظرون به بالمثل (المعاملة بالمثل)، فهو بالتأكيد لن يلحق الضرر بأحد، لأن طبعه مسالم ولا يحب الأذى وبإمكانه في مواقف كثيرة أن يثبت للآخرين أن لديه جانبا آخر من شخصيته، وليس كما ينظرون له، وبالتالي قد يغيّر من بعض سلوكياته ليقول ان ليس ضعيفا.

من هذه الأخطاء التي تنتج في التعامل مع الشخص المسالم تجعل البعض يعتقد ان ميول الفرد الى السلمية ووضعه في دائرة الضعف، وفقدان الوزن الحقيقي في ظل حياة مليئة بالتحديات والصعوبات، مما يجعله يتأخر في الكثير من الأهداف التي يضعها لنفسه، وبالتالي ينتفض على الاخرين وعلى نفسه  لينتصر لها، ويرفض النظرة التي توجه إليه على اعتبار انه  جَنَحَ الى السلم من ضعف، وطبيعة الانسان العراقي على وجه الخصوص في العادة لا تحسن التقييم وتخدع بالمظاهر والابهة الزائفة،  وبذا يُجبر المسالم على مغادرة سجيته وما نشأ عليه مرغماً.

  • نصحية:

 في الختام سيدي  ــ القارئ الكريم ــ: اوصيك ونفسي بالابتعاد عن السلمية المفرطة التي تجلب الذل لك وتضعك في مقامك الضعف وقلة الحيلة او أنك تسحن استخدامها في مكانها الصحيح ومع الانسان الذي يقدر ذلك، إذ ان الكثير من الناس وسيما الفارغين فكرياً يفسرون الاحترام لهم واعطاءهم فسحة من التقدير ضعفاً، لذا يجب ان يقدر الانسان الموقف بالاعتماد على فهم تفكير صاحب الموقف الذي يتم التعامل معه فمن يستحق السلمية نعامله بسلمية واحترام واكثر، ومن يسيئ فهمها نعامل بحزم وتحقير واكثر.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا