فکر و تنمیة

عقدة الاستحقاق .. انا لا استحق اكثر!

وانت تقلّب أحوال البشر من حولك تجد اصناف من الناس ومن هذه الاصناف صنفين متطرفَين جداً؛ احدهما يميل الى الاتصاف بالمثالية العالية، والاخر يميل الى الابقاء على الموجود مبتعداً عن احتمالية التطوير الذاتي سير قرن، صاحب الشخصية الثانية يرى ان الذي عليه هو استحاقه الطبيعي فلا داعي لبذل جهد اكبر وهذا الذي يعرف علمياً بـ( عقدة الاستحقاق) فما هي؟

 وما انكعاستها واسبابها على المصاب بها؟

 وكيف يمكن ان نحد من اثارها عليه.

تعرف عقدة الاستحقاق على: انها حالة يظهر فيها الشخص سلوكيات تساعده على التكيّف مع المحيط المادي والبشري  تكيفاً سلبياً، والمصاب بهذه العقدة يظهر في سلوكه انه محبط على الدوام، يتنازل عن مستحقاته الطبيعية، يقبل بالقليل ليس عن قناعة، بل لعد قدرته على الانجاز الاعلى لوجود افكار تمنعه من ذلك، علاقاته عادة ما تكون غير منظمة وغير مرضية للمجتمع.

  • مثال واقعي:

لي زميل عمل مقرب نفسياً حاصل على مستوى اكاديمي معين، من باب اني اريد له الخير اشجعه على محاولة  مواصلة تعليمه مما  يؤهله للحصول على شهادة أعلى، لكني في كل مرة افتح معه الحديث بهذا الخصوص يبرر انه ليس متقاعساً عن الذي اريده منه، لكنه لم يوفق في ذلك، وان الله ــ سبحانه ــ قد قسم له هذا المستوى، هذا التبرير غير منطقي على الاطلاق والله لم يضع احداً في خانة ما لم يرد هو ان يضع نفسه فيها، وكلما زاد سعي الانسان زاد معه التوفيق والتفوق والعكس منطقي جداً.

⭐ عقدة الاستحقاق تضرب مختلف الاعمار والاجناس ولا تغلب لفئة عمرية او جنس على الاخر

عقدة الاستحقاق تضرب مختلف الاعمار والاجناس ولا تغلب لفئة عمرية او جنس على الاخر، فهي تعبر عن التناقض العجيب في احوال البشر، إذ تجد شاباً في عنفوان شبابه وهو مليئ بالطاقة والحيوية المتفجرة التي لو استثمرت لغير الحال الى افضل حال، لكنه للاسف يقبع تحت سيطرة هذه العقدة المميتة، بينما تجد آخر يفوق عمر ذلك الشاب مرة، لكن همته عالية جداً، وكأنه في مقتبل حياته ويريد الحصول على ما يجعله انساناً مميزاً، وكذلك قد تجد فتاة تسعى الى التميز الدائم بينما شاباً واهناً يريد اكمال يومه فقط وعلى اي حال لم يهمه ذلك.

  • الاسباب:

ما من مرض او عقدة او علة نفسية إلا ولها من تسبب في ظهورها، وابرز الاحتماليات الممكنة لعقدة الاستحقاق هي:

1ـ يمثل الخوف الكبير من تجريب شيء جديد لئلا يفشل فيه، ومن ثَمّ سيطرة الاحباط على حياتها والركون الى اليأس، وعدم الثقة بالنفس احد اهم دواعي الاصابة بعقدة الاستحقاق التي تبقي الانسان بائساً متجمداً عند مستوى معين.

2- السبب الثاني المحتمل هو التربية الأسرية غير الصحيحة والتي تجعل الطفل محاطاً بأجواء غير محفزة وقد تكون محبطة للاطفال مما يقف عائقاً في سبيل بلوغ الأماني.

3- الدلال الزائد الذي يسديه الوالدان لابنائهم كنوع من الحب لهم، هو تدمير لهم من حيث لا يشعرون، إذ ان الطفل حين يقدم له كلَّ شيء دون ان يبذل جهداً في الحصول عليه، سيجعله اعتمادياً متقبلاً لاي حال سيصل اليه وبالنتيجة لا يهمه اذا  تقدم او تأخر.

  • ماذا يجب:

على عكس عقدة الاستحقاق وكيف تطفئ جذوة المواصلة في البحث عن الجديد والمفيد والتي تنشأ من الافكار غير السليمة يوجد الايمان بالاستحقاق، وهو شعور عميق في داخل الانسان يخبره بأنه يستحق كل التقدم والتطور، ويستحق الهدف الذي وصل اليه مما يدفعك الى الابقاء على الهدف الذي في اليد والبحث والعمل على تحقيق اهداف اخرى تتلائم مع طبيعة الحاجة الى التغيير المستمر، وهذا الذي ندعو الى فهمه والتمسك به املاً  محاربة ازمة عقد الاستحقاق ذات الاثار الكارثية على الانسان.

⭐ السبب الثاني المحتمل هو التربية الأسرية غير الصحيحة والتي تجعل الطفل محاطاً بأجواء غير محفزة وقد تكون محبطة للاطفال مما يقف عائقاً في سبيل بلوغ الأماني

وعلى الانسان حين يريد ان يتواصل في النجاح ان يتخلص من قيود كلام الناس ونظرتهم اليه، وحتى من بعض القيود التي تنشأ بسبب التربية ويحاول ان يعمل من اجل ذاته لا من اجل اي انسان، وذلك يتم عبر الحديث الذاتي الداخلي الذي يعبئه طاقة لتحقيق الانجازات وبالتالي الشعور بالرضا النفسي وهذا هو المراد.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا