التربية بمفهومها العام تلك العملية الديناميكية المستمرة التي تستثمر وتوجه قدرات وإمكانات الفرد باتجاه تنمية شخصيته التي تعود بالنفع على مجتمعه، من خلال إعداده ليكون مواطنا صالحا يعرف ماله من حقوق، وما عليه من واجبات، من أجل ضمان حياة كريمة له، ليعيش فيها عيشة متوافقة مع أبناء جنسه، ومن أجل تحقيق ذلك ظهرت عبر مراحل تاريخ التطور الإنساني سبل مختلفة لإعداده تربويا آخرها أبرزها وأهمها بعد البيت والأسرة هي المدرسة.
وبالنظر الى الواقع المدرسي من خلال نافذة الكتاب المقدم الى المتعلمين نجد بعض الكتب يتخصص بغرس القيم التربوية المطلوبة، أو من خلال المنهج الذي يتضمن توزيع القيم التربوية من خلال الموضوعات المتفرقة للكتب المدرسية التي تقدم الى المتعلمين.
وهذا لا نختلف في أهميته ودوره وضرورة إيجاده، إلا ان ما يجب ان يرافق ذلك هو وجود النقد بشكل متخصص لكل ظاهرة أو حالة تربوية، تعد موضوعا يقدم الى المتعلمين، أي بمعنى أن يكون النقد جزء من محتوى الكتاب الذي يقدم تلك الموضوعات، ومبررات هذه الضرورة هي ان معظم الدراسات التي تقدمت في معرفة كون المتعلم إذا كان على علم بالهدف من المعرفة المقدمة له يكون اقرب للفهم والإدراك لها.
⭐ من ضرورة وجود النقد المتخصص ضمن محتوى كل موضوع هو جعل ذلك فرضا واضحا على المعلم الذي قد يغفل عنه في تقديمه للمتعلمين
كما ان غرس أي قيمة تربوية ممكن تحقيقه، لكن عدم معرفة المتعلّم بدعوى تلك المعرفة يجعلها ناقصة لديه، ومن ثم تفقد أهميتها التي تكفل ثبات تعلمها أو اثر بقاءها، ومثالا على ذلك لو كان الموضوع المقدم للمتعلم قيمته التربوية هي غرس الصدق لديه وبيان أهميته وتأثيره على حياته، فأن المتعلم إذا لم يعرف تأثير عدم تعامله بهذه القيمة التربوية، فأن ذلك لا يظهر قيمتها كاملة لديه، وبالتالي سيفقد معرفة ان عدم التعامل بهذه القيمة سيأخذ به الى الكذب التي هي صفة مذمومة.
وحتى نتجاوز وقوعه بهذا المستوى من الفهم ونبتعد به الى مستوى أقل تعقيد يفضل أن لا نقدم له المقارنة بين تلك القيمتين (الصدق والكذب)، بل الأصح هو تقديم نقد يوضح للمتعلم ان عدم التعامل بالصدق سيؤدي الى سلبيات مختلفة تنعكس عليه وعلى مجتمعه والتي تشكل بمجوعها نتيجة للتعامل بالكذب.
كما أن من ضرورة وجود النقد المتخصص ضمن محتوى كل موضوع هو جعل ذلك فرضا واضحا على المعلم الذي قد يغفل عنه في تقديمه للمتعلمين، وبالتالي سيشكل ثقافة مفروضة ومطروحة حتى امام أولياء أمور المتعلمين.
النقد وظيفته التربوية هي تبرير لما قد يقدم للمتعلمين أي معلومة أو أي سلوك نسلكه أو نتعامل به معه، حتى لا يكون مستقبل سلبيا يصنع منه شخصا مستسلما أمام كل المعطيات التي تواجهه، وهذا ما يستدعي أمام المعنيين بتصميم المناهج وإعدادها، ووضع الاعتبار لمثل هكذا موضوعا مهم له من التأثير على شخصية المتعلم لاسيما ونحن في عصر التقدم التكنولوجي الذي يفرض أثاره الثقافية تبعا لقوة الحصانة التي يحملها الفرد في مجتمعه.
- المصادر
الزند، وليد خضر، التصاميم التعليمية وتكنولوجيا التعليم بن النظرية والتطبيق، دار الكتاب الجامعي، ط1، لبنان، 2018.