فکر و تنمیة

تأثير بقعة الضوء.. ماذا تفعل بالانسان؟

ليس عيباً ان يُحب الانسان نفسه ويهتم بها ويجملها ويعمل كل ما بوسعه ليحظى بالقبول المجتمعي الذي يمنح الانسان رضا عن النفس، وبالتالي امتلاك مستوى جيد من الصحة النفسية، لكن ليس منطقياً ان ينظر الى نفسه بأنه الاوحد واللافت والافضل والاجمل، لان مثل هذا التفكير يجعل الفرد يحمل اعباء التفكير في التميز المرضي، هذا الامر يعرف علمياً بـ(تأثير بقعة الضوء)، فما هذه الحالة؟

 وماهي تأثيراتها على الانسان؟

 وماهي العلاجات؟

 يُعرف تأثير بقعة الضوء أنه: ظاهرة نفسية يميل فيها الأفراد إلى الاعتقاد بأنهم تتم ملاحظتهم أو مراقبتهم من قبل الآخرين أكثر مما يحدث بشكل حقيقي في الواقع، فيبالغ المصابون بهذا التأثير في تقدير درجة اهتمام الآخرين بهم أو بمظهرهم أو بسلوكهم أو بأفعالهم مما يجعلهم يعتقدون انهم الافضل من بين الجميع، وفي ذلك تضليل لانفسهم بأنفسهم.

⭐ يمكن أن يكون لتأثير بقعة الضوء تأثير على جوانب الحياتية المختلفة ومنها التفاعلات الاجتماعية

نشأ مصطلح تأثير بقعة الضوء على يد العالمَين توماس جالوفيتش وكينيث سافيتسكي بحلول العام 1999، عندما تم تقديمه للمرة الأولى كمصطلح علمي في جريدة العلوم النفسية، فعلى الرغم من أن هذه الحالة قد تم شرحها بفضل جهود سابقة، إلا أن الأبحاث التي أجراها كليهما وضعت الظاهرة بموضع يجعلها تستحق الدراسة بصورة أكثر جدية من قبل ابناء المجتمع العلمي. الذي يعنى بدراسة الظواهر النفسية المستحدثة.

  • كيف تُفسّر الظاهرة علمياً؟

يمكن تفسير تأثير بقعة الضوء نفسياً ان ثمة تحيزاً معرفياً يحصل لدى الانسان يجعله يفرط في التركيز على ممتلكاته الظاهرية التي يعتقد انها تميزه عمن حوله، ومن ذلك ينتج مستوى عالٍ من القلق لتفسيرات داخلية يفكر بها، بينما هي غير موجودة في الواقع او موجودة لكن بصورة اقل مما يعتقد هو، على سبيل المثال يعتقد احدهم انه متحدثاً جيداً وفي كل مرة يريد التحدث بها امام الاخرين يحشد افكاره ويستدعي كلماته البراقة ليلفت الانظار، لكن في الحقيقة القليل من الناس من يلتفتون اليه او يعجبهم قوله.

  • ماهو تأثير الحالة على الشخص المصاب؟

يمكن أن يكون لتأثير بقعة الضوء تأثير على جوانب الحياتية المختلفة ومنها التفاعلات الاجتماعية، فالمصاب بهذا المرض يريد البقاء تحت تأثير هذه النقطة تحديداً ولا يقترب من احد، لئلا يخرج من دائرته وبذا هو يريد من الاخرين الانجذاب اليه والتقرب منه، وهو ما يجعل الاخرين يرونه مغروراً ومكتبراً، وبالتالي يبتعدون عنه فيحدث خللاً في علاقات الفرد المصاب ويقل من حوله الاصدقاء او قد تعندم علاقاته مع مرور الوقت الى ان ينصدم بنفسه وقد يصحى من غفلته او قد يستمر.

ومن التأثيرات الحالة ان الفرد المصاب انه يكون متمركزاً حول ذاته ولا يفكر بصورة جماعية، فما يمهمه هو الظهور بكعب عالٍ من بين الجميع، كما يقوم المصاب بتصنع شخصية غير حقيقية وهذا الامر سرعان ما يكتشفه الاخرين ويعدونه عيباً في شخصية الانسان بدلاً عن  فتصرف الانسان على سجيته وبواقعية هو الافضل وام لم يكن مثالياً.

  • كيف نتعامل مع ضحايا تأثير بقعة الضوء؟

عبر عدة امور نفسية يمكن ان نتعامل مع المصابين بهذه الحالة وقد ينفع في تغير سلوكهم والخلاص من الاثار التي تتركها الحالة الفرد ذاته وعلى المجتمع، ومن ابرزها:

اولاً: العلاج السلوكي المعرفي الذي يعمل على تغير قناعة الانسان بالجزئية التي تسببت في الازمة ومحاولة استبدالها بسلوكية اكثر مقبولية اجتماعية منها، وهذا الامر يتم عبر جلسات لمختصين في العلاج السلوكي المعرفي.

⭐ من التأثيرات الحالة ان الفرد المصاب انه يكون متمركزاً حول ذاته ولا يفكر بصورة جماعية، فما يمهمه هو الظهور بكعب عالٍ من بين الجميع

ثانياً: من المعالجات ايضاً هو ما يعرف بعكس النتائج وفق هذه الاستراتيجة تخضع المريض لنتائج الحالة التي يعاني منها ليرى بنفسه حجم الضرر الذي يحصل للانسان حين يعامل بهذه الطريقة مما قد يجعله يفكر في مغادرة الحالة والتركيز على بيئته الاجتماعية والعمل على اعادة الارتباط بها بعد ان انفرط عقدها بسبب الحالة المرضية.

ثالثاً: يجب ان يُهمل المصاب والابتعاد عن التعامل او الاكتراث لاستعراضاته مما يجعله يفكر في ايقافها لانها لم تأتي بالنتائج المرجوة منها بالعكس انها اتت بنتائج سلبية ومضرة، وبهذه الطرق يمكن ان نحد الى حد بعيد من حالة تأثير بقعة الضوء على الفرد المصاب بها وعلى المجتمع المحيط بالمصاب وهذا هو المراد.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا