يعتقد الكثير أن السلوك الإنسان هو سلوك يعود بتأثيره فقط على شخصيته سواء أكان ذلك السلوك ايجابيا ام سلوكا سلبيا، إلا ان الحقيقة يكون تأثير هذا السلوك أبعد من دائرة شخصيته بل يشمل ما يحيطه أو ما يدور حوله من كائنات وموجودات أخرى.
ومعرفة ذلك يحتاج لفت الانتباه الى ان الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد خلق الوجود بنظام وبصورة دقيقة وهذا ما يثبته العلم من جهة، و تحسسنا للموجودات التي تحيطنا من جهة أخرى، وشواهد ذلك كثير منها وجود الليل والنهار أو نظام الشمس أو عمليات البناء الضوئي ودورات الحياة المختلفة.
والإنسان هو الآخر يشمله هذا النظام على مستوى تكوينه وطبيعته الخلقية او على مستوى علاقته بما يحيط به من تكوينات أخرى، وبالنظر الى هذه الأنظمة نجدها قد تأثر على نظام الإنسان، مما يجعل الإنسان قد يتكيّف ليصل الى حالة من الاستقرار امام هذا التغيّر الذي كان سببه الأنظمة الخارجة عنه.
⭐ الأنظمة الأخرى للمجودات لها تأثير على سلوك الإنسان، فهذا الاستنتاج او هذه النظرة هي ما يجعلنا ان نقف عند تأثير اضطراب النظام الإنساني بالنسبة الى الموجودات
الأمر الذي يفسّر تغيّر سلوكه وتنوعه من ظرف الى آخر، فالأنظمة الأخرى للمجودات لها تأثير على سلوك الإنسان، فهذا الاستنتاج او هذه النظرة هي ما يجعلنا ان نقف عند تأثير اضطراب النظام الإنساني بالنسبة الى الموجودات، وهو ما يدفعنا الى التساؤل الذي ينص على مدى تأثير سلوك الإنسان على محيطه، أو بشكل أخر من التساؤل هل تتأثر الموجودات التي تحيط بالإنسان عندما يختل نظامه أو يسلك سلوك يخرج عن هذا النظام الذي وضعه الله ـ سبحانه ـ.
وهذا ما يأخذ بنا الى تجارب علمية مختلفة قد اسهمت إسهاما واضحا في تبيان او البحث عن هذه الحقيقة؛ منها تجربة ماسارو إيموتو ومجموعة من الباحثين أجريت عام 2006، اختبروا، الفرضية القائلة: بأن بلورات الما عند تعرضها لكلمات بمشاعر مختلفة، يمكن أن تؤثر على بلورات الجليد المتكونة.
فأخذوا عينة من حوالي 2000 شخص في طوكيو تلقوا تعليمات بقول أشياء إيجابية تجاه عينات المياه داخل غرفة محمية، وعينات أخرى من المياه لم تتعرض لأي كلمات، ومن ثم تجميدها وبعد أن تشكلت بلورات الجليد تم تصويرها، وبعد ذلك قُدمت تلك الصور من أجل تقييم أشكالها الجمالية، من قبل 100 حكم مستقل، وبحسب تلك الدراسة قرر الحكام الـ100، أن بلورات المياه التي تعرضت للكلمات الإيجابية كان شكلها أجمل بكثير من عينات المياه الأخرى.
وكذلك مما يسطّر في هذا الجانب هو ان النباتات على الرغم انها لا تملك جهاز عصبي متطور: إلا أن التجارب أثبتت أن الشعور لديها يتم على مستوى الخلية حتى في الأجزاء المفصولة عنها، ويعود الفضل في التنبيه إلى حساسية النبات وشعوره الفائق إلى خبير في أجهزة الكذب يدعى “كليف باكستر”.
ففي عام ١٩٦٦ فكّر باكستر في قياس المقاومة الكهربائية في أوراق نباتات الظل (بواسطة جهاز لكشف الكذب)، ففوجئ بظهور ذبذبات ناعمة ورتيبة حين بدأ في سكب الماء في الحوض، وعلى الفور تذكّر بأن ذلك النوع من الذبذبات يظهر في الإنسان لدى شعوره بالرضا والاطمئنان، وحين جلس باكستر مفكراً في النتيجة التي توصل إليها، خطرت له فكرة قذرة، فقد سارع إلى إخراج قداحة السجائر لحرق إحدى الأوراق وما أن أشعل النار حتى رسم الجهاز إشارات صاخبة تدل على الخوف والاضطراب، بعد ذلك إشتهر باكستر بهذا النوع من التجارب وأثبت في حالات كثيرة أن النبات ينزعج من موسيقى الروك الصاخبة وأنه يتجاوب من الأحاديث العاطفية الحميمة.
وإيماناً منه بقدرة النباتات على التأثر بشعور الآخرين أخذ ينصح محبي النباتات بمخاطبتها وملاطفتها إذا أريد لها النمو بشكل صحي وسليم.
أما في الاتحاد السوفييتي السابق فأمكن لأول مرة تصوير الهالة بجميع الطيفية التي تحيط بالنباتات (وهي الهالة الكهربائية التي تحيط الكائنات الحية) والمعروفة باسم هالة كليريان، وبفضل تجارب العالم بوشكين ثبت أن نبات الجيرانيوم يتأثر بمشاعر المحيطين به ويتعرف على نواياهم تجاهه – كما أشار بذلك جهاز لقياس المجالات الكهربائية يدعى أنسيفالوجراف.
ومن أطرف تجارب بوشكين أنه أمر طالبة تدعى (تانيا) بالبكاء بقرب حوض للنباتات وأثبت لبقية الطلاب كيف أن نبات الجيرانيوم أبدى تعاطفه معها وحزنه لأجلها، وفي وقت لاحق أعيدت تجارب بوشكين على يد عالم روسي آخر يدعى (جونار) أثبت أن قطع طرف ورقة النبتة يثير رد فعل سلبي عند قاعدة الورقة بما متوسطه (٥٥) مللي فولت.
⭐ الإنسان عندما يعصي الله أو يقترف ذنبا فهو قد يختل أو يخرج عن النظام الإلهي الذي أراده الله له (فطرة الله)، فينعكس عن هذا التعارض تأثير على الآخرين من أقرانه
وفي الحقيقة يبدو أن الإحساس بالخطر، والتأثر بالمشاعر لايتم بين أجزاء النبتة الواحدة فقط، بل بين النباتات المجاورة أيضاً.
وكل ذلك يشير الى ان تصرف الإنسان وسلوكه وما يصدر عنه من مشاعر ايجابية أو سلبية له التأثير الواضح وكما جاء في تلك التجارب على الموجودات من حوله، وهذا ما يفسر ان الإنسان له نظام خاص به وهو جزء من نظام كلي يؤثر ويتأثر.
وعليه ان نلتفت الى قضية مهمة وهي ان الإنسان عندما يعصي الله أو يقترف ذنبا فهو قد يختل أو يخرج عن النظام الإلهي الذي أراده الله له (فطرة الله)، فينعكس عن هذا التعارض تأثير على الآخرين من أقرانه، فضلا عن ما يحيط به من موجودات وكما قلنا، وهذا ما يفسر عظمة ديننا الاسلامى وثقافته السامية التي هدفها جعلنا في انسجام دائم مع النظام الكوني الإلهي في كثير من الآداب التي قدمها لنا بالتعامل مع الموجودات ككل، وكذلك من خلال التأكيد على ثقافة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فكل ما يصدر منا من سلوكيات مختلفة وأفعال كبيرة كانت ام صغيرة يجب ان نضع عندها في الاعتبار ان هناك نظاما الهيا يجب ان نحترمه ونقدره، وأن لا نفسد هذا النظام لنكون سببا في اختلاله مما يسبب ضرراً على المجتمعات، لنكون بذلك مصداقا لقوله تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}. (سورة التين).
المصادر:
- الأحمدي، فهد عامر، حول العالم، دار طويق للنشر والتوزيع، ط، الرياض،2012.
- https://arabicpost.net