جميعنا او ربما اغلبنا تربينا على ثقافة ان جميع من حولك يجب تعمل على ارضائهم وعدم القيام بأيّة سلوكية تزعجهم او تشعرهم بعدم الارتياح على اقل تقدير، وصغار السن خصوصا يجب أن لا ان يقوموا بكل ما هو مختلف عن الاخرين وان كان صواباً فهم بنظر الاكبر منهم لا يفقهون في الحياة شيئاً، وهو ما يجعلهم تابعين وبالتالي يصبحون ذوي شخصيات مهزوزة لا تقوى على ادارة حياتها في المستقبل.
- اين الخطأ في رعاية مشاعر الاخرين؟
تكمن خطورة المحافظة على مشاعر الجميع من حولك في التعدي على مساحتك الشخصية قبالة المحافظة على ساحة الاخرين خشية ان يشكون من تصرفاتك وبالتالي قد يرفضونك بسبب او من دون سبب، وربما يرون فيك الناشز عنهم لكونك تفوقت عليهم في جزيئة من جزيئيات الحياة في الدراسة ـ مثلاً ـ او في الحصول على وظيفة مميزة، او اقتناء منزل او سيارة او اي مكسب من مكاسب الحياة المختلفة، اذ ينتظرون الفرص للإطاحة بك واظهارك بصورة المتمرد ارضاءً لأنفسهم المريضة، مما يشعل الصراع الذي يجعل الكثير من الناس غير محصنين نفسياً يتحاشون الاختلاف طلباً لرضا الاخرين ومن هنا يبدأ الفشل في الحياة.
⭐ تكمن خطورة المحافظة على مشاعر الجميع من حولك في التعدي على مساحتك الشخصية
المجتمع بصورة عامة والغالبية من الاقربين من الناس على وجه الخصوص لا يروق له ان تصبح ذا شأن، على الرغم انك لم تزاحمهم يوماً، بل وقد احترمتهم ولم تخرج من الاطار العام للسلوكيات الاجتماعية التي تربطك بهم لكنهم للأسف وبدافع الغيرة والحقد والحسد يحاولون تسقيط وتصغيرك او غض البصر عن انجازاتك، فتتمنى ان يغص البصر بنفس الطريقة عن اخطائك او هفواتك غير المقصودة لكن الحقد يعميهم ويجعلهم يرون الحقيقة بعيون عوراء، فهل يجب عليَّ ارضاء مثل هؤلاء؟
الجواب: لا، والف لا، لان محاولة ارضائهم يشير الى الضعف والخواء النفسي غير المبرر.
⭐ ما يجب البحث الدائم عنه هو ارضاء رب العالمين بشتى الوسائل والطرق
الكثير من الناس سيما المنتجين هم الاكثر ضرراً من نقمة الفاشلين عليهم، في هذا الاطار يقص لي صديق ان احد المقربين منه قد حاول جاهداً ان يصل بأولاده الى مرحلة البكالوريوس ولم يفلح لعدة اسباب، لكن لم يقتنع ان لكل انسان نصيبه ورزقه في هذه الحياة، هذا الفشل الذي هو فيه يدفعه في كل مرة تجمعه للتقليل من قيمة الاختصاص الدراسي الذي هو فيه، حتى بعد ان تخرج وحصل على وظيفة محترمة فلا يزال ينال منه غير ان الشاب متجاهل للأمر لاستيعابها للدوافع من وراء هذا التسقيط والتقليل من الشأن وهذا هو المنطقي وليس المنطقي ان نفشل حتى نساوي الفاشلين ونسأم من شرهم.
- لماذا يبحثون عن ارضاء الاخرين؟
من اهم الاسباب التي تجعل الفرد يبحث عن ارضاء الجميع هو:
- ضعف الثقة بالنفس الناتج من تدني تقدير الذات فمن يسعى لإرضاء الجميع يرى ان حياته بائسة بدونهم وان عمله فاشل بدونهم، لذا لابد من العمل تحت مضلة الجميع وارضاء رغبات وميول الجميع.
- ان الساعي لإرضاء الناس على حساب نفسه قد مر بمواقف تغاضى فيها عن امور بسيطة بهدف تجنب المواجهة، و الامتناع عن تعبيره عن رأيه، و ما ان تراكمت هذه الامور لتصبح عادة، و تتطور لاحقا لتصبح ضعف وهكذا بقي يحاول في كل مرة ارضاء الاخرين.
ما يجب: ما يجب البحث الدائم عنه هو ارضاء رب العالمين بشتى الوسائل والطرق ومن بعد ذلك البحث عن رضا الوالدين والعمل على راحتهم، اما الاخرين سيما المتربصين منهم فهم والذباب سواء، فلا داعي للبحث عن ارضائهم مهما كانت درجة قربهم فهم لن يرضوا عنك، إما لحقدٍ او كرهٍ او محاولة تسقيط، او لان طريقة تفكيرهم مختلفة وهذا الجدل لن يحل فارحموا ذواتكم وفكروا في ارضائها بدل التفكير في ارضاء الآخرين.