الهدى – وكالات ..
بدأت بلدية القطيف، يوم الإثنين الماضي 31 يوليو/تموز 2023، جريمة تجريف أجزاء من بلدتي الجارودية وحلة محيش.
وشملت عمليات التجريف مزارع تاريخية مثمرة شكلت في ما مضى جزء هاما من واحة القطيف قبل وقوعها تحت الحكم السعودي.
يذكر أن الجارودية تنضوي ضمن المناطق المهددة بالإزالة بفعل مشروع تطوير الحقل النفطي في القطيف.
إذ أن المشروع المقدم من قبل وزارة الطاقة في غاية الخطورة، ويؤكد نيّة النظام على إزالة القطيف عن بكرة أبيها، ومسحها من الخارطة كمنطقة سكنية مأهولة.
وتوضح الخرائط المنشورة للوزارة حول “نزع الملكيات”، أنها تمتد لمسافة 50 كيلومتر تقريبا، شملت الوجه الغربي للمحافظة من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، وتتوزع إحداثيات الإزالة والهدم على مواقع كثيرة حاول النظام تمييزها وفقا لثلاث محددات واهية.
فيما تكفلت مشروعات وزارة الشؤون البلدية بتجريف وتدمير أحياء قلب القطيف والمناطق الممتدة شرقا حتى جزيرة تاروت.
واستناداً للخرائط، فإن مدينة صفوى والأوجام، سيكونا الأكثر تأثرا بإجراءات الإزالة، وهما مهددتان بالمحو الكامل من الخريطة.
وياتي ذلك في وقت تتفاقم فيه أزمة السكن وتعثر مشروعات عقارية ضخمة إلى جانب جمود وانحسار القروض العقارية للأفراد.
وهنا لا بدّ من التأكيد، أن القطيف بمساحتها الحالية مشغولة كلّيا، ولا وجود لمساحات قابلة للإعمار فيها، بعد أن منع النظام السعودي تمددها باتجاه الغرب وأطبق الحصار عليها، عدا عن منع النظام السعودي، حتى وقت قريب، من بناء 3 طوابق في القطيف.
وبالإضافة إلى عدم وجود أراضي بيضاء قابلة للاستغلال بعد أن اقتطع النظام امتداد أراضي الفضاء وضمّها إلى محافظة البيضاء المبتدعة مؤخرا، في محاولة متجددة لتفتيت “المنطقة الشرقية”، التي هي بالأصل مكوّنة من القطيف والأحساء، وما مناطق كالدمام والجبيل والخبر ورأس تنورة إلا جزء لا يتجزأ من الإقليم، وفي أغلبها مناطق حديثة أنشأت بعد تأسيس شركة أرامكو.
وأمام هذا الواقع، يتضح أن جوهر المشروع يقوم على قرار النظام السعودي بتهجير أبناء القطيف داخليا، وبالتالي تشتيت وتفتيت النسيج المجتمعي للمنطقة، والعمل على توزيع أبناء الطائفة الشيعية في الجزيرة العربية بشكل لا يسمح في تشكيلهم مجموعات سكنية واستحواذهم على مناطق واسعة من الأراضي في ما يحسب أنه وطنهم “السعودية”.
وهنا نستشهد بواقعة اجتياح المسوّرة وإضطرار العديد من الأهالي إلى الخروج من المنطقة باتجاه المناطق السنيّة كالخبر والجبيل والدمام والرياض وجدة.
وفي صلب هذه التحولات، تظهر الانعكاسات المجتمعية المقصودة من قبل النظام على الكتلة الشيعية المتماسكة في القطيف، وما يجمعهم بينهم من وحدة المعتقد والثقافة وتقاسم المعاناة والتطلعات والأهداف، وبالتالي القطع بين أبناء الجيل الأول من المنطقة والأجيال الحالية والقادمة.
والجدير بالذكر أن مساعي النظام التفتيتية ليست بجديدة، فعلى خطى سياسة التقسيم والفصل العنصري الصهيوني، أقدم آل سعود في الأسبوع الأول من أبريل/نيسان 2022 على تقسيم محافظة القطيف إلى قسمين شرقي وغربي، حمل الجانب الغربي اسم محافظة البيضاء، في حين احتفظ الجانب الشرقي منها باسم القطيف.