الهدى – متابعات ..
أصدر “لقاء” المعارضة في الجزيرة العربية بيانا أكد فيه إحياءه للذكرى الـ 45 لانتفاضة المحرم المجيدة التي اندلعت في الأحساء والقطيف خلال موسم عاشوراء سنة 1400 هـ/1979م، تكريمًا لشهدائها الذين سطروا بدمائهم تاريخًا جديدًا من النضال الثوري، حتى بات معلما بارزا في هوية أبناء المنطقة وتراثهم.
ولفت بيان المعارضة أن إحياء انتفاضة المحرم هذا العام، يأتي تأكيدا على ما يمارسه النظام السعودي من استهداف غير مسبوق لأبناء القطيف والأحساء وبقية المكونات، عبر استمراره في سياسة التهجير القسري من جهة، وارتكاب جرائم الإعدامات السياسية من جهة أخرى، بهدف إشاعة أجواء الهلع والرعب في الداخل، وسط تناقض واضح لما يدعيه من سياسة التصالح والتهدئة.
وشدد على أن ”استحضار وقائع انتفاضة المحرم المجيدة تذكر الأجيال بأن آباءهم وأجدادهم، استلهموا قيم النضال ومقارعة الطغيان من ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، ولذلك اختاروا أيام عاشوراء لتكون منطلقا للقيام بثورة شعبية في وجه نظام آل سعود، ورفض سياسة الجور التي يمارسها عليهم وقدموا التضحيات في سبيل نيل عزتهم وكرامتهم.”
وختم البيان بالقول “إن النظام السعودي تفاجأ من شجاعة الأهالي خلال تلك الانتفاضة، وراح يبحث عن مواجهة تشكل درساً للمواطنين الشيعة لكسر روح الثورة فيهم، ولذلك استخدم الرصاص بكثافة، وتعمد قتل المتظاهرين واستخدم طائرات الهليكوبتر، واستدعى قوات البحرية إلى جانب قوات الحرس الوطني، إلا أنه لم يفلح في كسر معنويات أبناء القطيف والأحساء، بل ان المعارضة لنظامه تصاعدت وأصبحت أكثر رسوخاً وتنظيماً، ولا زالت مستمرة إلى هذا اليوم، ولم تكن انتفاضة عام 2011م إلا استكمالا لمسار المعارضة والنضال.
يذكر أن انتفاضة محرم عام 1400ه في القطيف، اندلعت بعد سنواتٍ من الإحتقان نتيجة الحرمان الإجتماعي الذي عايشته القطيف، المنطقة التي كانت تعوم على بحورٍ من النفط وتغرق في أزمات الفقر والبطالة، فتجلّى ذلك بهبّة جماهيرية في ليلة 6 محرم، أي ليلة الإنطلاقة الفعلية للإنتفاضة.
وما حصل في السادس من محرم هو ارتفاع الحرارة الثورية في مجالس العزاء والمحاضرات، إذ دارت أحاديث الخطباء في القطيف والقرى المجاورة حول ضرورة مواجهة الظلم وعدم الخوف من الإرهاب والطاغوت مهما بلغ من القوة لأن الإنسان في مثل هذه الحالة يكون قد “باع نفسه إلى الله”.
وخرجت إثر ذلك تظاهرات شارك فيها الآلاف من مختلف أنحاء القطيف والمناطق المجاورة، لتبلغ ذروتها ليلة 9 محرم.
وفي هذه الليلة الدموية سقط الرسالي سعيد عيسى مدن الذي قدم من مدينة صفوى، واستشهد في القطيف. ما إن وصل الخبر إلى الأهالي باشروا بمظاهرات متصلة من صفوى إلى سيهات لتشييع الشهيد جددوا فيها روح النقمة على آل سعود. وفي الصباح وجّه خطباء المآتم الحسينية الناس ليخرجوا في تشييع الشهيد أيضاً رجالاً نساءاً ومن كل الأعمار وكل المناطق لا سيما العوامية وسيهات وأم الحمام وتاروت والبحاري وسنابس والجارودية وغيرها من القرى.
حتى بلغ عددهم 24 ألف شخص. وأخذت مكبرات الصوت تبث من المقبرة “إن الموت لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة”، ما زاد من حدة الحماس في صفوف الجماهير فتحولت مشاعر الحزن والألم إلى شجاعة وإقدام، ودارت مواجهات عنيفة بين الجماهير وقوات السلطة ثم أكملت المسيرات طريقها.
إثر ذلك مباشرةً، عمدت القوات السعودية إلى إخماد الإنتفاضة بوحشيّة غير مسبوقة، فانقضّت على المتظاهرين مطلقةً الرصاص الحي، بعدما أعطيت الإشارة لمجموعة من جنود الحرس الوطني الذين كانوا مستعدين خلف مدافع الرشاشات وقد بدأ المتظاهرون يتساقطون واحداً تلو الآخر بين جريح وشهيد.
وبقيت القوات السعودية حتى ليلة 10 محرم تقصف المتظاهرين في القطيف المحاصرة بوابلٍ من الرصاص الحي، بعدما طوّقت جميع مداخل المدينة، ونشرت القناصون في مناطق استراتيجية حيث راحت رصاصاتهم تنال من كل شخص يتواجد في الشارع.
وفي هذه الليلة تمكنت القوات السعودية من الدخول إلى المدن والقرى مسنودةً برصاص تطلقه طائرات الهليوكوبتر ففتحت الطريق في مدينة العوامية والقطيف وصفوى وبقية المناطق الأخرى، واستمرت الأمور على هذا النحو، حتى مساء 11 محرم، حينما جرى منع دخول السيارات وقنص كل من يتواجد في الشارع لأي سبب كان، ما أسفر عن ارتقاء قرابة 30 شهيداً بينهم أطفال ونساء بالإضافة إلى إصابة واعتقال المئات.