عندما يولد انسان وفي فمه ملعقة من ذهب، ينمو ويتربى على زينة الحياة كل مايطلبه قبل ان يطلبه متوفر، وكلما يحتاجه دون شعور الحاجة لشيء متوفر، هل سينظر الانسان لحياته على انها نعم؟!، بينما آخر لا يأكل من رغيف الخبز الا يابسا، ولا يرتدي إلا صبرا، يخشى ان ينهار يوما من التعب، التفكير، والسعي خلف رزقه، فان هذا الفقير قد يقدر نعمة مفاجئة كخبز حار يستذوقه، ويحمد خالقه عليها، ان الارزاق مقسمة ليس عبثا لكن الاقدار هكذا قسمت لحكمة.
بشكل عام فان الانسان يقدر النعم ويستشعرها عندما يفقدها او جزء منها، وما هذا الفقدان الا للتذكير فان القدر يذكر الفرد بالنعم انها موجودة، امتن للاقدار، لكن الانسان في غفلة ما ان يستيقظ عند فقدانه لشيء حتى يعود ويغفل مجددا.
النعم نوعان؛
– تلك التي نتمانها ونطلبها بالحاح، وحدوثها يجعل الحياة تتغير تغيرا كبيرا والتي تعد معجزة بالنسبة لنا.
– نعم باطنة أو خفية لا نشعر بها بسبب اعتيادنا عليها فلا نلاحظها، والمقصود بالنعم الباطنة ان الإنسان في غفلة عنها.
قال تعالى: “أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ”..(سورة لقمان ٢٠)
الامر الذي اود تسليط الضوء عليه هو ماهية النعم الباطنة؟
1- ليس فقط كونك في صحة وسلامة ولا تتعرض للاخطار، بل العيش حرا مكرما فان كرامة الانسان حقا شيء لا يضاهى، وايضا نعمة الحياة الطيبة تتضمن الامن، الطمأنينة، السلام
2- وجود أحبة الانسان، اهله، زوجته، اطفاله، انها اعظم نعم على الانسان فلن يعلم الانسان لسع الحياة حقا الا بالموت.
فيارفيقي دعنا نستذكر النعم الخفية تلك التي اعتدنا وجودها، واصبحنا نتذمر من يوميات الحياة المملة بلا مغامرات او احداث مشوقة.
3- نعمة الضمير: “ضمير مستريح واقدام متعبة خير من ضمير متعب واقدام مستريحة:- ” الامام علي’عليه السلام’
انها ايضا نعمة لا يستهان بها ففيها سعادة المرء وفيها ضياعه.
4- كن ممتن لسلامة حواسك: نعمة الحواس فتخيل انك تفقد احداها مجرد التخيل تشعر بالجحيمية والهلاك واستحالة العيش لابد انك لاحظت معاناة احدهم ومعاناة من حوله.
كأن تفقد حاسة الذوق وتأكل لا تشعر بطعم الاشياء الحلو والحامض المر والمالح، تفَقّد نعمك الكثيرة لتدوم لتصبح مباركة.
5- لذة النوم الذي يخلص الانسان من التعب، ففي فترات متباعدة قد يمر الانسان بعدم النوم ليلة كاملة او بعضها فانه يزيد تعبا. وبهذا يستذكر نعمة النوم.
6- تعليمك حصلت عليه من قبل والديك، غيرك يحلم بالتعلم.
7- نعمة الاسلام حيث يتضمن المغفرة والرحمة، وهذه النقطة تعد سيدة النعم.
لا تضع نفسك ضمن اطار يقيدك، زين حياتك ببعض الافكار التي تخلق جوا ايجابيا يجعلك تستشعر النعم وتشعر بالرضا والقناعة من القدر
فالجميع يطلب من القدر الكثير الكثير وهو مكتوف الايدي وينظر فقط.
وسع افكارك، اشغل يومك بما تحب فملذات الحياة ليس طعاما وملبسا فهناك عشق فكرة كأن تعشق القراءة ففيها تنمية عقل وفكر.
فعندما يمر الإنسان بمحن ومصائب بعد مرورها يبقى يتذمر ويتشاءم لمروره بقدر كهذا لكنه لايمتن للاقدار التي طوقته بالنجاة
في الواقع الحياة مجرد مساومات والكثير منا لايُدرِك ذلك، وحين يأخذ الله منا شيئا، فهو بالتأكيد لأنه ليس لنا، أو ليعوضنا بما هو أجمل.
وحين يمنع الله عنا مانريد فهو بالتأكيد لصالحنا، فهناك شيء يجهله الجميع هو أنه لا يوجد شيء يدعى السعاده الأبدية ، أو إن الإنسان لا يستطيع أن يحصل على سعادة دنيوية دائمة، فلو كانت كذلك فلابد أن تكون الحياة مملة بدون هدف ولاغاية ولذلك يجب أن نشكر الله على أبسط الأمور لأنه يعلم اشياء كثيره نحن لا نعرفها، وهو دائما عندما يختار لنا شيئا فقط لكي يمنع عنا ما هو الأسوأ.
إن الله تعالى في كل مصيبة تصيبنا يُخبئ لنا شيئا جميلا يُدهشنا ولو بعد سنين.
وإن الإنسان خلقهُ الله تعالى ينظر ويُدرك، وأن نعمة الأدراك وحدها هي أكبر من النظر، حيث أن الإنسان الذي يُدرك الأمور بقلبه وعقله هو المبصر حقاً. وإن الله تعالى وهب الإنسان نعمة الأدراك لكي يُدرك تلك النعم الخفية.
وإن وجود الله تعالى وحده هو نعمة خفية ظاهرة يجب على الإنسان إدراكها.
احمدوا ربكم لتدوم النعم الخفية
عندما يولد انسان وفي فمه ملعقة من ذهب، ينمو ويتربى على زينة الحياة كل مايطلبه قبل ان يطلبه متوفر، وكلما يحتاجه دون شعور الحاجة لشيء متوفر، هل سينظر الانسان لحياته على …