لكل إنسان قدرات معينة أودعها الله في جسده وروحه منذ الولادة، وكما هو معروف أن الإنسان تميز عن المخلوقات الأخرى بالعقل، مما منحه مزايا خَلْقيّة هائلة تفوق الكائنات قاطبة، هذه القدرات والمزايا تتوزع في شقّين، منها قدرات علمية لها علاقة مباشرة بالعقل والذكاء الفطري للإنسان، أما الشق الثاني فهو له علاقة بالقدرات العملية (العضلية) للإنسان.
نستنتج من الكلام الوارد في أعلاه أن الشاب له قدرات علمية وعملية، وكلا هاتين القدرتين تعتمدان على الشاب نفسه، فالتحصيل العلمي للشاب يعتمد بشكل مباشر على إمكانياته الذهنية والعقلية، وقدرته على الحفظ، والتدقيق والفهم والتفسير والتعمّق، ولهذا الأمر علاقة مباشرة بالنباهة التي يتحلى بها الشاب، وبدرجة الذكاء التي تميزه عن سواه، وبقدرته على التفكير الأسرع والأعمق والأدق من سواه.
⭐ التحصيل العلمي ليس له علاقة بالقدرات العملية، فهناك طلبة متفوقون في دراستهم، ويحصلون على شهادات في العلوم بمختلف أنواعها، وربما تكون علاماتهم عالية، لكن هذا لا يعني بأنهم متفوقون بالقدرات العملية أيضا
علما أن التحصيل العلمي ليس له علاقة بالقدرات العملية، فهناك طلبة متفوقون في دراستهم، ويحصلون على شهادات في العلوم بمختلف أنواعها، وربما تكون علاماتهم عالية، لكن هذا لا يعني بأنهم متفوقون بالقدرات العملية أيضا، لأن الأخيرة لها علاقة مباشرة بالمهارة الفطرية والمكتسبة، فإذا كان الشاب ماهراً وسريعاً في اكتساب المهارات فهذا لا يعتمد على تحصيله العلمي وقد يحدث العكس.
المهم في هذا الجانب أن الشاب نفسه يكون على استعداد تام لمعرفة قدراته المهارية والذهنية، وعليه أن يراقب إمكانياته العملية والعلمية، ومن ثم يسعى لتطوير هذه القدرات من خلال التركيز على اكتساب الخبرات، فإذا تعلق الأمر بالجانب العملي لابد للشاب أن يدخل في ورش عملية، وعليه أن يسعى للانخراط في مهن عملية حتى يكتسب مهارات جديدة في هذه المهنة أو تلك، ولا بأس أن يرفق ذلك بمعلومات نظرية لها علاقة بالمهنة التي يسعى لتعلمها واكتساب الخبرات العملية فيها.
وهناك طرق كثيرة يستطيع الشاب أن يعرف من خلالها قدراته في الجانبين العلمي والعملي، الجانب العلمي يقوم على التركيز في فهم وتفسير واستيعاب المعلومات، ومن ثم السعي للحصول على درجات عالية ومتفوقة، وهذا يمنحه تأشيرة مرور لدخول الورش المهن العملية التي تتناسب مع تخصصه العلمي، لأن أول شيء يُسأل عنه طالب العمل ما هو تحصيلك العلمي وما نوعه؟ وفي ضوء هذا التحصيل يمكن أن يُقبل الطالب أو يُرفَض في هذه المهنة أو تلك.
لذلك من الأهمية بمكان أن يركز الشاب على أهمية التحصيل العلمي، وعلى التخصص الذي يرغب به، ويعرف أنه ينسجم مع تطلعاته وقدراته، وبهذا يكون عارفا لقدراته الاستيعابية، ومن ثم هناك نقطة مهمة على الشاب أن يلتزم بها، وهي مدى رغبته بهذا العمل أو ذاك، فكلما أحببنا هذه المهنة أو تلك سوف ننجح بها، ومن المهم أن يجد الشاب فرصة في المهنة العملية لتطبيق ما حصل عليه من معلومات أثناء رحلته التعليمية العلمية.
⭐ على الشباب أن يبحثوا عن الفرص الصحيحة التي تتناسب مع قدراتهم العلمية، كذلك لابد لهم أن يطوروا مهاراتهم بمسعى ذاتي ولا يبقى الشاب منتظرا الفرص تطرق بابه
هناك الكثير من الشباب يشكون من عدم الانسجام بين فرص العمل المتاحة لهم وبين كمية ونوعية المعلومات التي حصلوا عليها علميا، وبعضهم يصرّح علنا بأنه أمضى سنوات طويلة في رحلة التعليم لكنه في نهاية المطاف وجد نفسه في مهنة لا علاقة لها مع المعلومات العلمية التي اكتسبها أثناء التعليم، يحدث هذا في دول متأخرة لا تحترم التخطيط ويسودها الإدارة العشوائية، فالذنب ليس ذنب الشباب بل ذنب الحكومات والتخطيط المنعدم، ومع ذلك لا يُعفى الشاب من مسؤولية الاختيار واكتساب المهارات.
دائما على الشباب أن يبحثوا عن الفرص الصحيحة التي تتناسب مع قدراتهم العلمية، كذلك لابد لهم أن يطوروا مهاراتهم بمسعى ذاتي ولا يبقى الشاب منتظرا الفرص تطرق بابه، وإنما هو الذي يذهب إليها ويبحث عنها، ولابد أن يتذكر دائما قول الإمام علي (عليه السلام) الذي يتضمن المضمون التالي: (اغتنموا الفرص فإنها تمر من فوق رؤوسكم كالسحاب).
لذا على الشاب أن ينخرط في ورش مدنية أو حكومية مهنية، تتناسب قدر الإمكان مع تحصيله العلمي حتى يمكنه تطبيق ما تعلمه علميا في مجاله العملي والمهني، وكلما كانت المهارات المكتسبة عمليا قريبة من خزينه العلمي كان ذلك عاملا مساعدا على نجاحه في مسيرته العملية، والمهم في هذا الجانب أن لا يبقى الشاب بانتظار الفرصة، بل عليها السعي إليها والبحث عنها بإصرار ودراية وتخطيط مسبق.