عاش الإمام الرضا، عليه السلام، في عصر انفتاح الأمة الإسلامية على تراث الأمم الأخرى التي أخذت تدخل في حاضرة المسلمين وتسهم معهم في بناء صرح حضارتهم الاسلامية.
وقد بلغ هذا الانفتاح مبلغا عظيما في عصر الإمام الرضا، عليه السلام، على نحو واضح حتى كان يهدد الثقافة الإسلامية إن لم يتصدَ له المعنيون بحفظ أصالة الثقافة الإسلامية من الذوبان في الثقافات الدخيلة عليها بشكل او بأخر.
وقد اعتنى الإمام الرضا، عليه السلام، بهذا الجانب الخطير فقام بإعداد أجيال من العلماء وتربيتهم ليحرصوا على صيانة التراث الإسلامي؛ و يقوموا بمهمة نشر الفكر الإسلامي الصائب في ارجاء العالم الإسلامي ويهتموا بتربية أجيال تحمل هذه الرسالة الى العالم اجمع.
⭐ اعتنى الإمام الرضا، عليه السلام، بهذا الجانب الخطير فقام بإعداد أجيال من العلماء وتربيتهم ليحرصوا على صيانة التراث الإسلامي؛ و يقوموا بمهمة نشر الفكر الإسلامي الصائب
من هنا كانت للإمام الرضاع مدرسة حية في خراسان تتقوم بعناصر عالمة متعلمة ذات ثقافة رسالية فريدة؛ وهذه المدرسة تعد جزا من التراث الحي للإمام الرضا، عليه السلام، وهي بُعدٌ متميز من تراثه الثري.
وتإتي احتجاجات الإمام الرضا، الطويلة المتنوعة مع أرباب شتى المذاهب والاديان تشكل علامة فارقة أخرى في حياة الإمام الرضا، وهي الجزء الاخر من تراثه المعطاء، كما يعد كل ما دون وروي عن الإمام الرضا من أحاديث ورسائل وكتب في شتى ميادين المعرفة الاسلامية الجزء الثالث من تراثه الخالد للامة الاسلامية بل البشرية جمعاء.
- مدرسة الإمام الرضا عليه السلام
تراوح عددالرواة عن الإمام الرضا، عليه السلام، كماجاء في المصادر الموجودة بين أيدينا بين ثلاثمئة وثلاثة عشر الى ثلاثمئة وسبعة وستين راوياً، ويعد هؤلاء طلاب مدرسته والمتخرجين على يديه، وقد احصى عددهم صاحب مسند الإمام الرضا، عليه السلام، وترجم لثلاثمئة وثلاثة عشر راويا منهم على نحو موجز جداً استناداً إلى ماجاء من ذكر لهم في اسناد روايات المسند.
على أن الشيخ الطوسي قد ذكر ثلاثمئة وخمسة عشر رجلاً من أصحاب الإمام الرضا، عليه السلام، في حين انهاهم الشيخ باقر شريف القرشي إلى ثلاثمئة وسبعة وستين راويا.
ونظرة سريعة إلى مسند الإمام الرضا، عليه السلام، تعطينا صورة إجمالية عن اتجاهات مدرسته وملامح عصره في مجالات التربية العلمية والاخلاقية، كما كانت تتطلبها الظروف التي عاشها الإمام الرضا، عليه السلام، هذا فضلاً عن الإعداد الخاص للمستقبل القريب والبعيد الذي كان قد خطط له الائمة من اهل البيت عليهم السلام، كما هو واضح لمن يتدبر مجموع ما صدر عنهم من نصوص وما تضمنتها من التوجيه إلى افاق المستقبل المشرق الذي ينتظر اتباع اهل البيت عليهم السلام، وهم الجماعة الصالحة التي التزمت خطهم الفكري والسياسي واصرت على التضحية في سبيل العقيدة الصحيحة والمبدا الحق.
وقد ازداد النشاط العلمي لشيعة اهل البيت، عليهم السلام، في هذا العصر وتمثل في كثرة التأليف والتدوين، والتدريس والرواية وشمل جميع الحقول المعرفية المعروفة انذاك.
كما ازداد عدد الأفراد المنتمين لمدرسة الفقهاء الرواة من أتباع اهل البيت عليهم السلام، وسائر فرق المسلمين ازديادا ملحوظا؛ ونلمس ذلك بوضوح من خلال عدد رواة الإمام الرضا، عليه السلام، حيث تكشف قائمة الرواة عن مدى الإهتمام منهم بانتهال العلم من مدرسة الإمام الرضا، الرسالية في عصره؛ لاسيما إذا لاحظنا تنوع مستوياتهم وتنوع بلدانهم واهتماماتهم العلمية من خلال تنوع الأسئلة والمجالات التي رووا فيها الأحاديث عن الإمام الرضا.
⭐ ونظرة سريعة إلى مسند الإمام الرضا، عليه السلام، تعطينا صورة إجمالية عن اتجاهات مدرسته وملامح عصره في مجالات التربية العلمية والاخلاقية
حظي بالرواية عن الإمام الرضا، عليه السلام، بعض تلامذة جده الصادق، عليه السلام، وبعض تلامذة ابيه الإمام موسى الكاظم، عليه السلام، كما روى عنه جمهرة من العلماء المعاصرين له، وتعرض إلى تراجم اهم اصحابه ورواة حديثه لان ذلك فيما نحسب من متممات البحث عن مدرسة الإمام علي بن موسى الرضا، لانه يكشف عن جانب مهم من حياته العلمية وأثره الفكري والحضاري في العالم الإسلامي على نحو عام؛ وفي المشرق الإسلامي على نحو خاص.
ولعل من أهم مؤلفات الإمام الرضا، عليه السلام، هذه الرسالة الغراء التي سميت بـ”صحيفة الرضا”، وسماها فريق من الرواة بمسند الإمام الرضا، وهذه التسمية أقرب إلى وضع الكتاب لأنه حوى بعض ما يرويه من الأخبار عن جده النبي، صلى الله عليه وآله، وعن ابائه الائمة الطاهرين عليهم السلام، وقد نصَّ جمهرة من المحققين على أن هذه الرسالة من مؤلفات الإمام الرضا.
وعلى أي حال فإن هذه الرسالة من ذخاىر النبوة، وكنوز اهل البيت ومواريث الائمة الأطهار، عليهم السلام، التي بلغت من علو الإسناد ذروة الشرف، وكاهل العز.
كان تراث الإمام الرضا، عليه السلام، انموذجا للدلالة على عظمة هذا التراث وتنوع أغراضه ومجالاته الفكرية والعلمية.