القطاع الخاص هو قطاع الإنتاج والعمل خارج سيطرة الدولة، يقابله القطاع العام وهو كل ما يقع تحت هيمنة الدولة من أعمال إنتاجية وإدارية وتنظيمية مختلفة، ويُعاب على الدولة كثرة تدخلها في القطاع الخاص، أو فرض هيمنتها الاقتصادية على هذا القطاع، بل تصبح الدول قوية إذا تركت الحرية للقطاع الخاص في العمل والانتاج.
هذا ما تقوم عليه النظرية الرأسمالية التي تقوم في محتواها وفحواها على مبدأ حرية السوق، وتعمل في مسار القول المشهور الرأسمالي؛ “دعه يعمل دعه يمر”، يقابل النظرية الماركسية التي تتخذ من مبدأ الاشتراكية وحصر وسائل الإنتاج في يد الطبقة العاملة، اساساً لفكرتها، وقد شكلت النظريتان (الرأسمالية، والاشتراكية- الشيوعية) منهجين اقتصاديين متناقضين في الرؤية إلى إدارة الاقتصاد.
⭐ من الغريب حقا أن ثقافة التعيين تسود في العراق منذ عقود طويلة، حتى أن الفرد العراقي تعوّد على أسلوب الركض نحو دوائر الدولة بمجرد الانتهاء من تحصيله الدراسي
الرأسماليون يعانون من عيوب كثيرة، خاصة في قضية الاحتكار والملكية الفردية، لكن القطاع الخاص له استقلالية واضحة في المنهج الرأسمالي، على العكس من القيود التي فرضتها النظرية الاشتراكية على الملكية الفردية، وعلى القطاع الخاص، وهو ما أضعفه كثيراً في الدول التي تهيمن على الاقتصاد والمال العام.
استيعاب الطاقات الشبابية في القطاع العام (الحكومي)، بات أمرٌ شبه مستحيل، مع وجود عيوب اقتصادية خطيرة في هذا المنهج، فكثرة الوظائف الحكومية تثقل كاهل الدولة وتقيد نمو الاقتصاد، وتحد من فرص تطور الدولة والمجتمع، لذلك برز القطاع الخاص كبديل مهم لاستيعاب الطاقات الشبابية، بدلاً من قيام الدولة بتقويض هذه الطاقات الشبابية بعد تهميشها، أو تعيينها في وظائف تتناقض مع خبراتها.
و من الغريب حقا أن ثقافة التعيين تسود في العراق منذ عقود طويلة، حتى أن الفرد العراقي تعوّد على أسلوب الركض نحو دوائر الدولة بمجرد الانتهاء من تحصيله الدراسي الجامعي أو حتى عندما يتم تحصيله الدراسي في مرحلة الاعدادية والمتوسطة، وهذه الثقافة الخاطئة حول التعيين في دوائر الدولة، حطمت عشرات الآلاف من الطاقات الشبابية في العراق وجعلتهم يفقدون فرص التنمية الصحيحة لمواهبهم وطاقاتهم.
كان على الدولة العراقية والحكومات المتعاقبة فيها أن تعد خطة عمل واضحة وعلمية ودقيقة لجعل القطاع الخاص قادراً على استيعاب الأعداد الكبيرة من الخرّيجين الذين يتخرجون من الجامعات والمعاهد سنوياً وباعداد كبيرة، وكذلك هنالك تقصير من قادة القطاع الخاص أنفسهم والقائمين عليه، حيث كان عليهم أن يبادروا لاستيعاب هذه الطاقات الشبابية السنوية المتخرجة من الجامعات والمعاهد، وكان عليهم أن يستفيدوا من هذه الطاقات.
⭐ على الدولة العراقية والحكومات المتعاقبة فيها أن تعد خطة عمل واضحة وعلمية ودقيقة لجعل القطاع الخاص قادراً على استيعاب الأعداد الكبيرة من الخرّيجين الذين يتخرجون من الجامعات والمعاهد سنوياً وباعداد كبيرة
كذلك كان على الدولة والحكومات العراقية أن تحرص على فتح معاهد لتطوير المهارات الشبابية، مع أهمية فرض أعداد كبيرة من العمالة العراقية على الشركات الأجنبية العاملة في صناعة النفط أو الاسمنت أو الصناعات الأخرى ضمن بنود الاتفاق مع هذه الشركات وإلزامها بذلك وتدريب الشباب العراقي، لكن هذه السياسة الاقتصادية الوطنية المهمة غابت عن رؤية الدولة العراقية وحكوماتها المختلفة أو أنها لم يتم تطبيقها بشكل جيد.
إذاً؛ مسؤولية هذا الخطأ الاقتصادي الفادح تقع على:
أولاً: الدولة العراقية.
ثانياً: الحكومات العراقية المتعاقبة.
ثالثاً: القطاع الخاص والقائمون عليه.
رابعاً: الشباب أنفسهم يتحملون جانبا من هذه المسؤولية.
ولكي يتم تفادي هذه السلسلة من الاخطاء حول استيعاب الطاقات الشبابية للخريجين وغيرهم، لابد من المباشرة بإعداد الخطط العلمية الاقتصادية بواسطة خبراء مختصين عراقيين أو غير عراقيين، يضعون الخطط الصحيحة لاستيعاب الأعداد الشبابية الكبيرة، ليس في القطاع العام وجعله أكثر ترهلا وزيادة البطالة المقنّعة فيه فقط، وإنما ضخهم في القطاع الخاص بعد تهيئة جميع الخطوات الصحيحة التي تساعد على هذا النوع من الاستيعاب.
هذا الهدف الكبير والمهم تتمركز قوته في كونه يمثل الحل الأفضل لاستيعاب الطاقات الشبابية، وثانياً؛ يدفع باقتصاد الدولة إلى الأمام، وثالثاً؛ تستفيد الدولة من الخبرات الشبابية بشكل كبير، ولا تذهب هذه الطاقات سدى بعد سنوات طويلة من المسيرة التربوية والعلمية في المؤسسة العلمية الجامعية أو المراحل التي سبقتها.
إنها دعوة من الشباب العراقي إلى من يهمه الأمر، لكي تقوم الجهات المعنية بعملية استيعاب طاقاتهم ومواهبهم وقدراتهم، ولا يبقى هؤلاء الشباب ضائعين في المقاهي يقتلون فيها ريعان شبابهم دون جدوى، بالإضافة إلى مخاطر الفراغ والمخدرات والضياع نتيجة التهميش والإهمال وعدم اهتمام الجهات المختصة بشريحة الشباب الكبيرة الواسعة والمهمة.