قبل فترة من الزمن استأجرت مجموعة من النساء مسبحا حتى يسبحن لوحدهن من دون أن يختلط بهن الرجال، كانت المفاجأة؛ ان الجهة المسؤولة في تلك المدينة اشتكت على إدراة المسبح بسبب السماح للنساء الدخول للمسبح دون الرجال، وتم تغريم إدارة المسبح مبلغا كبيرا جدا، بدعوى أن العقد الايجار يتخالف ويتضارب مع الهوية العامة للبلد وهي “الليبرالية”، فهم يؤمنون بأنه يجب ان يكون المسابح مختلطة، ولا يحق للمرأة ان تستأجر مسبحا لوحدها من دون أن يشترك معها الرجال.
هذه الحادثة ليست الوحيدة؛ إذا ذهبنا الى فرنسا وسألنا المشرّع الفرنسي: لما تحارب النقاب؟ ولماذا تمنع الحجاب في الأماكن العامة، والمواصلات، سيجيب بالطبع؛ أن هوية البلد ليبرالية والزي الاسلامي يتقاطع مع تلك الهوية.
هذا السبب بالضبط هو الذي يجعلهم يشنون الحرب على الحجاب في بلداننا، لان الحجاب عبارة عن هوية، فهو يمثل الالتزام بالهوية الاسلامية، وقد استخدموا ثلاث طرق لمحاربة الحجاب:
الطريقة الأولى: محاولة نزع الحجاب بالقوة، وهذا ما حدث في إيران خلال حكم الشاه حيث مُنعت النساء من لبس الحجاب، حتى ان امرأة في مشهد الإمام الرضا، عليه السلام، خرجت من بيتها متوجهة الى حرم الإمام، فلحقها الشرطي، فدخلت الحرم ولحقها الى ان وصلت الى قرب ضريح الإمام الرضا، عليه السلام، فانتزع حجابها من على رأسها بالقوة.
⭐ ما يحدث اليوم في الدول الغربية جزء من الحرب على الحجاب، وارغام المرأة على عدم لبسه، ففي النرويج ـ مثلا ـ إذا أرادت المرأة المسلمة اصدار جوازاً، او هوية مدرسية، أو اجازة سياقة، فلابد أن تكون الصورة بدون حجاب
ما يحدث اليوم في الدول الغربية جزء من الحرب على الحجاب، وارغام المرأة على عدم لبسه، ففي النرويج ـ مثلا ـ إذا أرادت المرأة المسلمة اصدار جوازاً، او هوية مدرسية، أو اجازة سياقة، فلابد أن تكون الصورة بدون حجاب!
الطريقة الثانية: التشكيك بعدم مشروعية الحجاب، وان كل إنسان حر في لبس ما يشاء.
الطريقة الثالثة: تمييع الحجاب، وذلك عن طريق طرح حجاب بديل، بألوان مختلفة، ومبهرجة، بعيدة عن الحجاب الاسلامي الذي أراده الدين، واليوم ظهرت نسوة في التواصل الاجتماعي(الانستغرام) تسمى مودلز الحجاب، من الظاهر يوحي بأنهن يحافظن ويروجن للحجاب، لكن ليس للحجاب الذي نصت عليه الاحكام الشرعية، وفي الحقيقة هو ترويج لما يسمى الحجاب الناقص، وذلك ما لم يرد في الدين، فلا يوجد حجاب وسط، فإما أن يكون حجاباً شرعيا كما أراد الدين، او أنه غير ذلك.
بالرجوع الى الروايات التي وردت عن أهل البيت، عليهم السلام، وكلمات الفقهاء المستفادة من الروايات، نجد أنهم يؤكدون على ان الحجاب يجب ان لا يعد زينة في نفسه، لان آيات القرآن الكريم صريحة وواضحة في ذلك، يقول ـ تعالى ـ: {ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُن}، فعلى المرأة إخفاء زينتها، ولا يعني ذلك ان تلبس المرأة ملابسا تبين تفاصيل البدن، ويكون من حيث الظاهر جاذبا للنظر، فإذا كان الحجاب ملفتا للنظر فذلك يعد من التزيّن وهو ما نهت عنه الاحكام الشرعية.
فأول شرط للحجاب أن لا يكون زينة في نفسه.
ثانيا: أن يكون ساتراً ويجب الالتزام بالحد الشرعي الذي بينه الدين، فالستر سواء كان بالعباءة او الجبة فلا اشكال في ذلك، إنما يجب ان يتحقق الغرض من الحجاب وهو الستر، لكن البعض يتذرع ما دام أن هناك فتوى بعدم لبس العباءة فلها الحق أن تلبس ما تشاء، وهذا فهم خاطئ للفتوى، فالفتوى تقول يجب أن يتم ستر البدن كاملا وإن لم يتحقق ذلك بالعباءة، فيجب حينئذ أن تكون الجبة ساتر لجميع مفاتن البدن، وتحقق الغرض من الستر، الجبب التي تباع في الاسواق لا تحقق غرض الستر، ولذا على المرأة اختيار الستر المناسب الذي أمرت به النصوص الشرعية.
⭐ من شروط الحجاب؛ أن يكون ساتراً ويجب الالتزام بالحد الشرعي الذي بينه الدين، فالستر سواء كان بالعباءة او الجبة فلا اشكال في ذلك، إنما يجب ان يتحقق الغرض من الحجاب وهو الستر
ثالثا: منع الاختلاط؛ وبالرجوع الى الروايات نجد أن اصل منع الاختلاص هو من الحجاب، فالسيدة الزهراء، عليها السلام، حين ألقت خطبتها الفدكية ضربت دونها ملاءة، يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: “واكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن فإن شدة الحجاب أبقى عليهن، وليس خروجهن بأشد من إدخالك من لا يوثق به عليهن “. فلا يجوز ادخال رجلا غير مأمون الى البيت، وكذا على الآباء تحري بناتهم في الجامعات من مسألة الاختلاط، ومن المطالبات لوزارة التعليم العالي هي الاكثار من تشييد الجامعات الخاصة بالبنات، لان هناك عوائل تمنع بتاتها من الالتحاق بالجامعات المختلطة.
ثم يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: “وإن اسطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل”، يقول علماء النفس: إذا المرأة اعجبت بشخص بمقدار ما تعجب من صفة به، سوف تكره ذلك من زوجها”، جاءت امرأة الى رسول الله، صلى الله عليه وآله، وقالت: يا رسول الله اريد الطلاق، فقال رسول الله: لماذا؟
قالت: رأيته يمشي بين مجموعة من الرجال وكان اقبحهم مشيا. فمسألة المقارنات عند المرأة أكثر من الرجل، ولذا من المهم ان تحافظ المرأة على نفسها، ولا تختلط بالرجال، الذي قد يؤدي بدوه الى مقارنات يعكر جو الاسرة، ويحيلها الى خراب.
- مقتبس من محاضرة للسيد مرتضى المدرسي (حفظه الله).