فکر و تنمیة

مهووسو الاحجار الكريمة ماذا سيجنون؟

منذ ابصرنا الحياة وعرفنا معناها لحظنا ارتداء الكثير من الناس خواتم ذات احجار متنوعة في ايديهم سيما الرجال، اما النساء فيرتدين قلائد تحمل هذه الاحجار وخواتم ايضاً في حالات اقل، سبب هذا الارتداء على ما يبدو اما ذو اصول دينية او جمالية، لكن فيما بعد  تبين ان صنف من الناس يبحثون عن هذه الاحجار لاعتقادات اخرى وبصورة مبالغ فيها تصل حد الهوس، فما هو هوس الاحجار الكريمة؟

 وهل هو ظاهرة مستجدة ام انها ذات جذور تأريخية؟

 وماهي الاثار التي ترتب على هذا الهوس؟

في اغلب البلدان العربية والعراق واحد منها يحتل الاهتمام بالأحجار الكريمة المستخدمة  في الخواتم والمسابح اهمية كبيرة تكاد تتفوق على نسب اهتمام الناس بملابسهم، سيما في الفترات الاخيرة في العراق على سبيل المثال نظراً لتحسن الاوضاع، فلا غرابة ان تجد مجموعة من الشباب يتجمعون على احد المحال في احد الازقة في احد المدن الدينية على وجه التحديد لاقتناء خاتم او استبدال آخر سحر عقله ببريقه ولمعانه.

⭐ في اغلب البلدان العربية والعراق واحد منها يحتل الاهتمام بالأحجار الكريمة المستخدمة  في الخواتم والمسابح اهمية كبيرة تكاد تتفوق على نسب اهتمام الناس بملابسهم

واهم اسباب نيل الكثير من الناس الى اقتناء الاحجار الكريمة هو اعتقادهم بأن هناك قوة روحانية يتمتع بها كل من يرتدي خاتم مرصع بالأحجار الكريمة، ومصدر هذه القوة هو الله تعالى. “ويؤكد على رأيه من خلال الإشارة إلى أن الأنبياء والأوصياء اعتادوا على ارتداء الأحجار الكريمة وتميزوا بقوة وحكمة خارقة ميزتهم عن غيرهم من البشرية”، لعل في الامر شيء من الصواب وهذا ما نقرأه ومن نسمع به في الروايات الواردة عن اهل البيت، غير ان التحول من عبادة الله والتوكل عليه وطلب المعونة من الى طلبها من هذه الاحجار انما يدل على خلل عقلي واضح لا يمكن تخطيه او محاباة صاحبه.

فقد تجد ان احدهم يعرض حجراً للبيع ويقول انه يساعد على زيادة الرزق بينما هو يفترش الارض بهذه الاحجار لساعات دون ان يفاتحه احد لشرائها، فإذا كان الامر كما تدعي لماذا لا توظفها انت في خدمتك وتزيد من رزقك؟ لا اعرف عن اية تافهة يتحدثون واية اعتقادات مغلوطة يتبعون ويغشون بها الناس البسطاء ذوي المستويات العقلية والمعرفية البسيطة وما اكثرهم في مجتمعنا للأسف.

ولا يقف الامر عند هذا الحد، بل يذهب بعض الشباب الى اقتناء انواعاً من الخواتم تحمل نوعاً من الاحجار الكريمة يعتقدون انها تسهم في نجاح علاقاتهم العاطفية وحل المشكلات التي تعترض طريقهم، ويشيع هذا الاعتقاد بين صفوف الشباب في المرحلة الجامعية، وهم بذلك يضربون حقيقة ان الله هو من يقدر الامر فيتمه لمصلحة او يمنعه لمصلحة، والكون بأجمعه يخضع لقوة الله وتدبيره للأمور وكل ما دون ذلك باطل وسخيف.

⭐ من مضار هذا الهوس المرضي على الانسان انه تجعله يستغرق الكثير من الوقت في البحث عن هذا الحجر او ذاك لتحقيق هدف من اهداف الاقتناء

ومن الامور الموروثة فيما يخص الاحجار هو خواتم ذات احجار معينة من شأنها تمنح الانسان الاسترخاء والراحة النفسية وتبعد عنه الهموم، وتضمن له نوماً هانئاً غير متقطع وغير ذلك من الامور التي انا شخصياً لا اعتقد بصحتها، والوم من يعول على احجار ليس لها قدرة في انقاذك او تغير شيء له، بينما يضع التوكل على الله جانباً ويغفل تأثيرها في حياة الانسان.

في سياق ما سبق يقول أستاذ علم الاجتماع في الجامعة المستنصرية ببغداد،  الدكتور (عبد الكريم جعو خلف) مفسراً اعتقاد الكثيرين بالقوى الخفية للأحجار بأن: “هذا الاعتقاد يدخل ضمن جانب الإدراك أو الشعور، وهو جانب نفسي ناتج عن موقف معين، ربما حصل مع شخص ما عن طريق الصدفة أو الحظ، أثناء حمل قلادة أو حجر معين، لكن هذا الموقف سرعان ما يكون له صدى كبير، وهذا من صنع المجتمع الفقير معرفياً”. من مضار هذا الهوس المرضي على الانسان انه تجعله يستغرق الكثير من الوقت في البحث عن هذا الحجر او ذاك لتحقيق هدف من اهداف الاقتناء، بالإضافة انفاق مبالغ كبيرة على شراء هذه الخواتم والمسابح والقلائد والتي قد يصل بعضها الى ملايين الدنانير، قبالة ذلك يقتر الكثير من هؤلاء المهوسون على عوائلهم وانفسهم ايضاً وهذا بحد ذاته ظلم للنفس والاهل يستدعي ان يحكم الانسان عقله ويتعامل مع هذا الهوس بذكاء للتخلص منه ومحو اثاره غير المريحة للنفس البشرية.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا