الإنسان في مراحل العمر المختلفة يحتاج إلى ثقافة الصبر، لأسباب كثيرة أهمها أن ما يخطط له الإنسان وما يطمح به لا يمكن أن يتحقق إلا في حالة تسلح هذا الإنسان بفضيلة الصبر، وهي من أعظم الفضائل التي يمكن من خلالها تجميع الفضائل كلها في شخصية الإنسان فكراً وسلوكا وإيمانا.
وكما يرى أهل التخصص فإن الصبر في المفهوم العام ببساطة هو الحبس والمنع، وهو حبس النفس عن الجزع، واثبت العلم الحديث ان للصبر فوائد جمة.
من الناحية العلمية الصبر هو حالة من القدرة على التحمل في ظل ظروف صعبة، والتي يمكن أن تعني المثابرة في مواجهة المصاعب وتحمل العناء للوصل إلى الهدف، والصبر كذلك هو الصمود المستمر على الأشياء المؤلمة نفسياً وتحملها بروح عالية ونفس طيبة، دون إظهار ملامح الاستياء والانفعال على الوجه، بحيث لا تكون مرئية أو محسوسة من قبل الاخرين وهو واجب عند المصائب، حيث لا يصح إظهار الجزع للآخرين.
⭐ من الناحية العلمية الصبر هو حالة من القدرة على التحمل في ظل ظروف صعبة، والتي يمكن أن تعني المثابرة في مواجهة المصاعب وتحمل العناء للوصل إلى الهدف
أما في علم النفس التطوري وفي علم الأعصاب المعرفي، عُرف الصبر على أنه اتخاذ القرارات تجاه المشكلة، التي تنطوي على اختيار مكافأة صغيرة في الأجل القصير، أو مكافأة أكثر قيمة على المدى الطويل، عندما يطرح هذا الاختيار على الإنسان، وجميع الحيوانات، وجد أنهم جميعاً يميلون إلى تفضيل المكافآت على المدى القصير على مكافآت على المدى الطويل، هذا على الرغم من الفوائد في كثير من الأحيان تكون أكبر في المكافآت المرتبطة بالمدى الطويل، وهذا يعود لطبيعة البشر التكوينية التي تستعجل الحصول على المكافأة.
السؤال الأهم متى يحتاج الشباب إلى ثقافة الصبر، ولماذا؟
في جواب الشق الأول من السؤال، يحتاج الشباب الصبر على نحو مستمر ودائم، لسبب واضح، أن التحديات التي يواجهها ليست بقليلة، بل هذه التحديات غالبا ما تكون صعبة ومعقدة، وتدفع بالشباب نحو حافة اليأس، وهذه النتيجة تؤذي الشاب وقد تحطم معنوياته، وربما تسلب منه الطموح وتدمر نشاطه المعنوي وبالتالي الفكري والسلوكي أيضا.
ثقافة الصبر هي الوسيلة الأقوى التي لابد أن يطورها الشاب في ذاته، بمعنى عليه أن يتعلم الصبر ويأخذه عن النموذج الذي يجده في بيئته الاجتماعية أو العملية أو الدراسية، لابد أن يكون هناك نموذج للشاب كأن يكون الأب أو الأخ الأكبر، هذا على صعيد العائلة، لكن قد يكون أستاذه ومعلمه في المدرسة نموذجه، وقد يكون الخطيب الفلاني أو رجل الدين نموذجا له، وهذا النموذج هو الذي يجعله أكثر صبرا وقدرة على مواجهة تحديات الحياة.
⭐ ثقافة الصبر هي الوسيلة الأقوى التي لابد أن يطورها الشاب في ذاته، بمعنى عليه أن يتعلم الصبر ويأخذه عن النموذج الذي يجده في بيئته الاجتماعية أو العملية أو الدراسية
وفي ظل الصعوبات الكثيرة، وندرة فرص (تحقيق الذات) وعدم وجود فرص عمل مناسبة للشباب، بالإضافة إلى الظروف الضاغطة عليهم، ومجموعة الاحباطات المتتالية التي تواجههم، لابد أن يكون الصبر مرافقا لهم بشكل دائم، والصبر يمكن أن يصبح ثقافة يعتادها الشاب وبتعلمها ويتقنها، لكي يواجه من خلالها ما يتعرض له من إحباطات متتالية.
لا يمكن أن يسمح الشاب لحالة الإحباط أن تسيطر عليه، ولا أن تسلبه قوة الطموح والتفكير والتخطيط، ولا يمكن للظروف العصيبة الاقتصادية أو سواها، أن تسلب من الشاب روحه الحيوية والنشاط النفسي والروحي والإيماني الذي يجب أن يتحلى به، وهذا كله يجب أن يكون مدعوما بثقافة الصبر، لأنها السبيل الأقوى لحماية الشاب من الانحدار إلى مستنقع اليأس، فحذارِ من السماح للقنوط أن يتفوق على صبرك، وحذارِ من السماح لقلة فرص العمل أن تقتل الأمل بحياة أفضل، وحذارِ من إطفاء الضوء البعيد الذي يمكن أن يبلغه الشاب إذا أتقن جيدا ثقافة الصبر وأحسن التمسك بها في الظروف العصيبة. وأخيرا لابد أننا كشباب سمعنا أو قرأنا القول المهم الذي نراه في بضع كلمات قليلة في عددها لكنها كبيرة وعظيمة في معناها وهي “من صبر ظفر”، هذه هي حقيقة الصبر، وهذه هي النتيجة التي يحصل عليها الشاب بعد اعتماده ثقافة الصبر، وتنمية هذه الثقافة في شخصيته تفكيراً وسلوكاً وقراراً أيضا، فمن يؤمن بأن الصبر يقوده إلى الظفر، سوف يفوز بما يطمح إليه لأنه تمسك بالصبر كثقافة وإيمان وسلوك.