للفرح مظاهر متعددة كما له اسباب مختلفة ايضاً، ويتعلق في احيان كثيرة، سبب الفرح بطبيعة مظهره على افراد المجتمع، او اصحاب الشأن، كون هذه الحالة النفسية ذات صلة بالعلاقات الاجتماعية، فمن يتزوج او يحرز النجاح في المدرسة او مسابقة رياضية او أي مجال آخر، يرغب بشدّة مشاركة الآخرين فرحته، إنما المشكلة تبدأ عندما تندفع النفس لإظهار الفرح خارج الأطر الاجتماعية والأخلاقية، مع استعداد هذه النفس بشكل كامل لضخ كم هائل من التبريرات لأعمال مثل رمي الرصاص في الهواء، او إطلاق المفرقعات بين المارة في الشوارع، أو رفع صوت الموسيقى والاغاني بشكل جنوني، على أنها لحظات نادرة “وليس كل يوم” وسط ظروف معيشية ضاغطة ومنغّصة طيلة أيام السنة بسبب الغلاء والشحّة والازمات في المجالات كافة، وإذن؛ فما نفعله ليس بالعمل القبيح، ولابأس به!
وعندما تكون الفرحة بنجاز رياضي يتعلق باسم العراق كله، كبلد وشعب، فمن الطبيعي أن تسري الفرحة في عروق كل عراقي غيور على بلده، كما يحصل في الانتصارات الرياضية لمنتخبنا الوطني لكرة القدم، وهو أمر مألوف في جميع بلدان العالم، فالفرحة هنا لن تنحصر في أحد عشر لاعباً في الساحة، ولا حتى بسائر أعضاء الفريق، ولا حتى بالمجتمع الرياضي ومحبي كرة القدم، بل حتى نجد الطفل الصغير، والرجل الطاعن في السنّ، والمرأة ايضاً، الجميع يشعرون بالغبطة والابتهاج لاحراز البطولة في مسابقة ما، او تحقيق فوز مهم.
⭐ حسناً فعل منتخبنا الوطني بوقفة حداد في بداية المبارايات مع قطر لإعلان الحزن والتعازي على أرواح ضحايا هذا الحادث المؤسف، والذي نرجو ان يكون درساً وعبرة لطريقة الفرح والابتهاج في حال إحراز منتخبنا الوطني للبطولة
كل هؤلاء يحبون أن تدوم فرحتهم من اللحظات الأولى لإعلان الفوز، وحتى ساعة خلودهم الى النوم، دون أن يُصاب أحد من الاطفال ببقايا الرصاص المتطاير في الجو في رأسه، و دون أن تفزع امرأة من أصوات المفرقعات العنيفة في الشوارع والاسواق، وحتى نزول المئات بسياراتهم ودراجاتهم في الشوارع والتسبب بعرقلة السير، او إغلاق الشارع على من له شغل ضروري، او مراجعة صحية طارئة.
المشجعون الذين كانوا على متن الحافلة المتوجهة الى البصرة وتعرضت لحادث سير مروّع، كانوا يمنون النفس بحضور مباريات منتخبهم الوطني لتشجيعه والتصفيق له، ثم الفرحة بفوزه على خصمه، ولم يكن يخطر ببالهم أن فرحتهم سينقلب عزاءً بوفاة عدد ممن كانوا في الحافلة، ومعظمهم من سكان قضاء سوق الشيوخ بمحافظة الناصرية. وحسناً فعل منتخبنا الوطني بوقفة حداد في بداية المبارايات مع قطر لإعلان الحزن والتعازي على أرواح ضحايا هذا الحادث المؤسف، والذي نرجو ان يكون درساً وعبرة لطريقة الفرح والابتهاج في حال إحراز منتخبنا الوطني للبطولة، وفي سائر المناسبات العامة والخاصة، بما يشمل جميع الناس، حتى الراقدين في المستشفى ونزلاء السجون، وبما لا يخدش مشاعر من هو في حالة عزاء او يعيش أزمة او مشكلة معينة، فالمشاعر الانسانية العامة أولى وأهم من مشاعر نفسية خاصة.