هل كان النبي، صلى الله عليه و آله وسلم، يُحب او يَحترم ابو لهب عمه؟
الجواب: يقيناً قطعاً لا، لكن ما السبب في ذلك؟
أليسَ هذا عمه وكما في المثل “العم والد” ألم يكن عليه ان يحترمه لكبر سنه او لقرابته لنسبيه؟
يرجع ذلك للمعيار الذي كان يعتمده النبي، صلى الله عليه و آله، في تقييم الناس و درجة كل منهم لديه، فمن كان قريب من الله فهو قريب من الرسول، صلى الله عليه وآله، ومن كان يعادي الله فهو عدو الرسول لا ريب في ذلك: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}.
فكيف للرسول، صلى الله عليه و آله، ان يُحب من ذمه القرآن؟
وهنا التفاته؛ ان الله لم يجامل رسوله في العاصين المفسدين، فهذا عم رسوله لكن القرآن ذكره وأخرجه من رحمة الله و ابو لهب يُلعن على ألسنة الناس الى يوم القيامة، ونحن بعد اكثر من ١٤٠٠ سنة نتلوا هذه الآية: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}.
فتعامل النبي، صلى الله عليه و آله، نابع من عمق رسالته فتعاملاته وحركاته و سكناته منسجمة مع القرآن بل مطبقة ومترجمة له، ومن هنا نفهم ان تعامل النبي، صلى الله عليه وآله، مع فاطمة، عليها السلام، لم يكن مبالغاً فيه كونها ابنته مثلاً، او كونها يتيمة الأم، او كونها البنت الوحيدة، فهذا النبي الذائب في رسالته وكما وصفه القرآن الكريم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ}.
كان حبه لفاطمة، عليها السلام، واحترامه لها كونها صديقة عالمة غير معلمة، كونها رسالية الوجود والاهداف، كونها مؤمنة متقية عابدة زاهدة، فلقربها وعظمة منزلتها عند الله جاءت الكثير من الروايات تذكر احترام الرسول، صلى الله عليه وآله، لفاطمة، عليها السلام، روي عن عائشة أنها قالت: “إن فاطمة، عليها السلام، كانت إذا دخلت على رسول الله، صلى الله عليه وآله، قام لها من مجلسه وقبّل رأسها وأجلسها مجلسه، وإذا جاء إليها لقيته وقبل كل واحد منهما صاحبه وجلسا معاً”.(صحيح البخاري).
⭐ كان حبه لفاطمة، عليها السلام، واحترامه لها كونها صديقة عالمة غير معلمة، كونها رسالية الوجود والاهداف
وهذا الفعل النبوي يدل بوضوح على أن محلها من النبوة مقامها عن ابيها، وروي عن ابن عمر، أنه قال: كان النبي، صلى الله عليه وآله، إذا أراد سفراً كان آخر الناس عهداً بفاطمة، عليها السلام، وإذا قدم كان أول الناس عهداً بفاطمة عليها السلام”. (المناقب).
“ولو لم يكن لها عند الله ـ تعالى ـ فضل عظيم لم يكن رسول الله، صلى الله عليه وآله، يفعل معها ذلك إذ كانت من ولده، وقد أمر الله بتعظيم الولد للوالد ــ لا العكس ــ ولا يجوز أن يفعل معها ذلك وهو بضد ما أمر به أمته عن الله تعالى”.(بحار الأنوار).
وعن أبي سعيد الخدري، قال: كانت فاطمة من أعز الناس على رسول الله، فدخل عليها يوماً وهي تصلي فسمعت كلام رسول الله، صلى الله عليه وآله، في رحلها فقطعت صلاتها وخرجت من المصلى فسلمت عليه فمسح يده على رأسها، وقال: “يا بنية كيف أمسيت رحم الله عيشنا، غفر الله لك وقد فعل”. (المناقب).
وروي: “أن النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” كان لا ينام حتى يقبل فاطمة”.(بحار الأنوار).
و رويَ عن رسول الله، صلى الله عليه وآله، انه قال :”وأما ابنتي فاطمة فانها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة مني، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روح التي بين جنبي، وهي الحوراء الإنسية متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض ويقول الله عز وجل لملائكته: يا ملائكتي، أنظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي، قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت على عبادتي أشهدكم إني قد آمنت شيعتها من النار”.(الآمالي).
وعن مجاهد، أنه قال: خرج رسول الله، صلى الله عليه وآله وقد أخذ بيد فاطمة، عليها السلام، وقال: “من عرف هذه فقد عرفها، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد، صلى الله عليه وآله، وهي بضعة مني، وهي قلبي وروحي التي بين جنبي، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله”. (كتاب الفصول المهمة).
وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب “عليه السلام، عن فاطمة، عليها السلام،
قالت: قال: لي رسول الله، صلى الله عليه وآله،: “يا فاطمة من صلى عليك غفر الله له وألحقه بي حيث كنت من الجنة”. (موسوعة احاديث اهل البيت). اللهم صلى وسلم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها.