يقول أميرالمؤمنين، عليه السلام: “فعل الخير ذخيرة باقية، وثمرة زاكية” .(غرر الحكم: ٦٥٤٥، ٦١٥١).
حين قرأت هذا القول المبارك لامير المؤمنين سلام الله عليه، ايقنت مدى خسارة البعض لهذه النعمة التي لا تقدر بثمن، وهي فعل الخير، والتي تعد احد الكنوز والذخائر للإنسان في حياته وبعد مماته.
فهناك حقيقة اشخاص تعاملت معهم، مقتنعين تماما انهم اذا شاهدوا شخصاً يفعل خيراً لاحدهم، يصفونه بالمتملق، أي انه يفعل ذلك لاجل مصلحة ومنفعة، وخوفا من تلك الصفة لا يبادرون باي فعل او قول يدل على الخير!
أنا لا انكر ان البعض هكذا، اعتماداً على صفات ذلك الشخص المعروف لدى الجميع (بـالمصلحجي) كما يسمونه شعبيا، ولكن علينا ان نحسن الظن بالاخرين لانه لا يعلم خفايا النفوس غير بارئها.
⭐ تعد أعمال الخير من أفضل الأعمال التي يقوم بها الإنسان في حياته، ومن أحبّها إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ
حيث تعد أعمال الخير من أفضل الأعمال التي يقوم بها الإنسان في حياته، ومن أحبّها إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ، والدليل على ذلك ان فاعل الخير خُصّ بالعديد من الحسنات وبمنازل خاصة في الجنة.
- فما معنى عمل الخير؟
عمل الخير: هو كل عمل يقوم بهِ الإنسان دون أن ينتظر أي رد أو شكر أو مكسب مادي، كأن يقدم المساعدة للفقراء والمحتاجين، أو أن يُعين إنسان يُعاني من مشكلةٍ ما في الحياة.
- وما هي فوائده على الفرد والمجتمع؟
1- نيل رضا الله ومحبتهِ.
2- نيل محبة الناس.
3- يُعزّز قيم المحبة والتكافل في المجتمع.
4- يُقوي العلاقات بين البشر.
5- يُساهم في بقاء الأمم.
6- تنقية النفس البشرية.
7- القضاء على أمراض المجتمع.
8- زيادة قوّة المجتمع.
إيجابيات عديدة نحصدها اذا فعلنا الخيرعن قناعة وايمان بنتائجه، ولكن هل يجب ان يتصف بشروط معينة لكي يحقق أهدافه المنشودة؟
الجواب هو نعم، فثمة شروط مهمة جدا يجب تطبيقها حرفيا ليرتقي هذا العمل الى خانة القبول والرضا لدى الله ـ عز وجل ـ وتتمثل بالاتي:
1- أن يكون فعل الخير خالصًا لوجه الله ـ سبحانهُ وتعالى ـ.
2- الإلتزام بالضوابط الشرعيّة.
3- النية الصادقة.
وفعل الخير لا يقتصر على بذل المال وانفاق الطعام والشراب فقط كما نتصور، وإنما هناك أوجه عديدة لا حصر لها، واحيانا نحن نفعلها انطلاقا من فطرتنا، ولا نعلم انها تندرج ضمن هذا المفهوم، منها إكرام الضيف واستقباله بوجهٍ مبتسم وبضيافةٍ تليق به، وتقديم المساعدة المعنوية، وبث الأفكار الإيجابية والتشجيع على القيام بأعمال الخير؛ كونها تسهم في غرس المحبة بين البشر، والعمل بكل جهدٍ للإصلاح بين الأشخاص المُتخاصمين وحل خلافاتهم بطريقةٍ سلميّة، وصلة الارحام وزيارة الأقارب بشكلٍ دائم، والسؤال عن أحوالهم واحتياجاتهم.
ولم يزل اهل البيت عليهم السلام، يحثون الناس على فعل الخير، لما له من أثر كبير في صلاح النفس، وفاعل الخير إنسان موفق، وقد فضله الله على غيره إذ به يقضي حوائج الناس.
⭐ لم يزل اهل البيت عليهم السلام، يحثون الناس على فعل الخير، لما له من أثر كبير في صلاح النفس، وفاعل الخير إنسان موفق، وقد فضله الله على غيره إذ به يقضي حوائج الناس
قال أمير المؤمنين، عليه السلام: “افْعَلُوا الْخَيْرَ ولَا تَحْقِرُوا مِنْه شَيْئاً، فَإِنَّ صَغِيرَه كَبِيرٌ وقَلِيلَه كَثِيرٌ، ولَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنَّ أَحَداً أَوْلَى بِفِعْلِ الْخَيْرِ مِنِّي، فَيَكُونَ والله كَذَلِكَ إِنَّ لِلْخَيْرِ والشَّرِّ أَهْلًا فَمَهْمَا تَرَكْتُمُوه مِنْهُمَا كَفَاكُمُوه أَهْلُه”. – نهج البلاغة، الحكمة: 422، ص551.
حكمة بالغة قدمها لنا الإمام (عليه السلام) وتتضمن محورين مهمين جدا
- المحور الأول: النهي عن تحقير فعل الخير وإن كان قليلاً
فمهما يكن الخير قليلا أو كثيرا فهو خير عند الله، وإذا صار القليل بعين الله كثير فهو بالتأكيد سيكون كبيراَ بعين الناس أيضاً.
ومما لا شك فيه فنحن لا نعلم أي شيء يرضي الله، فلعل خير قليل نعمله بنية صادقة يعظم عند الله فيكون كثيرا، والعكس لعل عمل يعجب صاحبه فبذلك العجب يذهب خيره.
- المحور الثاني: للخير أهل وللشر أهل
فمن أحب الدنيا وانشغل فيها كان له شيطان يمنعه من فعل الخير لذا لا بد من الاستكثار من عمل الخير والاسراع في انجازه لكي لا تفوت الفرصة، فالخير ثقيل على أهل الدنيا وإن كان عملا سهلاً، وإنه خفيف على أهله وإن كان صعبا شاقا؛ لأن الله يوفق صاحبه، والتوفيق لا يأتي إلا من حسن النية لذلك صار فعل الخير كبيرا عند الله. اذن؛ فإنّ فعل الخير يُسهم في بناء المجتمع، من خلال زرع المحبة والتعاطف بين افراده، كما ويُسهم في رفع منزلة المؤمن في الجنة وزيادة حسناتهِ عند الله سبحانهُ وتعالى، فسارعوا الى عمل الخيرات بكل ثقة وإرادة بأنها تجارة رابحة، فلن يكون مصيرها غير مثمر كما يزعم المثل الشعبي (سوي خير واشمر بالشط).