هل الحب هو المودة أم هناك فرق بينهما؟
أجاب الرسول، صلى الله عليه وآله، عندما سُئل عن أجر الرسالة : {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}
لماذا لم يقل: إلا الحب في القربى؟
الحب هو: انجذاب المحب للمحبوب لكمال يراه فيه .
أما المودة: فهي أخصُّ من الحب وهي: إظهار هذا الحب والانجذاب عن طريق الأقوال والأفعال والسلوك، فلو رأينا الامام الحجة، عجل الله فرجه، لخفق قلبنا وقلنا: روحي فداك يا مولاي.
ويعرفها الطباطبائي، صاحب تفسير الميزان: “بالحب الظاهر أثره في مقام العمل” .
⭐ لابد من التعبير عن الحب وتفعيله بطريقة ما ليعلم المحبوب بهذا الحب ولا يبقى رهين القلب
ربما يدعي مدعٍ أن المتدينين أو أهل العمائم يحاربون الحب، ولكن الامام الخميني(قدس سره)، وكثير من علمائنا أثبتوا عكس ذلك من خلال تصرفاتهم وكلماتهم، ففي أيام سفره قال الامام الخميني لزوجته:”جعلت فداء لك وصدقة تدفع عنك، ان الزمان الذي أبعدني عن النور العزيز لكياني وعن غذاء قلبي قد صيرني ذاكرا لك وقد نقش صورتك الحلوة الى مرآة قلبي”.
- لغات الحب
اذا لابد من التعبير عن الحب وتفعيله بطريقة ما ليعلم المحبوب بهذا الحب ولايبقى رهين القلب، وهناك خمس لغات للتعبير عن الحب، كل منا يفضل واحدة منها أكثر من الاربعة البقية وهي :
١- تقديم الهدايا: قال الرسول الكريم، صلى الله عليه وآله: “تهادوا تحابوا”.
٢- الوقت النوعي: وهو تقديم الوقت لمن نحب بدون أي شاغل يشغلنا عنه .
٣- المساعدة: كثير منا لا يعرف التعبير إلا بتقديم الخدمة لمن يحب ومساعدته في أعماله .
٤- التلامس الجسدي: كالمصافحة والتربيت على الكتف، وضع الرأس في الحجر، التقبيل، يقول رسول الله، صلى الله عليه وآله: “من قبّل ولده كتب الله له حسنة ومن فرحه فرحه الله يوم القيامة”.
٥- كلمات التشجيع: فكما يعوّد الشخص نفسه في بعض الاحيان على الكلمات السلبية، يستطيع تعويد نفسه على التكلم بكل ماهو لطيف ومشجع، ليس المطلوب أن يكذب يمدح الشخص المقابل بما هو غير موجود فيه، بل أن يتدرب على الكلام اللطيف ولمس كل ما هو ايجابي في الشخص المقابل .
- معنى الرحمة وسبب عطفها على المودة
قال تعالى : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، هنا ذكر المودة وعطف عليها الرحمة كوصفةٍ سحريةٍ للعلاقة بين الزوجين، فما معنى الرحمة؟
قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}
وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.
الله ـ عزوجل ـ وصف نفسه بآية في بداية كل سورة من كتابه العزيز بالرحمن الرحيم، ليخبرنا بأن الرحمة مفتاح عظيم للوجود، والكون، والحياة بكل ما فيها، فكلما اتصفنا بالرحمة كلما كنا أقرب الى الله ـ تعالى ـ، والرحمن ألطافه وفيضه -عزوجل- على كل شيء من حجر، وشجر وارض..، على كل شخص مؤمنا كان أو كافراً، أما الرحيم فهي التي يختص بها المؤمنين فقط، وهذه الرحمة تسري من الله ـ تعالى ـ لأنبيائه ورسله ومنهم لعباده ومنهم لكل المخلوقات، وفي مابيننا كبشر .
⭐ لم تنادِ الزهراءُ أميرَ المؤمنين، عليهما السلام، في حضور الآخرين إلا بأبي الحسن، يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: “وقد كنت أنظر اليها فتنكشف عني الهموم والأحزان”
والرحمة لغويا هي: رقة القلب لضعف ونقص يراه في المحبوب فيتغافل، ويتغاضى عن أخطائه وعيوبه .
ولكن رحمة الله لا يكون فيها انفعال مثل رقة القلب، أو غيره بل هو الغني الذي يرأف بعباده لضعفهم ونقصهم، فيُنزل عليهم من رحمته وفضله وعطائه، على جميع الاصعدة والنواحي، ففي أصالة الطهارة رحمة، وأصالة الاباحة رحمة، وتكوينياً في تسخير الارض والسماء والهواء للانسان رحمة أيضا، وفقهيا، وفي في كل ماخلقه وسخره وسنه رحمة .
والآية أشارت لعلاقة مهمة في عطف المودة على الرحمة، فكل منهما يكمّل الآخر؛ فالانسان كإنسان فقير محتاج فيه جانبي الكمال والنقص، فلو ركزنا النظر والفكر على أحدهما لم تتزن العلاقة ولم تتكامل، بل في كثير من الحالات تشبُّ المشكلات وتتفاقم، فليقابل كل شخص جهة الكمال بالمودة وجهة النقص بالرحمة .
- البيت العلوي النموذج الأمثل والأكمل للمودة والرحمة
لم تنادِ الزهراءُ أميرَ المؤمنين، عليهما السلام، في حضور الآخرين إلا بأبي الحسن، يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: “وقد كنت أنظر اليها فتنكشف عني الهموم والأحزان”، وهي تقول، عليها السلام: “ما عهدتني كاذبة ولاخائنة ولاخالفتك منذ عرفتك”.
فأجابها: “أنت أبرُّ وأتقى من أن أوبخك في شيء من ذلك.” دعاها، عليه السلام: “بنعم العون على طاعة الله، ودعته: “بخير بعل”.